لم تشغل أي امرأة عاملة الرأي العام في البلدان الإسكندنافية مثلما شغلته عائشة علي محمد المنحدرة من الصومال، والتي تشتغل كأول سائقة مسلمة من أصول أجنبية لحافلة لنقل الركاب في النرويج.
فقد اعتبرها سكان المنطقة الإسكندنافية، التي تتكون على الخصوص من النرويج والسويد والدنمرك وفنلندا وأيسلندا، مثالاً يحتذى في الاندماج الواعي والمسؤول لمواطنة أتت لاجئة من بلادها لتندمج بسرعة وتقبل أن تشتغل سائقة لنقل المواطنين داخل العاصمة النرويجية أوسلو.
وكان الاهتمام الأبرز هو ما عبرت عنه رئيسة وزراء النرويج، إيرنا سولبيرغ حينما تطرقت إلى هذه التجربة خلال خطاب رأس السنة الجديدة الذي توجهت به إلى الشعب النرويجي بكامله.
وجاء تصريح رئيسة الوزراء النرويجية، من خلال الإحالة على نموذج عائشة علي محمد، 34 سنة، من أجل التشجيع على إظهار الاندماج في البلاد بين مختلف الروافد الثقافية والإثنية.
وعبرت عائشة علي محمد عن فخرها وسعادتها بهذه الشهادة، التي اطلع عليها كل الرأي العام النرويجي، الذي كان مشدودًا إلى جهاز التلفاز للتعرف على خطاب رئيسة الوزراء.
وقالت: «لا أستطيع أن أقول إلا شكرًا لرئيسة الوزراء، ليس هناك الكثير من الناس الذين يحظون بمثل هذا التشريف».
وتقول عائشة علي محمد عن نفسها، إنها كانت تطمح في صغرها، حينما كانت تعيش في مقديشيو، أن تصبح سائقة لحافلة ركاب؛ لأنها تعتبر ذلك متعة، إلا أن واقع بلادها الأصلية كانت مزريًا، وتقاليد أهلها لا تسمح بمثل هذه الوظائف للنساء.
واعتبرت أن النرويج حققت لها حلمها وأن تصبح أول مسلمة أجنبية تعمل في هذا الميدان الذي لا يلجه أبناء بلادها الأصليين بفعل التقاليد.
وأكدت عائشة، وهي الوحيدة بين خمسة أشقاء، أنها لم يكن لديها خيارات أخرى بعد أن وصلت مع عائلتها إلى النرويج خلال سنة 2002، سوى العمل وتحقيق نجاحات في الحياة، وأبرزت أنها خاضت تجارب شغل أخرى قبل أن تتعلم اللغة النرويجية والحصول على رخصة السواقة في وقت قصير بفعل اجتهادها ومثابرتها.
وأكدت أن الساعات الخمس التي تعملها يوميًا لا تؤثر على وظيفة الأمومة لديها، من حيث مرافقتها لأبنائها إلى المدرسة، وتوفير العناية الخاصة التي يحتاجونها في المنزل والخارج.
صحافة النرويج والبلدان الإسكندنافية، رأت في عمل عائشة علي محمد تحديًا ونموذجًا للاندماج السريع بدون خلفيات، خاصة أنها متشبثة بقيمها وتقاليدها، من خلال ارتداء الحجاب والتحلي بالخلق الحسن، وهي ترحب بابتسامة غامرة بركاب الحافلة الحضرية المتوجهة من مورتنسرود إلى فيكا بالعاصمة النرويجية أوسلو، لكي تجلب بعض الفرح للذين كان يومهم سيئًا، وتشعرهم بالأمل.
ويشعر ركاب الحافلة بالأمان وهم يتنقلون تحت قيادة عائشة التي لا تفارق الابتسامة محياها، وتظهر عليها الجدية في العمل، والحرص على سلامة زبائن الحافلات التي يستعملها النرويجيون بكثرة.
ورغم كونها متزوجة وأم لثلاثة أطفال تتحمل مسؤولية تربيتهم، فإنها غامرت بكل وقتها وجهدها من أجل إثبات ذاتها، في فضاء غربي يسمح لها بممارسة كل الأعمال التي ترغب فيها.
وأشارت صحافة البلدان الإسكندنافية إلى أنها من بين الصوماليات القلائل اللواتي يعملن خارج البيت في هذا البلد الإسكندنافي، خاصة أن هناك ثقافة شائعة بأنه على المرأة أن تهتم بشؤون بيتها فقط دون تجاوز دورها المنوط بها.
وأبرزت عائشة أن العديد من النساء الصوماليات يرغبن في خوض نفس تجربتها، بعدما رأوا النجاح الذي حققته على الصعيدين المهني والأسري.