في الثامن من آذار مارس كل عام تحتفل النساء بيومهن العالمي، دون أن يعلمن من هي مؤسسة هذا اليوم الذي أصبح مناسبة احتفالية عالمية كبرى لهن، نسلط الضوء في السطور التالية على «كلارا زيتكين» أول مناضلة تدعو للاحتفال بهذا اليوم.
ولادتها ونشأتها
ولدت كلارا في 15 يوليو 1857 في قرية صغيرة في ساكسونيا، وكانت الابنة الكبرى لرجل يعمل بالتدريس. في هذه الفترة كانت ساكسونيا إحدى المناطق الأكثر تصنيعًا في ألمانيا، وكان أقل من ثلث السكان مازال يعمل بالزراعة، وفي هذه المنطقة كان هناك تنظيمات للحركة العمالية الألمانية، وكذلك للحركة النسائية. ومع ستينيات القرن الماضي تزايد عدد النساء في صفوف الطبقة العاملة، وتأسس عام 1869 اتحاد عمال النسيج والذي فتح عضوية للرجال والنساء، وخلال عامين فقط كانت نسبة النساء تتجاوز سدس العضوية التي قدرت بحوالي سبعة آلاف عامل.
في سن الـ21 أصبحت كلارا زيتكين اشتراكية، بتأثير من ناظرة مدرستها «أوجست شميت» وهي شخصية شهيرة في الحركة النسائية الألمانية، وبدأت نشاطها في حزب العمال الاشتراكي الألماني، وقابلت وقتها أوسيب زيتكين وهو ماركسي روسي مهاجر كان له تأثير بالغ على تطورها كاشتراكية.
انخراطها في العمل السياسي:
وفي 21 أكتوبر 1878، وبعد مرور أقل من ستة أشهر على التحاقها بالحركة الاشتراكية تم حظر جميع الأحزاب والصحف بفعل قانون بسمارك المعادي للاشتراكية، وبدأ انخراطها في العمل السياسي السري. وفي سبتمبر 1880 قبض على أوسيب زيتكين وعدد من رفاقه وطرد من ألمانيا. وبعد مرور عدة أشهر قررت كلارا ترك ألمانيا لتلحق بأوسيب زيتكين الذي ارتبطت به وبدأت في استخدام اسمه من أجل تسهيل الأمور الاجتماعية إلا أنهم لم يتزوجا رسميًا.
وأنجبت طفلين، ماكسيم عام 1883، وقسطنطين عام 1885، واشترك كل من كلارا وأوسيب، في الحركات الاشتراكية الفرنسية والألمانية والروسية وغيرها، وكانت هذه هي الفترة التي اكتسبت كلارا معرفتها بالحركة العمالية العالمية.
لكن أوسيب زيتكن توفي في يناير 1889، مسبباً صدمة كبيرة لكلارا. وفي نفس السنة، وفي سبتمبر 1889 تحدثت كلارا في المؤتمر التأسيسي للأممية الثاني عن تنظيم النساء العاملات، ومنذ ذلك الحين ولمدة خمس وعشرين عامًا تالية، كانت كلارا هي أهم شخصية في الحركة النسائية الاشتراكية الألمانية والعالمية.
موقفها من الحركات النسائية البرجوازية
وكان موقف زيتكن واضحًا من الحركات النسائية البرجوازية، حيث أنها أول مناضلة تدعو للاحتفال بهذا اليوم الذي يوافق مظاهرة النساء الاشتراكيات في نيويورك في 8 مارس 1908، ضد الحركة النسائية البرجوازية المطالبة بحق الاقتراع للنساء البرجوازيات فقط.
أراء زيتكن لمناصرة المرأة:
قالت في كلمة ألقتها عام 1896 في مؤتمر جوته للحزب الاشتراكي الديمقراطي نُشرت بعد ذلك على شكل كتيب تحت عنوان «فقط باشتراك المرأة ستنتصر الاشتراكية»:
«لا يوجد شيء يمكن وصفه «بالحركة النسائية» قائم بذاته.. توجد الحركة النسائية فقط في سياق التطور التاريخي.. ومن ثم هناك حركة نسائية برجوازية وأخرى عمالية، وليس بين هاتين ارتباط أكثر مما هنالك بين الاشتراكية الديمقراطية والمجتمع البرجوازي، فبالعمل خارج المنزل من أجل الأجر، تزيد استقلالية المرأة وهذه هي أحد شروط الحرية وإن كانت لا تعني بالضرورة تحقق تلك الحرية»، وتضيف كلارا: «لقد حققت المرأة في الطبقة العاملة استقلالها الاقتصادي إلا أنها لا تمتلك بعد إمكانية الحياة الكاملة كفرد، لأنها لا تحصل إلا على الفتات المتساقط من مائدة الإنتاج الرأسمالية رغم عملها ودورها كزوجة وأم».
وتابعت «بالتالي فإن نضال المرأة في صفوف الطبقة العاملة من أجل تحررها لا يمكن أن يكون نضالاً ضد الرجال من نفس الطبقة، كما هو حال المرأة البرجوازية. إن الهدف النهائي لنضال المرأة ليس مجرد المنافسة الحرة مع الرجال، بل الحصول على الحكم السياسي للطبقة العاملة. فالمرأة العمالية تناضل يدًا بيد مع رجال طبقتها ضد المجتمع الرأسمالي».
سبب تأسيسها لجريدة المساواة
ومثلت جريدة «المساواة» نصف الشهرية أحد أهم الأسلحة الفكرية والتنظيمية للنساء العاملات، وكانت زيتكين قد أسست هذه الصحيفة عام 1891 ورأست تحريرها لخمس وعشرين عامًا. وكانت الجريدة تسعى إلى تثقيف نساء الطبقة العاملة نظريًا ليكون لديهن قدرة على العمل الواعي في معركة تحرر الطبقة العاملة وعلى أن يكن فاعلات في تعليم وتثقيف رفاقهن الطبقيين ليكونوا مقاتلين ذوي هدف واضح.
8 مارس يوم عالمي للمرأة
وجدد المؤتمر الثاني للحركة النسائية الاشتراكية الذي انعقد في كوبنهاجن عام 1910 التأكيد على مطلب الاقتراع العام، وفي ذلك المؤتمر اقترحت زيتكين اختيار يوم 8 مارس يومًا عالميًا للمرأة، ونال الاقتراح تأييد المؤتمر.
ومنذ العام التالي (1911) وحتى بعد اندلاع الحرب العالمية الأولى كانت مظاهرات الاحتفال بيوم المرأة تنظم في جميع المدن الرئيسية في أوروبا، وكان أهم تلك المظاهرات هو الذي وقع أثناء الحرب في فبراير 1917 في روسيا وكان مقدمة الثورة الروسية الأولى.
وفي 5 أغسطس 1914، وبعد اندلاع الحرب العالمية الأولى بأيام.