يواجه بعضُ الأزواج، وفي إثر الإنجاب مرّة أو مرّتين، صعوبةً في إعادة الكرّة. الحالة،التي يُطلق الأطباء عليها تسمية "العقم الموقت" أو "العقم الثانوي". وإذ تتعدّد الأسباب المسؤولةُ عن هذا النوع من العقم الثانوي، وبعضها يخصّ الذكور، والآخر الإناث، يتصدّر تقدّم الزوجين في السن هذه الأسباب، ولا سيما تجاوز المرأة سن الخامسة والثلاثين.
يعرّف الاختصاصيّ في الجراحة النسائية والتوليد الدكتور وليد عدنان الغطمي" "العقم الثانوي"، بـ "حالةٍ من تأخّر الإنجاب، يتمّ اكتشافها في إثر سنةٍ أو أكثرَ من إنجاب المرأة طفلَها الأوّلَ أو الثاني، وذلك على الرغم من عدم استخدام أيّ موانع للحمل". ويشرح لـ"سيدتي نت"، أنَّ "الخصوبة تبلغ ذِروتها عند المرأة في سنّ العشرين، لتنخفضَ تدريجيًّا منذ سنّ الـثلاثين. أمّا بعد الخامسة والثلاثين، فتتراجع خصوبة المرأة بشكلٍ كبير من جرّاء شيخوخة المَبيض". ويضيف، قائلًا: "إنَّ الحيوانات المنويةَ عند الرجال، تقلّ مع التقدّم في السن ايضاً، وهذا ما يفسّر أنّ السببَ الأبرزَ للعقم الثانوي يتعلّق بسنّ الثنائي".
أسباب"أنثويّة"
تقدُّمُ المرأة في السن، يعدّ عاملاً رئيساً في ضعف خصوبتها، ما يزيد من صعوبة الحمل. وتتوجّه أصابعُ الاتهام أيضًا إلى الأسباب الآتية:
_ الالتصاقاتُ في جدار الرحم من جرّاء عدوى في بِطانة الرحم حدثت بعد الحمل الأوّل، أو خضوع المرأة لجراحةٍ معيّنة (الإجهاض، أو استئصال الزائدة الدودية...).
_ الالتصاقاتُ أو انسدادُ قناتي فالوب (عددهما اثنتان؛ كلّ منهما تربط بين المَبيض والرحِم، ومن خلالهما يتّم التلقيح). يحدث الانسداد عقب التعرّض لحمل خارج الرحم في القناة نفسها، أو لجراحةٍ تسبّبت ببعض الالتصاقات.
_ الليفة في عضَلة الرحم.
_ اللحميّة في الرحم.
_ الاضطربات الهرمونية، كالزيادة أو النقص في هرمون الحليب (برولاكتين)، ما يخربط الطمث والتبويض، وبالتالي يمنع حدوث الحمل مجدّدًا.
_ الاضطرابات في الغدّة الدرقية.
_ فرط نشاط الغدّة النُخامية.
_ الضَعف في كفاءة المبيضين، من جرّاء استعمال وسائل منع الحمل طويلًا.
_ التراجع في مخزون المَبيض.
_ الضَعف في جهاز المناعة، والمسؤول عن الإضرار بالمبيضين، وكذلك خفوض مستوى هرمون "إستروجين"، فيرفض الجسم الجنين.
أسباب "ذكوريّة"
يبلغ عددُ الحيوانات المنَويّة،التي تؤدي إلى الإنجاب، 15 مليون حيوان منَوي. وكلّما قلّ العددُ المذكور، كلّما قلّت الخصوبة. وتتمثّل الأسبابُ المسؤولة عن العقم الثانوي لدى الرجال، في:
_ الارتفاع في نسبة هرمون الحليب، ما يعوّق عمل الغدّة النخامية، ويحول دون إنتاج الخصيتين الحيوانات المنَوية.
_ اعتلالُ خصوبة الرجل، اي اختلال تكوّن النُطف (المنيّ)، وضَعف الحيوانات المنوية نوعًا وكمًّا.
_ الإصابة بدوالي الخصيتين.
_ الالتهاب في الأعضاء التناسليّة، ما يُضرّ بجودة الحيوانات المنوية ويعيق القنوات المنوية عن أداء عملها.
_ تضرّر الخصية، أو كلتاهما.
_ الاضطرابات في الغدّة النخامية، المسؤولة عن إعطاء الأوامر للخصيتين.
_ القذفُ التراجعيُّ للحيوانات المنَوية؛ بحيث تصرف الحيوانات المنوية في المثانة، وذلك من جرّاء الخضوع لجراحة في البروستات.
_ الإصابة بالاتهابات.
_ ضَعف إنتاج الحيوانات المنَويّة من جرّاء الإصابة ببعض الأمراض.
_ لزوجةُ السائل المنَوي، ما يقلّل من فرص وصوله للبويضة.
فحوص للزوجين
يوصي د. غطمي بضرورة إجراء الفحوص اللازمة لتشخيص العقم الثانوي، والمتمثّلة بالآتي:
• لدى النساء:فحصُ مسحةِ عُنُق الرحم بانتظام، وعملُ منظارٍ للرحم، للتأكّد من عدم وجود التصاقات،وكذلك لاكتشاف أيّ التهابات داخل الرحم، وعمل أشعّة صبغية لتحديد سلامة قناتي فالوب، وفحص الإباضة للتعرّف إلى مستوى الهورمونات في الدم، خصوصًا لدى اللاتي يعانينَ من انعدام الإباضة، أو عدم انتظام هذه العمليّة. ومن الضروري فحصُ هرمون "ملوتن" الذي تُفرزه الغدّة النُخامية، فهو يعدّ رئيسًا في مرحلة التبويض.
• لدى الرجال:فحص هرمون "ملوتن" الذي يلعب دورًا مهمًّا في إفراز هرمونات الذكورة من الخصيتين، وتحليل نسبة الحيوانات المنَوية وضَعف الحركة للنُطف (المني).
التخصيب المخبري للحالات المعقدة
1. في العقم الثانوي، يتحدّد علاج المرأة وفق الحالة المُسبّبة. علمًا بأنّ بعض العلاجات يُعيد تنظيمَ النشاط الهرموني، ما يقود إلى عمليّةِ إباضةٍ سليمة. وفي بعض الحالات،لا مناص من التدخّل الجراحي.
تجدر الإشارة إلى أنّ بعض الحالات المعقّدة يتطلّب التخصيبَ المخبريَّ (الأنابيب).
2. يقتصر علاج العقم الثانوي عند الرجل،على تعاطي بعض العقاقير. وفي الحالات المتقدّمة، قد يتطلّب العلاج إزالةَ دوالي الخِصية، أو استئصالَ بعض الأجزاء الملتصِقة التي تعيق خروج الحيوانات المنوية.