تمكنت الشابة الفلسطينية "شادن نصّار"، من تأسيس أول منصة لتعليم الـ"يوغا" ناطقة بالعربية على مستوى العالم، وذلك بقصد مساعدة الأشخاص لا يتحدثون سوى باللغة العربية فقط، حتى يتمكنوا من ممارسمة الـ"يوغا" داخل منازلهم، للتخلص والشفاء من الصدمات النفسية، والبحث عن ما يُسمى "السلام الداخلي" لدى الإنسان، خاصة لهؤلاء الأشخاص الذين عاشوا أو مازالوا يعيشون في مناطق النزاع والتوتر.
وصرحت "شادن" لوسائل الإعلام، أن رحلتها مع الـ"يوغا" ليست بالأمر الجديد في حياتها، إذ إن حبها وشغفها بهذا الأمر كان يرافقها منذ سنين الطفولة الأولى، وأشارت إلى أن الفضل في ذلك يعود إلى والدتها، التي علمتها هي وشقيقاتها الـ"يوغا" في منزلهم وكانت تجعلهم يمارسونها، وعلى الرغم من أن "نصّار" انقطعت عن ممارستها لفترة من الزمن، إلا أنها عادت مرة أخرى إلى ذلك خلال إقامتها وعملها في إمارة دبي بدولة الإمارات.
وعن سبب عودتها لممارسة الـ"يوغا" بعد كل هذا الانقطاع، أوضحت نصّار أن ضغوط العمل الكبيرة التي تواجهها، دفعتها إلى البحث عن طريقة تتمكن من خلالها التخفيف من حدة التوتر الذي يصيبها، وحتى تستطيع في الوقت نفسه أن تعمل على تعميق الذات لديها، حيث أنها كانت تعمل في الأماكن المركزة بالصدمات، وجزءٌ كبيرٌ منها كان في مخيمات اللجوء، وجزء آخر في أماكن اشتباكات دائمة من مناطق الصراع والنزاع، مثل القدس المحتلة.
وتتابع نصّار أن ميزة الـ"يوغا" في العموم، هي التعامل مع الصدمات، وذلك لأنها ليست أداوتٍ للصحة النفسية العيادية، بل هي مكانٌ للحركة الجيدة، والاجتماع مع الأصدقاء، ومن ثم مشاركة المجتمع، حيث تعمل هذه الرياضة بأكثر من طريقة، منها إتعاب الجسد، وفتح أماكن جسدية مرتبطة ذهنياً للمساعدة على هدوء العقل، ثم ممارسة تمارين استرخاء باطنية لزيادة الوعي الجسدي لدى الإنسان.
وأشارت "شادن" إلى أن أحد الأعراض الأولى للصدمات هو عدم الشعور بالجسد، أو الإتصال معه كما في السابق، وهو طريقة يستخدمها العقل للتخفيف من الشعور بالألم، وبالتالي حماية نفسه، لتبدأ الـ"يوغا" بإعادة التواصل والأحاسيس الجسدية، ورفع مستوى الحساسية الذهنية، وتضيف أن العقل الباطن لدى الإنسان، يصل إلى مرحلة الشعور بالآمان من خلال قيام الشخص بتمارين الإسترخاء، ثم العمل على تفريغ بعض المواقف أو الصدمات عبر نطاق مجموعة آمنة، كما أن الأداة المهمة في هذا الأمر، هي مشاركة مشاعرنا على اختلافها من خلال المشاركين أنفسهم، كون المشاركة تساعد الآخرين آيضاً على عدم الإحساس بالوحدة.
وعندما بدأت نصّار مشروعها هذا، كان العديد من المشاركين يبحثون عن دورات منزلية في الـ"يوغا"، لكنها لاحظت كم كان الأمر صعباً عليهم، بسبب عدم وجود هذه الدورات باللغة العربية، كون الـ"يوغا"، تعد أمراً جديداً على مجتمعاتنا، ولا يمارسه الكثيرون، لذلك قررت أن تكون هي أو من يبادر في هذا الأمر، عبر تسخير واستخدام معرفتها وأدواتها - التي تعتبرها أنها لاتزال بدائية وبسيطة- حتى تقدم ما لديها باللغة الأم، اللغة العربية، عبر منصة إلكترونية على شبكة الإنترنت، تكون في متناول الجميع.
وأكدت الشابة الفلسطينية المبادرة، أن من أهم الأمور التي شجعتها على بدء هذا المشروع، وتأسيس أول منصة الكترونية للـ"يوغا" ناطقة باللغة العربية، هو حاجتنا الملحة إلى التركيز بشكل أكبر في اتخاذ قرارات سليمة وواعية، خاصة تلك المصيرية منها، حيث لاحظت نصّار بعد عملها وتعمقها بحالات الأشخاص النفسية، أن الكثير من القرارات نتخذها تكون أحياناً ناتجة عن ردات فعل بأفعال الآخرين، وأكدت أن الـ"اليوغا" ساعدتها على المستوى الشخصي، في هذا المجال بشكل رائع، وهذا ما شجعها أكثر على مشاركتها مع الآخرين.
مشروع "شدانا يوغا"
شغف شادن نصّار بالـ"يوغا"، دفعها إلى افتتاح مؤسستها الخاصة لتعليم الـ"يوغا" باللغة العربية، والتي أطلقت عليها اسم "شــدانا يوغا"، على الرغم من أن دراستها كانت في مجال "التسويق والإدارة المالية"، كما أنها حاصلة على درجة الـ"ماجستير" في التسويق العالمي، بينت نصّار أن مشروعها هذا مكنها من إيجاد الأدوات اللازمة والطرق الصحيحة لتخفيف حدة التوتر، وأكدت أنها مُصرّة على الاستمرار في تقديم كل ما لديها، حتى تصبح منصتها الإلكترونية الأولى في العالم العربي، أكثر نجاحاً، وتقدر على الوصل إلى جميع مجتماعتنا العربية، ما يؤمن لها نجاحاً على المستوى المعنوي، وأيضاً استقلالاً مادياً في الوقت نفسه، كما تهدف نصار من خلال مشروعها "شدانا يوغا"، إلى تخصيص 10% من الدخل المادي، لتوفير الخدمات في مخيمات اللاجئين، والأماكن شديدة التوتر.