كتلة من التناقضات، هادئة وعاقلة في الظاهر، ومشاغبة في الرأس والباطن، وديعة وحنونة واستقلالية، لكنها تتحوّل لبؤة شرسة إذا ما تطاول أحدهم على حقّها أو جرحها، مهووسة بالقراءة، ومتمرّدة على الممنوعات. هكذا تحدثت الكاتبة والصحافية جومانة حداد عن نفسها لـ«سيدتي» في حوار خاص معها.
* كيف كانت بدايتك في الكتابة؟
- كنت يومذاك في الثانية عشرة من العمر، شجعتني معلّمة اللغة الفرنسية كثيراً، ونشرت قصيدتي في مجلة المدرسة، ثم صرت أنشر القصيدة تلو القصيدة في جريدة Le Reveil الفرانكوفونية، لكن الدعم الأكبر كان من أمي وأبي، رغم أنهما كانا يريدان لي أن أصبح طبيبة؛ لأني كنت متفوّقة في دراستي.
وكانت معظم قصائدي تتمحور حول موضوعات الحلم والحرية.
* هل تصنعين خطوطاً حمراء في كتاباتكِ؟
- تلك الخطوط الحمراء التي ذكرتِ، أسكب عليها عتمتي وأمحوها، أصبّ عليها زيتي وأحرقها، لا أحتاج إلى وصيّ، وأرفض أي خط أحمر يفرض عليّ فرضاً، فأنا التي أرسم خطوطي الحمراء بنفسي، ومن ثم قد أنتهك هذه الخطوط أيضاً، أنا متمرّدة على ذاتي في الدرجة الأولى، أي على كل تسامح أو تخاذل أو مساومة قد أقع في فخّها، ومتمرّدة على الآخر ثانياً، على كل آخر يحاول قمعي أو سجني أو تحديدي.
* حاورتِ عدداً من أهم الكتاب والشعراء في العالم، فمن أثر فيك أكثر؟
أصلاً كان اختياري للكتّاب الذين حاورتهم اختياراً « شخصياً» جداً، ومعيار الاختيار الجوهري لم يكن ثقلهم العالمي فحسب، بل شغفي الخاص بأدبهم، وفضولي حيالهم، ورغبتي في معرفتهم أكثر، ومتابعتي لهم كتاباً وراء كتاب منذ أعوام كثيرة، وكان المهم عندي أن أحمل هؤلاء الكتّاب على نزع المزيد من الأقنعة التي قد تنكفئ وراءها جوانب من وجوههم وأرواحهم وكتاباتهم، وأن أحقّق زيارة لعقولهم ولاوعيهم ونقاط ضعفهم ومخاوفهم.
* يصفونكِ بالمرأة الغاضبة دوماً، هل بسبب كتاباتكِ أو بسبب مطالبتكِ الدائمة بأن يكون لكل امرأة صوت؟
- أنا غاضبة بالطبع؛ لأنني أعيش في هذا المجتمع، وأشهد عن قرب حالة القمع والبؤس والتدهور التي نعانيها، حالة عامة مزرية ومهينة يرزح تحت أثقالها النساء والرجال سواء، وقد عرضتُ لهذه الحالة العامة المتدهورة في كتابي الجديد «هكذا قتلت شهرزاد»، وناقشت ماذا يعني في رأيي أن يكون المرء عربياً اليوم، وكل المآزق الاجتماعية والسياسية والدينية والاقتصادية التي يواجهها المرء، مثقفاً كان أم معارضاً أم مواطناً عادياً، ومنها أعراض الانفصام في الشخصية التي يعيشها طوعاً أو مضطراً.
ثم جاء تركيزي في شكل أساسي على موضوع المرأة في الكتاب؛ لأنه يعنيني أنا شخصياً كامرأة تعيش في هذا المجتمع، وهو المادة الأساسية لهذا العمل.
* حصدتِ عدة جوائز منها: جائزة «الصحافة العربية»، ماذا أضافت هذه الجوائز إلى شخصيتكِ، وهل تعتبرينها حافزاً لتقديم المزيد من كتاباتك؟
- الجوائز في ذاتها لا تحفّز على الكتابة، محرّضي الوحيد كان وسوف يظل رغبتي في الحفر في دواخلي بأظافر الكلمات، ولكن الجوائز تقدّم عزاءً معنوياً، وأحياناً مادياً للكاتب.
* كيف تعيش جومانة حداد بعيداً عن الشعر والترجمة والإعلام والصفحة الثقافية في جريدة النهار؟
- ألعب مع ولديّ منير وأنسي، أحلم، أقرأ، أحبّ، أخطط، أسافر، وفي بعض الأحيان أستسلم للكسل، وأنا أقول دائماً أنه على المرأة أن تحترم أنوثتها، من دون أن يعني ذلك أن تغلّب اهتمامها بالمظهر على تغذية فكرها بالعلم والثقافة، وتحزنني النساء اللاتي يربطن بين الدفاع عن حقوق المرأة، وبين إهمال شكلهنّ ونظافتهن وتربيتهنّ.
أنا أفتخر بأنوثتي وأعيشها بكل خلاياي، ولا أشعر بالحاجة إلى الانتقاص منها أو إلى إخفائها كأنها عاهة، بغية تحصيل حقوقي أو إثبات وجودي أو إبراز موهبتي وثقافتي.
بطاقة:
جومانة حداد صحافية، منسّقة إدارية للجائزة العالمية للرواية العربية، رئيسة تحرير مجلة «جسد» الثقافية المتخصصة في آداب الجسد وعلومه وفنونه، تتقن سبع لغات، أجرت العديد من الحوارات مع عدد كبير من الكتّاب العالميين، لها ترجمات في الشعر والرواية والمسرح لعدد من الأدباء العرب والعالميين، حصدت عدّة جوائز لكتاباتها المميزة.
«سيدتي نت»، قابلت جومانة؛ للوقوف على بعض محطات حياتها، فكان هذا الحوار.
جومانة حداد.. تقتل شهرزاد وترسم خطوطاً حمراء
- قصص ملهمة
- سيدتي - عفت شهاب الدين
- 05 يونيو 2013