أقيمت مؤخرًا في لندن احتفالية ببلوغ أول رائدة فضائية- فالنتينا تريشكوفا- عامها الثمانين، وسألها روجر هايفيلد- مدير الشؤون الخارجية بالمتحف العلمي.. ممازحًا: «ما رأيك في رحلة إلى المريخ، ذهابًا بلا عودة؟»، أجابت ضاحكة: «من غير تردد.. بالتأكيد موافقة».
ذكرت التايمز اللندية- التي نقلت صورًا من الاحتفالية، التي أقيمت ضمن فعاليات معرض الفضاء في المتحف العلمي بلندن- أن تريشكوفا بدت واثقة من نفسها، قفزت بحيوية إلى خشبة المسرح لتحيي إيان بلاتشفورد- مدير المتحف، على تنظيمه تلك الاحتفالية لها.
شاهدت مركبتها «فوستوك6»، التي دارت بها حول الأرض- منذ 54 عامًا- 48 دورة في 3 أيام، فصاحت: «أهلاً حبيبتي»، ثم احتضنت جدارها المطلي بعازل حراري وقالت: «أنت أجمل صديق لي في الفضاء، كنت أشعر أنني في صحبة رجل يعتمد عليه في مغامرة غير مسبوقة».
عن أسرار تعلقها بالفضاء، تحكي: «كنت مفتونة بجاجارين، مواطني الذي سبقني إلى الفضاء بعامين، جلست على ضفاف الفولجا أتخيل نفسي أقود مركبة فضائية خارج نطاق الأرض، التحقت بفرقة المظلات النسائية، في سن 22 التحقت بنادي الطيران في موسكو عام 1959م، وسجلت 120 قفزة بالباراشوت، توسم فيَّ مسؤولو البرنامج الفضائي السوفيتي الجرأة، كنت أقفز من الطائرة قبل أن أتلقى الأمر».
عن شعورها وهي تدخل قمرة القيادة بالمركبة، تضيف: «صبيحة 16 يونيو 1963م، ركبت وطاقم الخدمات الحافلة إلى منصة الإطلاق، وقفت مزهوة ببذلتي الفضائية برتقالية اللون، ورحت أقبل المركبة العجيبة التي تأخذني بعيدًا عن الأرض، لأدخل التاريخ وأحقق حلمي في خلافة جاجارين، وفي ريادة نساء العالم إلى الفضاء».
تتابع: «بعد التأكد من عمل أجهزة الاتصال، وأجهزة الإنقاذ، اتخذت مكاني ككائن فضائي، لم أعد أشعر بالخوف، فقط جنون الإثارة والمغامرة، صرخت من أعماقي.. «مرحبًا أيتها السماء، قادمة أنا إليك لأراك عن قرب»، ثم غنيت.. «أنا طائر النورس»، ابتعدت عن الأرض رويدًا رويدًا، عيناي معلقة بها، أناظرها عبر الكوة، أمنا الأرض غاية في الروعة والجمال، اخترقت هالات السحب الزرقاء، لأخترق طبقات معتمة، رأيت الأفق، يا له من منظر بديع».
من متاعب الرحلة.. «أن السماعة والخوذة والكرسي ذاتها، كلها كانت غير مريحة لي، كنت أستمع إلى الأغاني لأتغلب على الألم، حدث عطل فني في التوجيه فابتعدت عن المسار، صمموها للانطلاق ونسوا تجهيزات الهبوط، حاولت السيطرة على المركبة حتى هبطت بسلام، كنت أدعو الله ألا أهبط في البحر، بمجرد دخولي مجال الأرض ارتفعت حرارة المركبة إلى 1500 درجة مئوية، خلال 16 دقيقة انخفضت تدريجيًا، قلدت جاجارين وشغلت القاذف على ارتفاع يزيد عن 4 أميال، انفرد الباراشوت، حملني والمركبة وهبطت في شاطئ بمنطقة ألتيا (روسيا الاتحادية الآن)، وليس في كازاخستان كما كان مقررًا، ثم نلت لقب «بطلة الاتحاد السوفيتي»، وتقلدت وسام «لينين».
العجيب أن «أمي- عاملة النسيج- لم تدر أن ابنتها رائدة فضاء إلا من الجيران، راحوا يهنئونها ..«ابنتك رائدة فضاء»، واصطحبوها لتراني في التلفاز وأنا أخرج من المركبة والعدسات تصورني فور عودتي إلى الأرض».
يذكر أن الولايات المتحدة لم ترسل رائدة فضاء إلا في العام 1983م، وكانت الفيزيائية سالي ريد، في المركبة المدارية «تشالينجر».