القلق والاكتئاب هما من اضطرابات الصحة العقلية الشديدة التي كان لها تأثير خطير ليس فقط على الصحة العقلية ولكن على النتائج التعليمية والمهنية وغيرها من النتائج الحياتية للعديد من الشباب. زاد انتشار هذين الاضطرابين بشكل كبير منذ منتصف القرن العشرين. أحد أكثر الفئات العمرية عرضة للخطر هم الشباب، والذين يتم تعريفهم عادة على أنهم أفراد تتراوح أعمارهم بين 18 و 30 عاماً. في حين أن هذه الزيادة في كل من القلق والاكتئاب بين الشباب هي قضية معقدة لها أسباب عديدة، فإن العوامل الرئيسية المساهمة تشمل مستويات أعلى من المشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي، والضغط الأكاديمي، والضغط الاقتصادي.
ماذا يقول علم النفس؟

جون حجار، ماجستير علاج نفسي معرفي سلوكي وماجستير علاج نفسي للطفل والمراهق يشرح لـ"سيدتي" أسباب القلق والاكتئاب عند الشباب.
في السنوات الأخيرة، ارتفعت معدلات الاكتئاب والقلق بين الشباب بشكل ملحوظ، مما جعل هذه الاضطرابات النفسية محط اهتمام الخبراء والأطباء النفسيين. فالشباب اليوم يواجهون ضغوطاً نفسية متعددة، بدءاً من الضغوط الدراسية والمهنية، وصولاً إلى تأثيرات وسائل التواصل الاجتماعي والتغيرات الاقتصادية والاجتماعية. في هذا المقال، سنستعرض الأسباب النفسية والاجتماعية التي تؤدي إلى زيادة الاكتئاب والقلق بين الشباب، وسنناقش كيفية الوقاية من هذه المشكلات بطرق مبسطة وعملية.
يمكنك متابعة دليل لتعلم كيفية اتخاذ قرارات حياتية مؤثرة
أسباب انتشار الاكتئاب والقلق بين الشباب
1. الضغوط الدراسية والأكاديمية
تعد الضغوط الدراسية أحد العوامل الرئيسية التي تؤدي إلى التوتر النفسي عند الشباب، خاصة في ظل التوقعات العالية من الأهل والمجتمع. المنافسة الشديدة لتحقيق التفوق الدراسي والحصول على وظائف مرموقة تجعل الطلاب في حالة من القلق المستمر، مما قد يؤدي إلى الإحباط والاكتئاب عند الفشل أو الشعور بعدم القدرة على تحقيق التوقعات.
2. الضغوط الاقتصادية والمهنية
يعيش الشباب اليوم في عالم مليء بالتحديات الاقتصادية، حيث يجد الكثيرون صعوبة في العثور على وظيفة مستقرة تتناسب مع مؤهلاتهم. الخوف من الفشل المهني والضغوط المالية تؤثر بشكل كبير على الصحة النفسية، مما يجعل الشباب عرضة لمشاعر القلق والتوتر المستمر.
3. تأثير وسائل التواصل الاجتماعي
في عصر التكنولوجيا، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزءاً لا يتجزأ من حياة الشباب، لكنها قد تكون سيفاً ذو حدين. فالمقارنات المستمرة مع الآخرين، والسعي وراء الكمال، والتعرض للمحتوى السلبي، يمكن أن يؤدي إلى انخفاض تقدير الذات وزيادة الشعور بعدم الرضا، مما يسهم في ظهور أعراض الاكتئاب والقلق.
4. العزلة الاجتماعية ونقص الدعم العاطفي
رغم أن التكنولوجيا سهلت التواصل، إلا أن الكثير من الشباب يشعرون بالوحدة والعزلة بسبب غياب العلاقات الاجتماعية الحقيقية. قلة التفاعل الوجهي وانعدام الدعم العاطفي من العائلة أو الأصدقاء يمكن أن يزيد من الشعور بالاكتئاب ويؤثر على الصحة النفسية بشكل سلبي.
5. التغيرات الهرمونية والوراثية
تلعب العوامل البيولوجية والوراثية دوراً مهماً في زيادة احتمالية الإصابة بالاكتئاب والقلق. فالتغيرات الهرمونية التي تحدث في مرحلة المراهقة والشباب يمكن أن تؤثر على المزاج والحالة العاطفية، كما أن وجود تاريخ عائلي من الاضطرابات النفسية يزيد من خطر الإصابة بهذه المشكلات.
6. الصدمات النفسية والتجارب المؤلمة
التعرض لمواقف صادمة مثل فقدان أحد الوالدين، أو التعرض للتنمر، أو المرور بعلاقات عاطفية مؤذية، قد يترك أثراً عميقاً في النفس، مما يؤدي إلى اضطرابات مثل القلق والاكتئاب.
كيف نتجنب الاكتئاب والقلق بطرق بسيطة؟

1. تعزيز الدعم الاجتماعي
من الضروري أن يحيط الشاب نفسه بأشخاص داعمين، سواء كانوا من العائلة أو الأصدقاء. الشعور بأن هناك من يستمع ويفهم من دون إصدار أحكام يساعد بشكل كبير في تحسين الصحة النفسية.
2. الابتعاد عن المقارنات السلبية
يجب على الشباب أن يدركوا أن ما يُعرض على وسائل التواصل الاجتماعي لا يعكس الواقع الحقيقي للناس. كل شخص لديه تحدياته، والمقارنة المستمرة قد تؤدي إلى الإحباط وانخفاض تقدير الذات.
3. ممارسة الرياضة والأنشطة البدنية
ممارسة الرياضة بانتظام تساعد على تحسين المزاج وتقليل التوتر، حيث تعمل على إفراز هرمونات السعادة مثل الإندورفين والسيروتونين، مما يقلل من فرص الإصابة بالاكتئاب.
4. تنظيم الوقت وإدارة الضغوط
يمكن أن تساعد تقنيات تنظيم الوقت وتحديد الأولويات في تقليل التوتر الناجم عن الضغوط الدراسية أو المهنية. تقسيم المهام إلى أجزاء صغيرة وإنجازها تدريجياً يمكن أن يقلل من الشعور بالإرهاق.
5. تبني أسلوب حياة صحي
التغذية السليمة، النوم الكافي، والابتعاد عن العادات غير الصحية مثل التدخين والإفراط في استهلاك الكافيين، تلعب دوراً كبيراً في تحسين المزاج والتقليل من القلق.
6. البحث عن المساعدة النفسية عند الحاجة
إذا استمرت مشاعر الاكتئاب والقلق لفترة طويلة وأثرت على الحياة اليومية، فمن المهم استشارة مختص نفسي. العلاج النفسي أو الدعم العلاجي يمكن أن يكون خطوة فعالة في تجاوز هذه الاضطرابات.
قد يهمك الاطلاع على القلق الصحي: اكتشفي ماهيته وطرق التغلب عليه
ويختم حجار "الاكتئاب والقلق بين الشباب أصبحا من التحديات التي يجب مواجهتها بجدية، لكن الوقاية منهما ليست أمراً مستحيلاً. من خلال تعزيز العلاقات الاجتماعية، تبني نمط حياة صحي، وممارسة التفكير الإيجابي، يمكن تقليل تأثير هذه المشكلات بشكل كبير. الأهم هو أن يدرك الشباب أن اللجوء إلى المساعدة النفسية ليس ضعفاً، بل هو خطوة ذكية نحو حياة أكثر توازناً وسعادة".