لا يولد كل يوم، شخص قد يغير وجه العالم، ويحفر اسمه بالخط العريض بين أسماء العظماء الذين تمكنوا من صنع شكل العالم الحديث، عبر إنجازاتهم واختراعاتهم، أو بأفكارهم التي تخدم شكل الإنسانية، وعندما يمر تاريخ الـ 28 تشرين الأول / أكتوبر من كل عام، لا بد أن نحتفل جميعنا بذكرى ميلاد أحد هؤلاء العظماء، وهو بيل غيتس، رجل الأعمال الأمريكي ومؤسس شركة «مايكروسوفت» العالمية، الذي قدم ولا يزال يقدم للعالم الكثير من ابتكارات التكنولوجيا الحديثة، التي جعلت العالم بكل معنى الكلمة «قرية صغيرة»، كما أنه يجب ألا ننسى بأن «غيتس» هو مؤسسة مؤسسة «بيل وميلندا غيتس» الخيرية.
وفي هذا العام، يحتفل الجميع بذكرى الميلاد الـ63 لـ«وليام هنري غيتس الثالث»، المعروف عالمياً بـ«بيل غيتس»، الذي ولد في 28 تشرين الأول / أكتوبر من العام 1955 في مدينة سياتل في واشنطن، لأسرة عريقة اشتهرت بعملها في مجالات السياسة والأعمال والخدمات الاجتماعية، ومنذ سني عمره الأولى، ظهرت عليه علامات الذكاء والطموح وروح المنافسة، واكتشف والداه هذا الأمر، عندما لاحظا تميزه الكبير عن جميع من في عمره في مجالات الرياضيات والعلوم، وهو الأمر الذي دفع بهما حتى يجعلاه يلتحق بمدرسةٍ خاصة تتبع أسلوباً فريداً في التعليم، وهي مدرسة «ليكسايد»، وهناك تعرف لأول مرة على جهاز الحاسوب، هناك أيضاً كتب برنامجاً بلغة «بيسك Basic» أتاح لمستخدمي الحاسوب اللعب ضد الحاسوب، وكانت هذه أُولى نتائج شغفه في البرمجة.
بيل غيتس وأولى أرباحه المالية
عندما بلغ «بيل غيتس» عامه الخامس عشر، خلال العام 1970، قام وصديقه عمره «بول آلان» بتطوير برنامج حاسوبي لمراقبة حركة السير في شوارع مدينة سياتل، وعندما باعاه، حققا أرباحاً صافية من ذلك المشروع وصلت حتى 20 ألف دولار أمريكي في ذلك الوقت، وكانت هذه أولى الأرباح المالية التي جعلت «غيتس» يقرر لحاق شغفه في هذا العالم الذي كان جديداً حينها. وعلى الرغم من ذلك، كان والداه، يريدان له أن يدرس في مجال الحقوق، وعلى الرغم من التحاقه بجامعة «هارفارد» العريقة، إلا أن القانون لم يجذب «غيتس» الشغوف بعالم الحاسوب.
وبالفعل، سرقه عالم البرمجيات من القانون وقاعات المحاكم، وبدأ هو وصديقه بالعمل لعدة أشهر على تطوير برنامج حاسوبي جديد، من خلال لغة «بيسك»، وكانا يستغلان مختبرات جامعة «هارفارد» للقيام بذلك، وعندما نجحا بإنجازه وبيعه لشركه «ميتس»، قدمت بدورها وظائف مغرية لكليهما ضمن كادرها، ليترك «غيتس» الجامعة ويقرر اللحاق بحلمه.
بداية العملاق «مايكروسوفت»
خلال العام 1975، قرر «بيل غيتس» وصديقه «بول آلان»، أن يبدآ مشروعهما الخاص، وأسسا معاً شركةً تُعنى بالبرمجيات أسمياها «مايكروسوفت»، كانت حصة «بيل» فيها قرابة الـ60%، أما «آلان» فكانت 40%، وما هي إلا سنوات قليلة، حتى لاقت الشركة ومنتجاتها رواجاً كبيراً جداً، إلا أنها تعرضت لسرقات عديدة من القراصنة الإلكترونيين، الذين كانوا يسارعون للحصول على نسخ من تلك البرامج قبل صدورها في الأسواق حتى يوزعوها بالمجان، وهو الأمر الذي دفعه إلى تطوير أنظمة مختلفة لحماية برامجه من عمليات السرقة المتكررة، وفي نهاية عام 1976، تم تسجيل شركة «مايكروسوفت» كشركة مستقلّة رسميّة، واستمرت في تطوير البرامج والحواسيب، وقد حقّقت هذه الشركة أرباحاً هائلةً قدرت بمليارات الدولارات ما جعل «بيل غيتس» يتصدّر قائمة أغنى أغنياء العالم لسنوات عديدة.
«بيل غيتس» يتنحى عن عرش «مايكروسوفت»
خلال العام 2000، أنشأ «بيل غيتس» مع زوجته «ميلندا»، مؤسسة «بيل وميلندا غيتس» الخيرية، ليبدأ مؤسس «مايكروسوفت» ومبتكر برنامج «ويندوز» الشهير، ترك شركة البرمجيات العملاقة شيئاً فشيئاً، والتفرغ لمتابعة أعمال هذه المؤسسة، حتى أتى العام 2014 الذي أعلن فيه «بيل غيتس»، تنحيه عن منصبه كرئيس لمجلس إدارة «مايكروسوفت» بشكل نهائي ليشغل منصب مستشار تقني فيها.
استمر بيل بتخصيص المزيد من وقته وجهده لمؤسسة «بيل وميلندا» وتوسعت نشاطات المؤسسة الخيرية بشكلٍ هائل لتقدم مساعدات في مجالات تطوير التعليم والصحة والمنح الدراسية، وتكريمًا لأهمية الخدمات المقدمة من هذه المؤسسة الخيرية قدّم الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما لبيل غيتس وزوجته ميلندا «ميدالية الحرية».
حقائق عن «بيل غيتس» لا بد من معرفتها
كان «بيل غيتس» في شبابه، يحلم بأن يصير «مليونيراً» عندما يبلغ الثلاثين من عمره، لكنه عندما أتم عامه الواحد والثلاثين، أصبح بدلاً من ذلك «مليارديراً»، وفي الوقت الحاضر، تُقدّر ثروة «غيتس»، بقرابة الـ 88 مليار دولار أمريكي، ولكنه سيورث لأبنائه الثلاثة منها، عشرة ملايين دولار أمريكي فقط، حيث تبرع بما مجموعه 28 مليار دولار من ثروته للأعمال الخيرية، إذ إنه كان قد ساهم في إنقاذ ما يقارب ستة ملايين شخص من الوفاة من خلال الخدمات الطبية واللقاحات المقدمة من مؤسسته الخيرية.
المزيد