ملحنة ومطربة دافئة. هذا الوصف ينطبق بجدارة على صوتها الحاضر بنبرته الخاصة وجمال عُربه، وقد برهنت على قدرتها في التأثير عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي. ورثت الطاقة الإبداعية المتدفقة، من اسم لن نستطيع التحدّث عن أفق الموسيقى في البحرين أو الخليج والعالم العربي، من دون أن نأتي على ذكره، ألا وهو الموسيقار والفنان البحريني خالد الشيخ. دعونا نبحر في أعماق ابنته سماوة خالد الشيخ، من خلال هذا الحوار، لنعرف كيف كانت خطواتها الأولى نحو الموسيقى والغناء .
* كيف ترعرعت ونمت موهبة سماوة بين أحلام الغناء والموسيقى؟
- منذ كنت طفلة في عمر الخامسة، بدأ اهتمامي الفطري، وكنت أشارك الوالد محبته للموسيقى، لأنّ حياته كانت تتشابه مع موسيقاه، وموسيقاه تتشابه مع حياته، وكان لابدّ أن أنطلق مع هذا الحب نحو حب الموسيقى الذي أصبح يسري في أوردتي. وأتذكر أنه كان لدينا استديو في المنزل، وكان فكر الطفلة الصغيرة محاولة استيعاب تلك الآلات الموسيقية، بمحاولة العزف عليها، وتحسّسها والسعي إلى التمسك بها بدافع الفضول الطفولي، وسط انبعاث الهمهمات وضحكات العائلة المندهشة، وكان الوالد يتطلع إليّ باهتمام شديد كنوع من التشجيع الضروري الذي كنت في حاجة إليه. وكان يردد على مسامعي دائمًا ويقول: "أذناك موسيقية وحتى وإن أصبحتِ فنانة في الآتي من السنوات، وعندما يسألونكِ الناس قولي لهم أنا موسيقية ولست فنانة" .
وربما التجربة الجادة كانت ألقت بنفسها عليّ عندما استمع لصوتي ذات مرة الفنان عبدالمجيد عبدالله وأنا أتغنى بأغنيته لو يوم أحد"، وكان ذلك في عام ٢٠١٦م، وصفّق لي وعبّر عن ذلك قائلًا: "إني امتلك موهبة مميزة".
*هل تُعتبر سماوة متمردة عن السائد في الموسيقى كتمرد والداها الموسيقار والفنان خالد الشيخ؟
- أنا منفتحة جدًّا على كلاسيكيات الموسيقى الشرقية، والغربية العالمية، وأهتم بمضمونها وعازفيها وأدواتها، وطموحي أن أقدّم أسلوبًا خاصًّا بي. ولعل ما أودّ حصاده من ثمار مازالت مبكّرة على نضجها، والوالد يهتم بالتعليم والتثقيف بشكل جوهري، وأنا حريصة بشكل كافٍ لإتقان النجاح والصعود إليه. وأعتقد أنّ البدايات يجب أن تكون معتمدة على الدراسات، وبناء قاعدة تكون لخطواتنا الأولى. وتحتفظ ذاكرتي بمقولة الوالد: "يجب على الفنان أن يبني عضلاً، أي بثقافة لا تتوقف، كما يبني بطل كمال الأجسام عضلاته". وأنا حريصة على تعزيز هذه القدرات مع أساتذة في علم الأصوات والموسيقى من مصر، وجنوب أفريقيا، لحفر الشخصية المقبلة .
*يثبت بوضوح أنّ في نفسك أفكارًا كثيرة، هل سنسمعكِ تتغنين بألحان والدِك؟وهل تستطلعين رأيه في أعمالِك؟
- أشعر برهبة كبيرة عندما يستمع إليّ الوالد، وبالطبع أتمنى ذلك، وربما لست جاهزة في الوقت الراهن، ولكنني أطمح لتحقيق ذلك في الآتي من الأيام. وبالتأكيد، أستطلع رأي والدي ربما في النصوص الغنائية التي أقوم بتلحينها، أما عن الألحان على حدّ تعبيره، فيرى أنها حرية شخصية ومنطقة محظورة، لأنها نابعة من روح وشعور الملحن نفسه.
*هناك حالة لافتة للنظر في بداية ظهوركِ عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي، فقد كنتِ تحرصين على إخفاء وجهكِ ولاتظهرين إلاّصوتيًّا، ثمّ عدتِ للظهور مرة أخرى بالصوت والصورة، يا ترى ماهو سبب ذلك؟
- صحيح، ربما لأسباب تتعلق بالخوف والتردّد وعدم الجاهزية الكافية للأضواء، ويمكن القول إنّ في عينيّ الطفولة الأولى التي لم تفارقني مطلقًا، ولأنني أحمل اسمًا كبيرًا، وهو اسم والدي، كنت أظن أنّ الموعد مازال مبكّرًا على الظهور، لأنّ أيّ خطأ قد يسيء إلى اسم والدي. وعندما شعرت أنّ الوقت والظرف مناسبان، ويستدعيان وجودي السمعي والبصري ظهرت، ولا يمكن إغفال الدور التشجيعي الكبير الذي قام به والدَيّ وإخوتي والأصدقاء، من أجل الظهور، وهنا لا بدّ من أن أشير إلى أختي الإعلامية نور خالد الشيخ، التي دعمتني كثيرًا عبر منصات التواصل الاجتماعي .
*حدّثينا عن آخر نشاطاتكِ الفنية؟ وهل سنشاهدكِ تقدمين بعض الثيمات اللحنية لفنانين آخرين؟ أذكري لنا بعضًا منهم؟
- لحنت مؤخرًا أغنية بعنوان "يلعن الفُرقة" من كلمات سالم، وغناء الفنان عبدالكريم عبدالرحمن، ولأول مرّة ستصدر لي أغنية منفردة من غنائي في هذا الشهر، بعنوان "شعوري الراقي " من كلمات الشاعر سعود السبيعي، وألحان فهد، وتوزيع رأفت .وقدمت أغنية لبرنامج يُبثّ على إذاعة "نبض الكويت" بعنوان "قريبًا ستُمطر" مع مشعل حمد، من ألحاني وغنائي وتوزيع يعقوب الكندري، وكذلك أستعد للعديد من النشاطات الفنية خلال الفترة المقبلة .
أيضًا بحوزتي بعض النصوص الغنائية للشاعرة رزان العتيبي أعمل على تلحينها، بالإضافة إلى بعض الـ "ثيمات" اللحنية الجميلة التي تتناسب مع بعض الفنانين، منهم على سبيل المثال لا الحصر: عبدالمجيد عبدالله ، ونوال الكويتية، وماجد المهندس، وحسين الجسمي، وأحلام، وأصالة، وداليا مبارك، وأميمة طالب، وعايض، فهد العمري، وأحمد علوي، وغيرهم .
*حزنٌ خفي يتسرب من طاقتكِ الإبداعية المتدفقة، ويهمين على إحساسكِ عندما تتوحدين في الغناء والعزف على آلة البيانو ما سرّ ذلك؟
- قد يرجع ذلك لكوني أستمع دائمًا للأغاني الحزينة وأتأثّر بها، وأتذكر بعض المواقف بالغناء، ولعل أكثر الحالات تعبيرًا عن روح الموسيقى والغناء في تقاسمها الحزن من جانب، والمتعة الروحية من جانب آخر، ربما هذا النوع من الشعور ولّد اضطرابًا مفيدًا في ذائقتي
* شاركتِ كممثلة في أول ظهور لكِ بمسلسل "الخطايا العشر" الذي عُرض في رمضان المنصرم. كيف تقيّمين تجربتكِ؟ وهل ستعاودين تكرارها؟
- لم يكن لديّ خبرة كافية في التمثيل، ومثلما ذكرت في السابق، كان لديّ هاجس الخوف من الأضواء، ولكنها كانت تجربة متميّزة شاركت فيها مع ممثلين كبار استفدت من خبراتهم، وساعدتني التجربة على كيفية كسر حاجز شعور الرهبة، والوقوف أمام الكاميرا بثبات وثقة، ولكن لا أفكر في تكرار التجربة، لأنني أركّز حاليًّا في الموسيقى، لأنها تتطلب مجهودًا مضاعفًا للوصول إلى ما أصبو إليه .
*يزداد تفاعلكِ بإحساس عالٍ عندما تغنّين ألحان سهم المغناة من خلال منصات مواقع التواصل الاجتماعي. هل يمكن أن نشهد عملًا مشتركًا بينكما ؟
-أنا معجبة بالكثير من الملحنين أمثال: أحمد الهرمي، وياسر بوعلي، وحمد الخضر، وعبدالرحمن العثمان، ولقد استطاعت هذه المجموعة أن توجِد مناخًا جميلًا، ولكن أرى أنّ سهم ملحن من طراز فريد، وأشعر بأنه قريب من إحساسي أكثر، وأتأثر بصوته أكثر فأكثر، خصوصًا عندما يضعه على الـ "ديموهات"، وكذلك ألحانه المغناة بأصوات بعض الفنانين، والتي يحار بأمرها السامع من شدّة تألقها الجمالي، وبالفعل، أتمنى التعاون معه في يومٍ ما.