طموحات الشباب وسبل تحقيقها في عالم سريع التغيّر

طموحات الشباب
طموحات الشباب

تتسارعُ في هذا العصرِ التغيُّرات، وتظهرُ أفكارٌ جديدةٌ بوتيرةٍ غير مسبوقةٍ، ليجدَ الشبابُ أنفسهم في قلبِ معادلةٍ مملوءةٍ بالتحدِّيات، والفرص. وما يزيدُ الأمرَ صعوبةً وتعقيداً الضغوطُ التي تتولَّد عن نمطِ الحياةِ السريعة، ما يستوجبُ التوعيةَ بكيفيَّة تجاوزها، وتحقيقِ النجاحِ على المستويين التعليمي والعملي. للتعرُّف على كيفيَّة تحقيقِ الطموحاتِ في هذا العصر المتقلِّب، تحدَّثنا إلى صلاح محاسنة، الخبير في الشؤون الاجتماعيَّة.

كيف يمكن للشبابِ اليوم تحقيقُ طموحاتهم، خاصَّةً أننا نعيشُ بزمنٍ، يتغيَّر فيه كلُّ شيءٍ بوتيرةٍ سريعةٍ جداً؟ 

بحكم خبرتي، وأنا أقدِّرُ تماماً حجمَ الضغوطِ التي يواجهها شبابُ اليوم في ظلِّ التغيُّراتِ السريعة، والابتكاراتِ المتلاحقةِ في هذا العصر، أن يتعلَّموا بدايةً كيفيَّة التكيُّف السريعِ مع هذه التغيُّرات لتحقيقِ طموحاتهم. هذا يتطلَّبُ منهم القدرةَ على التعلُّم المستمرِّ، وتطويرَ مهاراتٍ جديدةٍ، تتماشى مع متطلَّبات السوق. علاوةً على ذلك، يعدُّ الإبداعُ، والجرأةُ مفتاحَين أساسيين للنجاح، كما ينبغي على الشبابِ أن يكونوا مستعدِّين لتجربةِ أفكارٍ جديدةٍ، والخروجِ عن المألوف.

ما التحدِّي الأكبر الذي يواجه الشبابَ في ظلِّ التغيُّراتِ السريعةِ اليوم، وكيف يمكنهم تحويله إلى فرصةٍ لتحقيقِ النجاح؟ 

التحدِّي الأكبر الذي يواجه الشبابَ اليوم في ظلِّ التغيُّراتِ السريعةِ التي نشهدها، هو التعاملُ مع مستوى عالٍ من التطوُّر، وتجنُّب الشعورِ بعدمِ مواكبته، واليقينُ بتحقيقِ الأفضل. مع تزايدِ الابتكاراتِ، والتقنياتِ الجديدة، قد يشعرُ الشبابُ بالإرهاقِ، أو القلقِ بشأنِ مستقبلهم المهني، وقدرتهم على مواكبةِ التغيُّرات العلميَّة والعمليَّة، لكنْ يمكنهم تحويلُ هذا التحدِّي إلى فرصةٍ من خلال تبنِّي عقليَّةٍ مرنةٍ واستباقيَّةٍ.
للقيامِ بذلك، يجبُ على الشبابِ أولاً أن يتبنُّوا فلسفةَ التعلُّم المستمرِّ، فبدلاً من محاولةِ السيطرةِ على جميع التغيُّرات، يتوجَّبُ عليهم أن يتعلَّموا كيفيَّة التكيُّف بسرعةٍ، وأن يتعاملوا مع كلِّ تغييرٍ بوصفه فرصةً للتطوير. ثانياً، من المهمِّ أن تكون لديهم القدرةُ على تحديدِ مجالاتِ اهتمامهم وشغفهم، واستخدامِ هذه الاهتماماتِ قاعدةً لبناءِ مهاراتٍ جديدةٍ، تتماشى مع متطلَّبات السوق. عليه، أنصحُ الشبابَ بتطويرِ مهاراتهم في حلِّ المشكلات، والتفكيرِ الإبداعي، فالتحدِّياتُ التي يواجهونها اليوم غالباً ما تتطلَّبُ حلولاً جديدةً، وغير تقليديَّةٍ من خلال التركيزِ على الإبداعِ، والابتكار.

تعلّم.. 5 خطوات ذكية لتسهيل نقاش مثمر بين الأطراف المتنازعة في العمل

ما الاستراتيجياتُ التي يمكن أن تساعدهم في تحويلِ أحلامهم إلى واقعٍ ملموسٍ؟

هناك استراتيجياتٌ عدة، يمكن أن تساعدَ الشبابَ في تحويلِ أحلامهم إلى واقعٍ ملموسٍ. أولاً، أودُّ أن أشيرَ إلى أهميَّة الاستفادةِ من الذكاءِ الاصطناعي، إذ يمكن للشبابِ استخدامُ التطبيقاتِ في تحليلِ سلوكيَّاتهم، وتتبُّع تقدُّمهم، والحصولِ على توصياتٍ مخصَّصةٍ لتحسينِ أدائهم. هذه الأدواتُ يمكن أن توفِّر رؤى قيِّمةً، تساعدهم في تحسينِ استراتيجياتهم، وتوجيههم نحو تحقيقِ أهدافهم. ثانياً، من المهمِّ الاستثمارُ في المهاراتِ المستقبليَّة مثل الواقعِ المعزَّز AR، والواقعِ الافتراضي VR. هذه التقنياتُ، يمكن أن تعطي الشبابَ ميزةً تنافسيَّةً كبيرةً. على سبيلِ المثال، تجربةُ الحياةِ البديلةِ عبر الواقعِ الافتراضي قد تساعدهم في اتِّخاذِ قراراتٍ مستنيرةٍ بشأنِ مساراتهم المهنيَّة. باستخدامِ هذه الأدواتِ بشكلٍ مبتكرٍ، يمكن للشبابِ أن يفتحوا أبواباً جديدةً، ويُحقِّقوا تطلُّعاتهم بطرقٍ غير تقليديَّةٍ.

ما الطرقُ التي تقترحها ليوازنَ الشبابُ بين الطموحِ الشخصي ومتطلَّبات العصرِ المتغيِّرة؟ 

للموازنةِ بين الطموحِ الشخصي ومتطلَّبات العصرِ المتغيِّرة، يمكن أن يستفيدَ الشبابُ من بعض الأساليب، من ذلك «الابتكارُ التآزري»، إذ يعدُّ أداةً قويَّةً. بدلاً من الاعتمادِ على فكرةٍ واحدةٍ، يستطيع الشبابُ دمجَ تقنياتٍ وأفكارٍ من مجالاتٍ مختلفةٍ لإيجادِ حلولٍ مبتكرةٍ. هذا قد يساعدهم في تقديمِ قيمةٍ مضافةٍ، والتفوُّق في مجالاتهم. كذلك يمكنهم استخدامُ استراتيجياتِ الألعاب Gamification فقد يكون لها تأثيرٌ إيجابي. إن جعل العمليَّة أكثر تشويقاً وتفاعلاً، يمكن أن يزيدَ من تحفيزِ الشباب، ويجعلهم أكثر التزاماً بأهدافهم. وهناك أيضاً العملُ في «الفراغ الإبداعي»، وتجربةُ «التجريب السريع» فقد يكون لهما دورٌ كبيرٌ في التكيُّفِ مع التغيُّرات. بتعليمِ أنفسهم من خلال تجاربَ جديدةٍ، سيتمكَّن الشبابُ من تحسينِ مهاراتهم، والتأقلم بشكلٍ أفضل مع التغيُّرات السريعةِ في عصرنا.

 

طموحات الشباب
    تحفيزِ الشباب يجعلهم أكثر التزاماً بأهدافهم

 

كيف يمكن للشبابِ استخدامُ بيئاتِ العملِ غير التقليديَّة، والتعلُّم باستمرارٍ لزيادة إبداعهم وإنتاجيتهم في ظلِّ التغيُّراتِ السريعةِ التي يشهدها العالمُ اليوم؟ 

في هذا العصرِ قد تلعبُ بيئاتُ العملِ غير التقليديَّة مثل المقاهي، والحدائق دوراً مهماً في تعزيزِ الإبداعِ والإنتاجيَّة. هذه البيئاتُ تُقدِّم تغييراتٍ في المحفِّزات البصريَّة والعقليَّة، ما يساعدُ في كسرِ الروتين، وتحفيزِ التفكيرِ الخلَّاق. أنصحُ الشبابَ بتجربةِ العملِ في أماكنَ مختلفةٍ لاستكشافِ كيف يمكن أن تؤثِّر هذه التجاربُ في أدائهم وإبداعهم.
من جهةٍ أخرى، لا يزالُ التعليمُ التقليدي، يلعب دوراً أساسياً في تحقيقِ النجاح، لكنَّه في حاجةٍ إلى التكيُّف مع التغيُّراتِ التكنولوجيَّة، والابتكاراتِ الحديثة. 
يجب إحداثُ توازنٍ بين التعليمِ الأكاديمي، والتعلُّمِ المهني مع التركيزِ على دمجِ المهاراتِ العمليَّة، والتدريبِ العملي في المناهجِ الدراسيَّة. التعليمُ ينبغي أن يكون مرناً، وأن يعكسَ التغيُّراتِ السريعةَ في العالمِ لضمان تأهيلِ الشبابِ لمتطلَّبات السوقِ الحاليَّة.

لتحويل التحديات إلى فرص، تعرفوا كيف يمكنك استخدام أسلوب القيادة الكاريزمية لتحسين أداء الفريق؟

في الختام، كيف يستطيع الشبابُ إدارةَ التوتُّر والضغوطِ المرتبطةِ بالابتكارِ والتغييرِ المستمرِّ، وفي الوقتِ نفسه الاستفادةُ من التوجيهاتِ الأساسيَّة لبدء مسيرتهم المهنيَّة في هذا العصرِ المتغيِّر؟ 

عندما يتعلَّق الأمرُ بإدارةِ التوتُّر والضغوطِ المرتبطةِ بالابتكارِ والتغييرِ المستمرِّ، تبرزُ بعض الاستراتيجياتِ التي يمكن أن تكون مفيدةً. أولاً، حاول أن تتعلَّم كيفيَّة إدارةِ وقتك بفاعليَّةٍ، وحدِّد أولوياتك بشكلٍ جيِّدٍ فهذا سيساعدك في التعاملِ مع الضغوطِ بشكلٍ أفضل. إضافةً إلى ذلك، من المهمِّ أن تعتني بصحَّتك النفسيَّة من خلال ممارسةِ التأمُّل، ولعبِ الرياضة، والحفاظِ على توازنٍ صحي بين العملِ والحياة. أيضاً، يجب البحثُ عن دعمٍ اجتماعي من الأصدقاءِ والعائلة، أو حتى من خلال التوجيه المهني فذلك قد يكون له تأثيرٌ إيجابي.
أمَّا بالنسبةِ إلى بدءِ مسيرتك المهنيَّة في هذا العصرِ المتغيِّر، فأنصحك بالبحثِ عن فرصٍ للتعلُّمِ المستمرِّ، وتحديثِ مهاراتك بانتظامٍ، ومتابعةِ أحدثِ الاتِّجاهاتِ والتقنيات، وبناءِ شبكةٍ قويَّةٍ من العلاقاتِ المهنيَّة، إذ قد تفتح أمامك أبواباً جديدةً، وتساعدك في تبادلِ المعرفةِ والخبرات. وأخيراً، عليك أن تتحلَّى بالمرونةِ، والقدرةِ على التكيُّف مع الظروفِ المتغيِّرة فغالباً ما يأتي النجاحُ من قدرتك على التعاملِ مع التحدِّياتِ والفرصِ الجديدة.

لمتابعة الموضوع على النسخة الديجيتال على هذا الرابط