تعتبر صفية بن زقر أول فنانة سعودية تتلقى تعليماً أكاديمياً في فن الرسم، وأول سعودية تقيم معرضاً لأعمالها الفنية. تميزت باختيار موضوعات تراثية مرتبطة بالنساء، وعاداتهن، معتمدة على رسم التفاصيل الحياتية الدقيقة في الحجاز، ومظاهر العادات والتقاليد الشعبية.
البداية
ولدت صفية بن زقر في عام 1940 في جدة القديمة. غادرت مع أسرتها إلى القاهرة عام1947 ثم غادرت إلى بريطانيا للالتحاق بكلية «سانت مارتن» للفنون ضمن برنامج دراسي حصلت بعده على شهادة في فن الرسم والجرافيك، لتعود بعد ذلك إلى جدة حين استكملت دراستها الرسمية.
تراث حجازي
كان أهم ما استوقفها عمليات التعرية التي كانت تطال مدينة جدة القديمة، ما دعاها إلى البدء في مشروعها الفني التوثيقي، حيث أسست صفية بن زقر دارة تحمل اسمها في مدينة جدة، والتي تهدف إلى الحفاظ على التراث الحجازي الاجتماعي من خلال تنظيم ورش عمل للصغار والكبار، وإقامة الندوات، والمحاضرات، وإيجاد مكتبة فنية أدبية داخل المتحف، مجهزة بجميع التسهيلات، والمستلزمات للدارسات. وهذا كله ينبع من منطلقها في الحفاظ على التراث، حيث عبرت عن ذلك بقولها: «أحببت التاريخ، وكان من الصعب عليّ أن أكتبه، فبادرت إلى رسمه؛ لأن تراث الماضي يحمل معاني جميلة. وكان يحزُ في نفسي أن أراها تندثر، وتغيب إلى الأبد».
أبناء لم تنجبهم
عاشت صفية بن زقر من أجل فنها، فلم تتزوج، وجعلت لوحاتها أبناءها الذين لم تنجبهم؛ لأن عشقها للفن كان أكبر من الأمومة! لذلك لم يكن مستغرباً أن تكون عضواً أول في الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون في جدة، وأيضاً عضواً مؤسساً في بيت التشكيليين في جدة، بعد أن صنعت أسلوبها الفني الخاص المعتمد على الانطباعية الواقعية، فأخذت أعمالها طابعاً تسجيلياً توثيقياً. كما يتميز أسلوبها ببساطة التكوين، وقوة البناء، والاهتمام بالكتل والأحجام. وهذا بالطبع نتيجة تأثرها في بدايتها بعدة مدارس فنية منها عصر النهضة، وبفنانين أمثال ليوناردو دافينشي، ومايكل أنجلو، ورافائيل. ومن ثم طورت هذا كله لتنطلق موضوعات أعمالها من مشاهد الحياة اليومية في الحجاز، والعادات والتقاليد، والحرف الشعبية المحلية، مع حضور قوي للمرأة الحجازية، ما يعني أنها ركزت على الحياة الشعبية اليومية وهو ما طبع أعمالها بالكثير من الواقعية.
معارض وكتب
على صعيد التأليف الفني، قدمت صفية بن زقر كتاب «المملكة العربية السعودية: نظرة فنانة إلى الماضي»، والذي ترجم إلى اللغتين الفرنسية، والإنجليزية. وأيضا قدّمت كتابها الثاني بعنوان «رحلة عقود ثلاثة مع التراث السعودي». أما بالنسبة للمعارض الفنية فقد أقامت أول معارضها في مدرسة دار التربية الحديثة بجدة بالاشتراك مع الفنانة منيرة موصلي، بالإضافة إلى معرض شخصي في جاليري دورون بالعاصمة الفرنسية باريس.