كيف لشخص واحد أن يكون روائياً وقاصّاً وكاتباً مسرحياً ورسامّاً وباحثاً وصحفياً، بحياة قصيرة لم تتجاوز الـ 36 عاماً، وكيف له أن يكون مُبدعاً في كل هذه المجالات..؟ الجواب قد يكون بسيطاً، عليه أن يكون الأديب والمناضل الفلسطيني "غسان كنفاني"، والذي صادف يوم الاثنين 8 نيسان/أبريل 2019، الذكرى الـ 83 لولادته.
لم يكن كنفاني حالة عابرة على الإطلاق في الأدب العربي والعالمي، فقد كان حالة إبداعية من الصعب أن تتكرر مرة أخرى. فهذا المبدع الفلسطني الذي استشهد وهو لا يزال بمنتصف عقده الثالث من العمر، عندما كان في العاصمة اللبنانية بيروت. تم ترجمة أعماله الأدبية إلى ما يزيد عن الـ17 لغة عالمية. كما أن أعماله الكاملة تم نشرها في 4 مجلدات. وفي كل عام هناك طبعات جديدة لأعمال هذه الأديب الفلسطيني المبدع.
وُلد غسان كنفاني في 8 نيسان/أبريل من العام 1936، في مدينة "عكا" شمالي فلسطين. قبل أن ينتقل مع عائلته للعيش في مدينة "يافا" حتى شهر أيار/مايو من عام النكبة الفلسطينية 1948، عندما أجبر على الخروج من بلاده واللجوء إلى لبنان في بادئ الأمر، قبل أن ينتقل برحلة لجوء ثانية صوب سوريا، حيث عاش كنفاني في العاصمة دمشق قبل أن يعاود الرحيل والإقامة في الكويت, وبعد ذلك قاربت رحلته على الإنتهاء عندما استقر في العاصمة اللبنانية بيروت مرة أخرى خلال العام 1960. وفي كل مرحلة من هجراته المستمرة، كان يُثبت في البلد الذي يقيم فيه، أنه كاتب ومؤلف ورسام مبدع، وصحفي مميز لا يُشق له غبار.
أعمال غسان كنفاني الأدبية، لم تكن أعمالاً عادية أبداً، فعلى الرغم من حمله لقضيته الفلسطينية بالعديد من قصصه ورواياته، إلى أن طرحها كان سابقاً لعصره بكثير. كما أن بعضها كان يقتنص مواضيع وأفكار مبتكرة للغاية. فكان كلاً من الأدب والقضية مترافقين معه على طول سنين حياته الـ 36. أما لوحاته التشكيلية، فكانت حالة أخرى لا تقل إبداعاً وعبقرية عن أدبه.
وحتى تاريخ استشهاده في تموز/يوليو من العام 1972، ألف كنفاني وأصدر 18 كتاباً، تباينت بين رواية وقصة ومسرحيات ودراسات سياسية وفكرية. كما أنه نشر مئات المقالات في العيد من الصحف العربية والعالمية. وبُعيد استشهادة بفترة من الزمن، أعيد نشر جميع أعماله في 4 مجلدات كبيرة، مترجمة إلى 17 لغة مختلفة، ونُشرت في أكثر من 20 بلداً. حتى يقرأ العالم كله نتاج هذا الأديب الكبير.
وخلال السنوات الماضية، توافد الكثير من المخرجين المسرحيين والسينمائيين، لتحويل أعمال كنفاني إلى أعمال مسرحية وسينمائية وتلفزيونية. ونالت هذه الأعمال قدراً كبيراً من النجاح والإنتشار العربي والعالمي. وحظي صُنّاعها بالعديد من الجوائز المهمة. وحتى وقتنا الحاضر، لا تزال أعمال غسان كنفاني، من أكثر الأعمال التي يقصدها الفنانون لأعمالهم الجديدة.