غرّد كاتب صانع الأحلام السعودي هاني نقشبندي بمسلسله خارج السرب، بعد أن حوّله من رواية "قصة حلم" إلى عمل درامي.
نقشبندي يؤكد أنه استطاع أن يقدم في أول تجربة تلفزيونية له، شيئًا قيّمًا ومختلفًا، مع طاقم عمل مميز ومخلتف، لافتًا إلى أنه لو تمّ قراءة النص الأصلي للرواية، فسنجد اختلافًا فرضه الانتقال من المقروء إلى المشاهَد.
ويؤكد نقشبندي أنّ الدراما العربية لا تملك عصا موسى لعلاج المشاكل وتقديم الحلول السحرية، و هي تسلط الضوء على شيء لا مشكلة فيه.
"سيدتي" التقت الكاتب هاني نقشبندي، في حوار تحدّث فيه عن عمله الدرامي الأول، وعن موقفه من الدراما السعودية، مؤكدًا أنّ "هناك أصحاب أدوار رئيسية لممثلين لا يملكون من المؤهلات سوى عضلات مفتولة، وشيء من الوسامة مع خِدع تصويرية، من دون أيّ عمق أو تأثير، وهذا ما قاله عن ناصر القصبي ومسلسله "العاصوف". وهذا مطلبه من الدراما الخليجية ورأيه بـ حياة الفهد وسعاد العبدلله.
المسلسل نخبوي ويمكن القول إنه ليس بإمكان كل فئات المجتمع استيعابه، ويحتاج إلى التركيز؟
القول بأنّ العمل نخبوي يعني أنه غير ناجح جماهيريًّا، وهذا ما يجعلني أرفض تسميته بما ذكرت، مفضلًا أن أسمّيه عملًا مميزًا يحمل رؤية. رواية "قصة حلم" التي كتبتها، والتي اقتُبس منها مسلسل"صانع الأحلام"، لا تخاطب فئة دون أخرى. الرواية للجميع. هي ليست كتابًا فلسفيًّا أو رياضيًّا، وبالمثل المسلسل الذي هو اجتماعي إنساني بالمطلق. كل المشاهدين نخبويون. فكلهم يبحثون عن فكر جديد، وصورة جديدة، ورأي جديد. أرفض رواية أو مسلسلًا يقسّم المشاهدين الى فئات، فهذا نخبوي وهذا شعبي. التلفزيون يخاطب الجميع. ثم لماذا نفترض أنّ المشاهد العربي سطحي وبسيط؟ لماذا نسلبه حقّه في التفكير؟ لقد عوّدناه على كاتب يفكر عنه، ومنتج يفكر عنه، وممثل يفكر عنه. في "صانع الأحلام" أردت من المشاهد أن يكون مشاركًا، لا مجرد مشاهد لا إرادة له. أردت مشاهدًا أقرأه ويقرأني ويصنع الأحداث والأحلام معي. أحرّضه على التفكير والمشاركة حتى في التخيل والحلم. من يقرأ رواية "قصة حلم" ويشاهدها كمسلسل، سيدرك أنه أمام عمل يتطلب تركيزًا ومتابعة. هو ليس عملًا كوميديًّا أو تاريخيًّا إن فاتك جزء منه أكملت ما تبقى وكأنّ شيئًا لم يكن، إنه عمل يريد أن يأخذ بيدك في كل فصل، وفي كل مشهد، إلى فضاء جديد وفكر جديد. فخور أنني استطعت أن أقدّم في أول تجربة تلفزيونية لي، شيئًا قيّمًا ومختلفًا مع طاقم عمل مميز ومخلتف.
تحويل النص الأدبي إلى نص مشاهد كانت جيدة
تنفيذ الرواية إلى عمل تلفزيوني هل هو أمر بسيط؟
كنت دومًا من أنصار النأي بالرواية عن الأعمال التلفزيونية، والسبب هو أنّ التلفزيون يعني مسلسلًا، والمسلسل يعني إضافة شخصيات، وبالتالي إضافة أحداث ليست موجودة في الرواية الأصلية. السينما قد تستوعب رواية واحدة بذات الشخوص، لكن أن يصبح العمل 30 حلقة فهذا سيغيّر الكثير. مع هذا أقول بأنّ تجربتي في تحويل النص الأدبي إلى نص مشاهَد كانت جيدة. وقد بتّ اليوم على ثقة أنّ العمل الفني المصور هو إبداع كما هو النص المكتوب، فهذا يكمل ذاك، يفيده ويستفيد منه، فواحد يعطي العمق، والآخر يعطي الانتشار.
هل حققت رواية "قصة حلم" الغرض المطلوب منها عما وصل إليه المسلسل من أحداث لغاية الآن؟
-أنا فخور بروايتي "قصة حلم" وبالمسلسل الذي صنعته. وكما ذكرت، فلو قرأت النص الأصلي للرواية، فستجد اختلافًا فرضه الانتقال من المقروء الى المشاهَد. بالمجمل أوصل المسلسل رسالة الرواية. كما أعتقد أنه استجاب لقطاع كبير من المشاهدين الباحثين عن شيء هادف. لاحظ أنّ العمل قد حقق حضورًا كبيرًا منذ حلقاته الأولى. في رأيي أنّ "صانع الأحلام"، قد أوجد نوعًا جديدًا من الدراما العربية المختلفة. وكل الفضل، بعد الله، لإدارة تلفزيون "أبو ظبي"، وعلى وجه الخصوص د. علي بن تميم الذي كان أول من استجاب للعمل ودعمه، إيمانًا منه بحاجتنا إلى كسر الرتابة في الدراما العربية، وحتمية أن تنتقل إلى مستوى مختلف. وقد استطاع المنتج مفيد الرفاعي والمخرج المبدع محمد عبد العزيز، أن يقدّما ما حرصت دومًا على أن تظهر الرواية به كعمل مصور. ولا أنسى بطبيعة الحال الدور الكبير للصديق العزيز مكسيم خليل، وأيضًا لـ طوني عيسى.
أسمى حلم نصنعه هو العائلة والأمل
ما هو المغزى من خلال تسليطكم الضوء على هكذا موضوع "صناعة الأحلام"؟
لم تتطرق الدراما العربية من قبل إلى معالجة مسألة الأحلام، رغم أهميتها في وجداننا العربي. أذكر حين كنت أعمل في الصحافة، بخاصة فترة رئاستي لمجلة "سيدتي"، أنّ أغلب رسائل القراء كانت عن الأحلام وتفسيرها. من منا لا يحلم، أو لا يملك حلمًا؟ "قصة حلم" عمل روائي بفضاء فنتازي، تمامًا كما هي الأحلام نفسها ضرب من الفنتازيا. الأهم هو الرسالة التي تقدمها الرواية، ونسختها التلفزيونية والتي هي كالتالي: على كل منا ان يكون له حلم في حياته، فإن لم يكن له حلم فعليه أن يصنعه. وأسمى حلم نصنعه هو العائلة والأمل.
على ماذا اعتمد هاني نقشبندي لجعل صورة الحلم قريبة إلى الواقع وكيف قولبها لتصبح ضمن إطار درامي؟
-كما هو الأسود امتداد للأبيض، كما هو الحلم امتداد للواقع. لم أكن أفكر بالعمل الدرامي أولًا، بل بالعمل الروائي. أنا رجل كلمة لا صورة. لكن أن تتحول الكلمة إلى صورة، فذاك شيء جميل، بخاصة وإن أوصلت هذه الصورة الرسالة التي يحملها النص الروائي بدقة وأمانة.
بالصور: رومانسية ثنائي الهيبة الحصاد وخمسة ونص تطغى على سياق الأحداث
لا يوجد نص كُتب على قياس ممثل ما
يجمع المسلسل نخبة كبيرة من نجوم سوريا والعالم العربي، هل اختير الممثلين بعد كتابة العمل، أم إنّ بعض الممثلين كُتبت الأدوار على قياسهم؟
-اختيار الأبطال هو قرار المنتج المموّل مع المنتج المنفذ. أنا لا أتدخل في الأمر كثيرًا. نعم، كانت هناك توصيات واقتراحات من قبلي. وبالتشاور والتنسيق المشترك، تم اختيار أبطال العمل. وأعتقد أننا قد وُفّقنا معهم إلى حد بعيد. لا يوجد نص كُتب على قياس ممثل ما. هي رواية تُرجمت إلى مسلسل. إن فرض تتابع الأحداث وجود شخصية ما أوجدناها. لقد كنت حريصًا بعد الموافقة على تحويل الرواية إلى نص درامي، على اختيار شخصية قادرة على استيعاب طبيعة العمل. أي شخصية تملك درجة من الثقافة والوعي لتجسد دور أستاذ فيزياء ومفسر أحلام في الوقت ذاته. لم يكن البحث عن شخصية كهذه سهلًا، حتى التقيت بمكسيم خليل، بطل العمل، والذي بدا واضحًا وكأنه شخص صُنع الدور من أجله.
لماذا كان التركيز أن يكون المسلسل فقط على قناة "أبو ظبي" ولا يتم توزيعه على أكثر من فضائية؟
-ارتأت إدارة القناة أن يكون حكرًا عليها كعرض أول. وهو من حقها ولا شك، كونها هي المنتج والممول. لكن سيتم عرض العمل على أكثر من قناة تلفزيونية عربية بعد رمضان المبارك بمشيئة الله.
فيديو وصور: ماغي بو غصن وأحمد فهمي في حوار عن مسلسل بروفا
"صانع الأحلام" كيف تصنفونه؟ هل يُعتبر ضمن الدراما العربية المشتركة لأنه يضمّ ممثلين من أكثر من بلدٍ عربي؟
-لا أرى الأمر من هذه الزاوية. صانع الأحلم أصنّفه كنقلة نوعية في الدراما العربية، نقلة إلى الأعلى، بصرف النظر من يكون نجومه. هناك أعمال كثيرة، بخاصة في السنوات الأخيرة، اعتمدت على نجوم مشتركين، من سوريا، ومصر، ولبنان، والخليج والمغرب العربي. العبرة ليست في كمّ النجوم وتنوعهم، بل في الفكرة التي يعالجها العمل.
العمل ليس فلسفيًّا
ردود الأفعال هل كانت كما توقعتم؟
-حتى الآن، رائعة. في الحلقات الأولى كان الانطباع أنّ العمل علمي، أو فلسفي. لا، هو ليس علميًّا ولا فلسفيًّا. هو إنساني عميق. كما الإنسان نفسه صعب وعميق بقدر ما هو سهل ممتنع. أنا لا أقول إنّ "صانع الأحلام" يعتمد على الإثارة، بل على الإنارة وإضافة بُعدٍ جديد لإنتاجنا العربي. إن كان هناك من يراه عملًا صعبًا، فبسبب بساطة الأعمال الأخرى، والتي كثيرًا ما أتت من دون هدف أو غاية. لا أريد أن أحدد أسماء، لكني أستطيع أن أعطيك عشرة مسلسلات على الأقل، أتحدّى أن تعطيني جوابًا عن الرسالة التي تقدمها. هناك من يقول إنّ الدراما لم تُخلق لتقديم رسائل وعظات. وهنا سأسأله، وهل تراها خُلقت لتبسيط أفكارنا، وإسكاننا في غيبوبة تصرفنا عن التفكير؟
أنا لست مادة للتسلية
العمل الدرامي يستنزف وقت المنتج والمشاهد بالمثل. فإن أتى بلا هدف وغاية، فهو مضيعة وقت. أنا لست مادة للتسلية،أنا عمل أقرأك وتقرأني.
الأحلام.. بين الحقيقة والتمني! كيف يمكن أن يصفها هاني نقشبندي؟
-الحقائق بدأت كحلم. وكثير منها اكتشفه حلم. مثل بعض الحقائق العلمية. الأمنية بالمثل ما هي الا حلم، سواء كانت في المنام أم اليقظة. المهم أن نحلم، ولا نتوقف. لتكن أحلامنا كبيرة أيضًا أكبر بكثير منّا. لنصنع حلمًا نصل إليه في الأعلى، لا أن ينخفض هو ليصل إلينا حيث نحن. نريد حلمًا نرتقي به ويرتقي بنا، لا الحلم الذي نكسر هامته ويلغي حضورنا.
هل يمكن تصديق تفسير الأحلام التي نسمعها أو نقرأ عنها في كتب تفسير الأحلام؟
-نعم ولا، في الوقت ذاته. في رأيي أنّ الحلم يتطابق مع ما يريد الإنسان أن يفسره. لا أحد يحب الأحلام السيئة، أو التفسيرات السيئة. لكنّ السؤال الأهم: من يملك الحقيقة الكاملة في التفسير؟ لا أحد. من ابن سيرين، إلى النابلسي، لا يملكان هما وغيرهما، صحة مطلقة في التفسير؟ الأحلام علم ظنّي. ربما كلهم يصدقون، وربما كلهم يخطئون، لكنهم في النهاية يجتهدون. وهذا ما لا يجرد الأحلام من حقيقتها، بل هو ما يكسبها قوّتها. أنا مؤمن أنّ في الأحلام رسائل من الغيب. لها هدف، وهدف نبيل أيضًا. وهي فوق ذلك لا تفنى ولا تأتي من عدم، تمامًا كما أسقط بطل روايتي علمه الفيزيائي على الأحلام.
صانع الأحلام ليس غامضًا
"صانع الأحلام" برأيك هل هو أشبه بمسلسل غموض أجنبي؟
-لا، هو ليس مسلسلًا غامضًا، بل مختلف. السينما تتحمل الغموض على مدى ساعة ونصف الساعة، أو ساعتين. لكنّ مسلسلًا من 30 حلقة لا يتحمل. سيمل المشاهد. سيفقد اهتمامه وتتوقف متابعته. وقد أشرت في جواب سابق، بأني أصنع عملًا يشاركني المشاهد في أحداثه، وفي وضع تصور للنهايات أيضًا. أنا عمل يحثّ المشاهد على التفكير، وصنع إرادة له في توجيه الأحداث. إنها رؤيتي التي أصرّ عليها في كل أعمالي الروائية، حيث أدع نهاياتها مفتوحةً ليشاركني كل قارئ في تصور الخاتمة الأفضل لها.
كيف وجدت نفسك في الكتابة الدرامية خصوصًا وأنها المرة الأولى لك؟
-أنا كاتب روائي في الأساس، لا كاتب دراما. المعالجة الدرامية التي قدمتها في "صانع الأحلام"، هي أشبه بكتابة ثانية للعمل الأصلي الذي هو "قصة حلم". لكنّ الدور الحقيقي للمعالجة يأتي من قبل كاتب السيناريو، وهو هنا بشار عباس، وقد أبدع حقيقةً. اختلفت معه في مواضع، بخاصة في اللهجة العلمية والغامضة في الأحداث، لكنه أضاف سمات مميزة وناجحة في العمل. ومع مخرج متمكّن مزج هذا بذاك، أتى "صانع الأحلام".
برأيك هل بات المال هو القوة الحقيقية للمشهد الدرامي في الخليج والوطن العربي ونسينا النص؟
-المال مهم في إعطاء العمل الدرامي حقّه، في المكان والزمان. أحيانًا يكون هناك تركيز على المؤثرات الصوتية والضوئية، أكثر من التركيز على النص والفكرة. لا أقول إنّ هذا أفضل من ذاك. هي رؤية مخرج. لكني أقول بأنّ الجمع بين المؤثرات، والنص الجميل، يجعل العمل أكثر عمقًا وتأثيرًا في النفس. وبطبيعة الحال، فلا يتحقق ذلك من دون تمويل. لا قيمة لنص قوي من دون تمويل يُبرز قوّته. وإذا أضفت إلى كل ذلك رؤية واعية ومستقبلية، خارجة عن التقليدي، فستكون حتمًا أمام عمل مبدع. نحن في الخليج متهمون بالثراء الذي لا يملك ثقافة أبعد منه. هذا خطأ. لدينا ثقافة، ولدينا حضارة، ولدينا عقول مبدعة، لكن كان ينقصنا أن نجمع كل ذلك في شيء واحد.
الدراما الإماراتية بدأت تشق طريقها
أي دارما خليجية تُعتبر الأقوى: "الكويتية أم ماذا"؟
-في رأيي المتواضع، ومن إنسان يفتقر إلى الإخلاص في متابعة المسلسلات، أقول بأنه ما عادت هناك دراما ذات جنسية واحدة. لا شك أنّ الكويت كانت السبّاقة وكانت مدرسة أيضًا. اليوم، انفتح العالم على بعضه، كما هي شاشات التلفاز والسينما. كل شيء أصبح مشتركًا. وهذا يثري الأعمال ولا شك. إن أردت تصنيفًا بحسب المكان، فسأقول إنّ الدراما الإماراتية بدأت تشق طريقها، تمامًا كما هي الكوميديا السعودية. لم تتراجع الكويت يومًا، لكنّ ما حدث هو ظهور إنتاجات أخرى في المنطقة، ما كان لها وجود من قبل.
أفضل تكرار الممثلين المتمكنين
تكرار الممثلين في أكثر من عمل سواء في الدراما الخليجية أم العربية هل هو مزعج؟
-إن كان الممثل صاحب أداء جيد، فلِمَ يكون مزعجًا؟ أعتقد أنّ تكرار الممثلين المتمكنين أفضل من الاعتماد على ممثلين من باب التغيير لا أكثر. كما ذكرت لك فأنا متابع غير جيد للدراما، لكن من خلال متابعاتي الفقيرة، أستطيع أن أقول بكل ثقة، إنّ هناك أصحاب أدوار رئيسية لا يملكون من المؤهلات سوى عضلات مفتولة، وشي من الوسامة مع خدع تصويرية، من دون أيّ عمق أو تأثير.
هل المشاهد العربي مصاب بخيبة أمل من الدراما التي قُدمت له؟
-الدراما العربية نابعة من الشخصية العربية وظروفها الحياتية والوجدانية والنفسية. فإن أتت مخيّبة لأمله، فلعلّه هو واقع المشاهد نفسه. صحيح أنها محاطة بمحاذير دينية وسياسية، كما هي الشخصية العربية محاطة بالمحاذير ذاتها، لكنها لا تملك عصا موسى لعلاج المشاكل وتقديم الحلول السحرية. الدراما تسلط الضوء على مشكلة ما. وهذا في حدّ ذاته شيء جيد. لكن أحيانًا وعلينا الاعتراف بذلك، هي تسلط الضوء على شيء لا مشكلة فيه، فتصنع مشكلة ولا تقدم حلًّا. خذ على سبيل المثال الدراما العاطفية، بخاصة في الأعمال المدبلجة، التي تختصر الحياة في قصص حب وخيانات وكأس خمر. هذا غباء درامي حقيقي. والأسوأ أنه تكرّس ثقافة لا علاقة لها بنا. نعم، يحق للشخصية العربية هنا أن تصاب بالإحباط، وأنا على القائمة.
أتمنى أن تتخطى الدراما الخليجية الصراخ والحزن
ما رأيك بالممثلة حياة الفهد في مسلسل "مع حصة قلم" وهناك من يتهم سعاد العبدلله بتكرار نفسها في الأدوار التي تقدمها؟
-لست ناقدًا فذًّا أو مشاهدًا مخضرمًا لأمتلك مفاتيح ناضجة تعطيني الحقّ في نقد أو تقييم هامات كبيرة، مثل حياة الفهد وسعاد العبدلله. لكن إن كان من شيء أضيفه هنا، فهو أمنية أن تتخطى الأعمال الخليجية متلازمتين أثقلت صدورنا: الصراخ، والحزن.
الصورة القديمة التي يعرفها العالم عن السعودية اختلفت
هل تفكر بكتابة مسلسل سعودي؟
-لي رواية بالفعل، سعودية في شخوصها وفضاءاتها، أتممت معالجتها الدرامية استعدادًا لتصويرها لصالح شركة إنتاج كبيرة. لكننا لانزال في المراحل الأولى بعد. وسأستغل الفرصة هنا لأقول التالي: في ما يتعلق بالساحة السعودية تحديدًا، لا أعتقد بأنها كانت مهيّأة ومستعدة لاستقبال عشرات الأعمال السعودية والخليجية، كما هي الآن. فالانفتاح الذي يشهده المجتمع السعودي، والقفزة الجريئة إلى الأمام، كل ذلك يخلق سوقًا للأعمال الفنية المرئية والمسموعة والمشاهَدة. مارد إبداعي سيخرج من قمقه، من الدراما إلى المعارض التشكيلية. يقابل ذلك للأسف ضعف شديد في الإنتاج المحلي. أعتقد عن إيمان وقناعة، بأنّ هناك حاجة لشركات إنتاج متعددة تغطي حاجة السوق وعطشه إلى الدراما السعودية. بل أزيد أنّ هناك عطشًا عالميًّا لمعرفة السعودية. فالصورة القديمة التي يعرفها العالم عنا قد اختلفت، وأيّ وسيلة أفضل من السينما لتقدّم وطنك ومجتمعك بالصورة التي تريد؟ لم نعرف المجتمع المصري بكل تفاصيله إلا من باب الدراما المصرية. لم نعرف المجتمع السوري إلا من الدراما السورية. أمريكا كلها، لولا هوليوود، ما عرف أحد عنها سوى قنابل وحاملات طائرات.
"الكاتب" لـ باسل خياط... جريمة مفتعلة وتحقيق هزيل وانطلاقة لا تبشّر بالكثير
العاصوف عمل يكشف جانبًا مجهولًا عن السعودية
ما رأيك بمسلسل "العاصوف" لهذا الموسم؟
-هو دليل على ما ذكرت في جوابي السابق. عمل يكشف جانبًا مجهولًا عن السعودية، لا على الآخرين، بل حتى على السعوديين أنفسهم. وطالما سألتني فسأعترف هنا بفشلي الكبير في تقييم الأعمال الفنية، مستدلًّا على ذلك بالعاصوف. ناصر القصبي صديق قريب لي، وقد أخبرته بتشكيكي في نجاح عمله عندما كان منشغلًا في تصويره. قلت له عرفك الناس كشخصية كوميدية، فعندما تصبح درامية، قد تواجه فشلًا ذريعًا. أجابني بأنه تحدٍّ كبير، ولا ينجح الإنسان إن بقي مكانه. التحدي الصعب، والصعب فقط، هو ما يدفعنا إلى الأمام. وقد صدق في ذلك. هو أيضًا ما قلته سابقًا عن الأحلام، علينا أن نحلم، وأن تكون أحلامنا كبيرة، بل وأكبر منا، فنصعد نحن إليها، ولا نُرخي هامتها إلى حيث نقف منذ سنين.