كم هو جميل أن تسترجع ذكريات الطفولة الجميلة. فتعالوا معنا نرى مرآة «سفير الألحان» فايز السعيد الذي أحبّ وعشق رؤية القارب، الذي أمضى فيه ذكريات صباه، والذي يرى أنه المنفذ الوحيد لترتيب أفكاره ومستقبله، حيث أخذنا السعيد إلى مكان له فيه ذكريات حزينة ومفرحة، وهو في منطقة الخور وكشف لنا حصرياً لماذا كان يذهب إلى ذاك المكان؟ كما أخذنا معه إلى أجمل ذكريات الطفولة التي تمثّلت في شقاوته، والمقالب التي كان يفتعلها في شقيقه راشد.
بدأنا معه عن ذكريات طفولته، إذ كان طفلاً شقيّاً جداً، على حدّ تعبيره، حيث تحدّث قائلاً: «كنت دائماً أرتدي «الشورت الرياضي» فقط، وأسير هكذا في المنزل، وذات مرّة تسبّبت في فوضى وضوضاء في حوش المنزل، فضربني والدي «علقة ساخنة» بخرطوم المياه».
أقنعتــه بـأن الدواء شوكولاتــة
وتابع: «كنت أفتعل المقالب في شقيقي راشد، وذات مرّة حين كان عمري نحو ست سنوات، وكان والدي لديه مشكلة في المعدة ويتناول حبوباً «مليّنة» تشبه الشوكولاتة، أخذتها وأعطيتها لراشد وأقنعته بأنها شوكولاتة لذيذة جداً، وإذا أكلها فسيصبح قوياً، وبما أنني شقيقه الأكبر استمع «المسكين» إلى كلامي، وأكل منها كميّة كبيرة، وبعدها لم يتوقّف «الإسهال» إلى درجة أنه لم يستطع الذهاب إلى المدرسة».
أكبر عقاب
أضاف فايز: «من ضمن المقالب التي نالها راشد، عندما كانت سيارة والدي في موقف المنزل، وكان الباب مفتوحاً، فقال لي أريد قيادتها، فشرحت له كيف يقودها على الرغم من أننا كنا لا نحمل رخصة قيادة، إذ كنا في الرابعة عشر عاماً، وبالفعل أحضر المفاتيح وحاول قيادة السيارة، لكنه فعل عكس ما شرحت له إذ زاد السرعة كثيراً على دوّاسة البنزين، فاصطدم في الحائط. ووقع جدار المنزل على السيارة، فأخذ راشد يبكي. أما أنا فهربت خوفاً من العقاب، وأخذ والدي يبحث عني ليعاقبني، ولكنني كنت أختبئ في منزل شقيقتي أحتمي فيها. وبعد رحلة بحث كبيرة عني وجدني، وأرجعني إلى المنزل، ووقتها «أخذت علقة» لم أستطع نسيانها إلى وقتنا هذا». واستطرد: «إلى وقتنا هذا يتذكّر راشد ما كنت أفعله فيه من مقالب، فهي ذكريات جميلة، وراشد أحبّه وأحترمه؛ وله معزّة خاصة في قلبي، ووقف إلى جانبي في مشواري الفني، وساندني كثيراً، والآن عليه كل العبء في الاستوديو».
من هنا بدأ المشوار
«سفير الألحان» قبل أن يكون فناناً وملحّناً كان يقيم في خورفكان، وفي عام 1990 أراد أن يعتمد على ذاته، فغادر خورفكان؛ نظراً لأنها منطقة صغيرة ولا يوجد المزيد من فرص العمل هناك على حدّ قوله، وجاء إلى دبي حيث أقام لفترة صغيرة جداً في الشارقة، ثم انتقل إلى منطقة بر دبي. ومن هنا بدأ مشوار حياته «بحلوِها ومرّها» وراح يروي قصته قائلاً: «كنت أعمل في مجال بعيد عن الفن، فقد كنت موظفاً في الدفاع، وأسكن في شقة صغيرة في منطقة بر دبي، وكان المتنفّس الوحيد لديّ هو خروجي من البيت في وقت الغروب سيراً على قدميّ لمدة 15 دقيقة إلى أن أصل عند مرسى السفن في منطقة الخور، وأركب قارباً ليأخذني إلى البر الآخر، وهو منطقة ديرة، وكنت أشعر بالسعادة؛ لأني بطبيعتي من عشّاق البحر».
وأضاف: «هذا المكان كما ترين فيه هدوء وسكينة؛ فالعمل وزحمة الناس لا تنتهي، وهذه الأجواء تريحني نفسياً. وبصراحة، عندما اقترحتم عليّ التصوير بأسلوب مختلف، وبعيد عن الروتين، هذا أوّل مكان خطر في بالي، لاسيما أن لي فيه العديد من الذكريات، وقضيت فيه أوقاتاً للتخطيط لمستقبلي. كنت أحب أن أكون بمفردي؛ لأنني مررت بحالات نفسية لا أحسد عليها، فالشيء الوحيد الذي كان يهوّن عليّ ويفرحني هو هذا المنظر وصوت البحر».
وأضاف: «كانت مرحلة جديدة في حياتي، فكنت أعتمد على عائلتي أيام الدراسة. وفي تلك الفترة أصبحت لي حياتي الجديدة والخاصة، وكنت أفكّر في مستقبلي وأسأل نفسي العديد من الأسئلة: كيف أخطّط له وكيف سأعيش بمفردي؟ وكيف أخدم نفسي؟ وكيف ستكون حياتي؟ كنت أريد تنظيم حياتي من جديد، بالإضافة إلى أنني لم أكن أمتلك سيارة، والحياة كانت صعبة جداً، ولم يخطر ببالي في يوم من الأيام أن أكون فناناً، لكن الحمدلله بفضل رب العالمين ودعاء الوالدين استطعت الوصول إلى قلوب الناس، وأصبحت أعيش حياة جديدة كلياً».
تابعوا المزيد من الذكريات والاعترافات المثيرة في العدد المقبل من مجلة "سيدتي".