سجلت الفنانة هبة الدري حضوراً درامياً مختلفاً هذا العام من خلال مشاركتها الفنانة سعاد عبد الله في بطولة مسلسل «عبرة شارع»، فأدت هبة شخصية مركبة، ولعل مشهد الاعتداء الذي أحدث ضجة كبيرة هذا العام كان نقطة تحول في الأحداث وفي مشوار الدري التي راهنت على هذا العمل وكسبت الرهان. وشاركت أيضاً كضيفة شرف في مسلسل «خذيت من عمري وعطيت» بأربع حلقات، فما الذي دفعها للموافقة على هذا العمل؟ وكيف استقبلت خبر رحيل الفنان عبد الله الباروني قبل تصوير مشهدهما بساعات؟ أسئلة عدة حملناها للدري التي تحدثت مع «سيدتي» في توقعنا بعد النجاح الكبير لمسلسل «عبرة شارع» أن نشاهدك في المسرح؟
بالفعل بعض الآراء ذهبت في هذا الاتجاه، ولكن حقيقة الأمر أنني اتخذت قراراً بالركون إلى الراحة بعد المجهود الكبير الذي بذلناه في العمل. وهنا لا أتحدث عن المجهود البدني فقط وإنما الذهني كذلك. لذا قررت الاعتذار عن عروض المسرح.
وكيف وجدت تفاعل الجمهور مع المسلسل، لا سيما بعد انقضاء موسم رمضان وأصبح لديك متسع من الوقت للمتابعة والرصد والتقييم؟
بداية أنا فخورة جداً بالمشاركة في هذا العمل. وكنت من ضمن الفريق الذي اختير من قبل المؤلف الدكتور حمد الرومي والمخرج منير الزعبي إلى جانب النجمة القديرة سعاد عبد الله. وأنتهز الفرصة للتأكيد على حرفية النص الذي صاغه الرومي بذكاء ورشاقة من كاتب مميز ينتقي المفردات بعناية وأفكاره وممثليه.
وماذا عن تعاونك مع الفنانة سعاد عبد الله؟ كيف كانت الأجواء في الكواليس؟
«أم طلال» نجمة لها باع طويل وتاريخ كبير وتعاملها أكثر من راقِ. دائمة التوجيه والنصح والإرشاد وحريصة على أن تضع كل فنان في المكان المناسب له. الأمر نفسه ينطبق على المخرج منير الزعبي، قليل الكلام ولكنه كثير الفعل، متواضع وبسيط وذكي ويشتغل على الممثل من حيث الأداء والتعبير وردود الأفعال.
لنتعرف على طقوسك خلال التصوير؟
أرفع شعار التركيز خصوصاً بعد بدء التصوير. ما قبل التصوير، أقرأ النص جيداً وأدرس أبعاد أي شخصية وأختار مفرداتها، وأثناء التصوير أحتفظ بمذكرة صغيرة أدوّن فيها جميع الملاحظات المتعلقة بالشخصية حتى لا أفقد زمام الأمور وأتذكر كل صغيرة وكبيرة متعلقة بالدور.
ما الذي تغير في شخصيتك الفنية قبل وبعد «عبرة شارع»؟
اكتسبت خبرة أكبر وصلت لمرحلة من النضج، عثرات ونجاحات. على الصعيد الشخصي، أحرص على التعلم وتطوير أدواتي.
مشهد تعرضك للاعتداء في مسلسل «عبرة شارع» أثار ضجة كبيرة؟
بداية، يجب أن أوضح نقطة أن الكاتب الدكتور حمد شملان الرومي تعمّد صياغة المشهد بأسلوب رمزي وألا يتضمن إشارة واضحة لحدوث اعتداء، انطلاقاً من حرصه على صورتنا أمام الجمهور الخليجي والعربي وأمام أبنائنا وأهلنا وبشكل عام، حتى لا نخدش حياء أحد وحتى لا يظهر المشهد بشكل مقزز وحتى الملابس، التزمنا بأن تكون لائقة.
كيف كانت أجواء تصوير المشهد؟
استغرقنا وقتاً طويلاً خصوصاً وأن المدة الزمنية للمشهد طويلة. كما أن هناك المشهد الذي أجلس فيه على الأرض خلف السيارة، أعدنا تصويره 13 مرة لأنه يُفترض أن يكون الشارع خالياً. وعند بدء التصوير، كان يزدحم إلى أن وصلنا للصورة التي خرج بها للمشاهدين.
ولكن ألم تخشي من ردة فعل الجمهور وانتقاد البعض لظهورك بهذه الشخصية؟
في بداية الأمر تخوفت قليلاً ولكن هذا النموذج موجود في المجتمع. هناك سيدات تعرضن بالفعل للاعتداء وخشين الحديث عما حدث لهنّ والتزمن الصمت. سواء كان الانتقاد إيجابياً أو سلبياً، أنا بالنهاية ممثلة أتقبل جميع الآراء بصدر رحب، ولكن عند عرض العمل كانت كل الآراء إيجابية وسعدت بتفاعل الجمهور وعبارات المدح والإطراء.
ما رأيك في ظاهرة الثنائيات الفنية في الأعمال الدرامية؟ هل تفضلين الثبات على ثنائي يترك بصمة عند الجمهور أم أن شعارك هو التغيير؟
بالنسبة لي أفضّل التغيير وأن أشكل ثنائياً مختلفاً كل عام مع زميل. على سبيل المثال مع الفنان يعقوب عبد الله في مسلسل «جود» ومع الفنان تركي اليوسف في «حياة ثانية» ومع الفنان حسين المهدي في «كحل أسود» وأخيراً هذا العام مع الراحل عبد الله الباروني في «عبرة شارع». ولله الحمد نترك بصمة في كل عام وبشكل مختلف، تارة رومانسي أو أكشن وما إلى ذلك. ولا ننسى أن زميلاً أشاركه عملاً ما، فأكتسب خبرة جديدة تضيف إلى رصيدي.
أنا في الأساس طبيبة
تعاونت على مدار عامين مع الفنانة هدى حسين، ثم هذا العام مع الفنانة سعاد عبد الله. ماذا وجدت من اختلافات؟
مع كل فنان أكتسب خبرة جديدة وأستفيد من نهر تجربته الممتد لسنوات من العطاء في الوسط الفني. هذا الأمر ينطبق على جميع الفنانين الكبار الذين تعاونت معهم في الدراما أو المسرح. ويبقى أن الفنان يجب ألا يتوقف عند مرحلة معينة ويكتفي، بل يجب أن يطور دائماً من أدواته ويكتسب خبرات جديدة تعينه على المضي قدماً في مشواره.
سنتوقف عند علاقتك مع الفنان الراحل عبد الله الباروني وما الرسالة التي توجهينها له من خلال «سيدتي»؟
كان رحمة الله عليه فناناً مبدعاً وإنساناً خلوقاً وملتزماً ومجتهداً. زاملته على مدار 18 عاماً في الوسط الفني. الكل أجمع على أنه إنسان من الصعب تكراره، صدمنا جميعاً في رحيله لا سيما وأن أغلب مشاهدي كانت معه. وليلة وفاته كان مفترضاً أن نصوّر أحد المشاهد في الصباح واستيقظت على هذا الخبر الذي شكّل صدمة كبيرة لفريق العمل ككل، لدرجة أن التصوير توقف لـ 10 أيام بتوجيه من الفنانة سعاد عبد الله التي كانت تعرف مكانة عبد الله في قلوبنا جميعاً. كنت أعتبره بمثابة أخ كبير وصديق. وخسارتي فيه كبيرة، لا تقلّ عن خسارة شقيقي قبل سنوات.
هل مجال دراستك بعيد تماماً عن الفن؟
بالفعل أنا في الأساس طبيبة. دخلت مجال الفن من باب الهواية واحترفت التمثيل. أستقي معلوماتي ممن سبقني ومن يزاملني في الوسط، أحرص على الاطلاع والمشاهدة. لا أتوقف عند حدود الفن العربي وإنما أنظر أيضاً للتجارب الغربية لأثقف نفسي وأتعلم لغات أخرى ولهجات مختلفة.
أجد صعوبة في الأعمال التراثية
كانت لك مشاركة كضيفة شرف في «خذيت من عمري وعطيت»؟
اختارني المخرج حمد البدري والمنتج ميثم بدر للمشاركة كضيفة شرف بأربع حلقات في المسلسل فجسدت الشخصية عبر مراحل عمرية مختلفة، أحببت شخصية سهيلة التي تعاني تسلط زوجها لدرجة طردها من المنزل هي وأبناؤها. كانت شخصية بسيطة عفوية ووصلت إلى الجمهور، لا سيما وأن في كل حلقة حدثاً مختلفاً وأصارحكم القول تفاجأت بتفاعل الجمهور منذ الحلقة الأولى.
ما معايير اختيارك لأي دور؟
واقعية هذه المعايير وأن تكون موجودة في المجتمع، من ثم المؤلف والمخرج وأخيراً عدد الحلقات. وقد أتنازل عن هذا الشرط، إذا كان الدور مؤثراً بغضّ النظر عن مساحته.
كانت لك تجارب عدة في الدراما التراثية وهذا العام سجلت حضوراً في المودرن، كيف وجدت الفارق بينهما؟
أجد صعوبة في الأعمال التراثية على اعتبار أن التعامل مع الشخصية يكون بحذر كونها تنتمي إلى حقبة زمنية مختلفة تماماً، ما يفرض طريقة مختلفة في الحديث وأيضاً المفردات التي تُستخدم والحرص على الابتعاد عن بعض الكلمات التي تسلّلت إلى لهجتنا ولغتنا العربية بشكل عام، فضلاً عن تجهيز الملابس والالتزام بأداء هادئ يتسق وإيقاع تلك الفترة الزمنية، ولا ننسى أن أخلاقيات الناس في الزمن السابق اختلفت تماماً. فلا تكنولوجيا حديثة تؤثر فيهم ولا إيقاعاً عصرياً سريعاً ينال من استقرارهم النفسي مثلما هو الحال حالياً ويبقى أن لكل قالب منهما ما يميزه وأحب التعاطي مع مختلف الأنماط الدرامية.
ماذا عن جديدك خلال الفترة المقبلة؟
حالياً في مرحلة استجمام ومن المقرر أن أدرس مجموعة من العروض التي تلقيتها لأختار إطلالتي الجديدة في الدراما بعد ماراثون موسم رمضان. .
حياة أسرية هادئة بعيدة عن الأضواء
تعيش الفنانة هبة الدري حياة أسرية هادئة مع زوجها الفنان نواف العلي بمعية ابنيهما. وتقول هبة إنها تفضل دائماً أن تبعد أسرتها عن الأضواء لا سيما مواقع التواصل الاجتماعي. وأكدت الدري أن لقاءها زوجها في عمل فني جديد خلال المرحلة المقبلة، رهن نص جيد يخدم حضورهما معاً عبر الشاشة الصغيرة أو في المسرح. ..