أفاد قطاع الأزياء في السعودية من «رؤية 2030»، وعرف نمواً سريعاً أخيراً، بجهود «هيئة الأزياء» التي رسمت استراتيجيات، وقدمت برامج عمل، واضطلعت بمهمات شملت التثقيف والتدريب، والاستثمار في الابتكار، وزيادة الوعي، وتعزيز الاستدامة، والبحث عن الفرص للانتشار على الساحة العالمية؛ ما مكن المبدعين والمبدعات في المملكة من الحضور في أرقى المحافل العالمية وعرض تصاميمهم على منصات الموضة فيها، آخرها أسبوع الموضة في باريس.
الصور | العلاقات العامة في هيئة الأزياء
تشهد السعودية صناعة أزياء واعدة للغاية؛ إذ تساهم الأخيرة في رفع الناتج المحلي الإجمالي وتقليل الاعتماد على الواردات، وخلق مجموعة واسعة من فرص العمل. في هذا الإطار، يُظهر التقرير الافتتاحي لـ «هيئة الأزياء»، الذي يتناول حالة قطاع الأزياء في المملكة العربية السعودية State of Fashion in the Kingdom 2023 Report، والذي أُطلق في أسبوع الموضة في باريس أخيراً، أن السعودية تمتلك بالفعل القدرة على إنشاء صناعة أزياءٍ ذات مقاييس عالمية؛ وذلك لأن صناعة الأزياء في السعودية تتمتع بأكبر معدلات نمو متوقعة، مقارنةً بأي سوق أخرى كبيرة وعالية الدخل. ومن 2021 إلى 2025، يُفترض أن ترتفع مبيعات الأزياء بالتجزئة في البلاد بنسبة %48، لتصل إلى 32 مليار دولار، وهو ما يمثل معدل نمو سنوي، يبلغ %13. لناحية الواردات، تستورد السعودية سنوياً منتجات أزياء بقيمة تزيد على سبعة مليارات دولار. وفي هذا السياق، فإن تقليل %20 من واردات الأزياء بحسب معدلات عام 2021، من شأنه أن يولد مبيعات إضافية لصناعات محلية بقيمة 1.4 مليار دولار. وفي ما يتعلّق بالوظائف، فإن بيئة الأزياء السعودية مسؤولة عن نحو 230 ألف وظيفة أو ما يعادل %1.8 من إجمالي القوى العاملة، علماً أن %52 من موظفي قطاعات الأزياء في البلاد هي من الإناث و%66 من وظائف الأزياء داخل السعودية يشغلها مواطنون وفق تقارير عام 2022.
بناء القطاع من الصفر
يتحدث بوراك شاكماك، الرئيس التنفيذي لـ «هيئة الأزياء السعودية»، لـ«سيدتي»، ويكشف عن تطلعات «الهيئة» وإنجازاتها، لا سيما برنامج «100 براند سعودي» الذي أطلقته «الهيئة» من أجل دعم المواهب المحلية وتعزيز المشاركات الدولية للمصممين السعوديين تحت مظلتها. يقول إن «الهيئة أخذت على عاتقها منذ تأسيسها عام 2020، دعم الأزياء في السعودية والتعريف بالقطاع على الصعيدين المحلي والدولي»، مُضيفاً أن «الهيئة تعمل على بناء القطاع من الصفر في البلاد وفق عملية تطويرية تدريجية. لذا، ركزنا أولاً على تحديد وتطوير المواهب المحلية الناشئة في مجال الموضة. وعام 2021، أطلقنا مبادرة «100 براند سعودي» من أجل دعم المصممين المحليين، علماً أنه من دون العلامات التجارية المحلية، لا صناعة أزياء، ثم حرصنا على توفير الفرص التعليمية والتدريبية؛ حيث أقمنا عدداً من الدورات الناجحة لرعاية المواهب المحلية».
على مفترق طرق
يلفت شاكماك إلى أن «الهيئة مسؤولة عن التنسيق بين الأطراف المعنية، وهي الجهة المقصودة من المستثمرين ورجال الأعمال والمبتكرين المهتمين بالقطاع، للعمل جنباً إلى جنب مع القطاعات الصناعية وتطوير شراكات طويلة الأجل». ويزيد «لأننا نبني صناعة من الصفر، لدينا فرصة فريدة للقيام بالأشياء بشكل مختلف وتلبية طلبات المستهلكين، لذا نتابع بدقة البيانات لمساعدة قطاع الأزياء السعودي على تحديد الفرص والتحديات». ويستشهد بتقرير السعودية State of Fashion in the Kingdom 2023 Report سالف الذكر، فيقول: «صناعة الأزياء السعودية على مفترق طرق؛ حيث يمكن للقطاع أن يظل استهلاكياً، لتستورد المنتجات وتباع، مع القليل من الإضافات المحلية، أو يمكن الإفادة من الطلب المتزايد بسرعة لزيادة الدور المحلي القيم، وتعزيز الأنشطة المرتبطة والداعمة. وهنا، أشجع المبدعين الناشئين على اكتساب الخبرة، فالمجتمع السعودي شاب ومثقف ومتعلم ومنخرط في التكنولوجيا، وهذه ميزة كبيرة. نحن في حاجة إلى إبداع الشباب وطاقاتهم لتحقيق النجاحات، وقد استثمرت السعودية كثيراً في تعليم شبابها، وأرسلت الطلاب إلى الخارج في منح دراسية كاملة للدراسة في أفضل المؤسسات الأكاديمية بالعالم، وهذا الاستثمار يؤتي ثماره اليوم». إلى جانب الكشف عن تقرير «الهيئة» الخاص بوضع القطاع، هي أطلقت Saudi Fashion Insights، المنصة الجديدة والقوية، التي تلقي الضوء على اتجاهات الموضة على المستويين المحلي والإقليمي. سيمكن ذلك دور الأزياء والمصممين والمستثمرين وواضعي السياسات من اتخاذ قرارات استراتيجية، بناء على معلومات موثوقة وحديثة.
ʼستُطلق «هيئة الأزياء» أسبوع الموضة الأول في الرياض خلال أكتوبر المقبلʻ
بوراك شاكماك
الرئيس التنفيذي لـ «هيئة الأزياء السعودية»
الاحتكاك بالموضة العالمية
بحسب شاكماك، يقوم الاحتكاك بالموضة العالمية بدور كبير في تطوير الأزياء السعودية؛ حيث درس عديد من المصممين السعوديين في الخارج وعادوا إلى البلاد للمشاركة في مشهد الأزياء الجديد، حاملين معهم ثقافات مختلفة، ليدمجوها بثقافتهم، وهذا مهم في مجال تصميم الأزياء؛ إذ يمثل السفر مصدر إلهام كبير للمصممين. بناء على ذلك، يبدو حضور مصممي «100 براند سعودي» على المنصات العالمية والتعاون مع أفضل كليات الأزياء وقادة الأعمال على مستوى العالم، مفتاحاً لاستراتيجيتنا.
باريس وميلانو والرياض ونيويورك
يتحدث شاكماك عن مشاركة «100 براند سعودي» في أحداث الموضة العالمية، وآخرها أسبوع الموضة في باريس، فيقول إن «46 مصمماً ومصممةً من برنامج «100 براند سعودي»، شاركوا في أسبوع الموضة بباريس؛ فقد نظمنا عرض أزياء EMERGE مع ستة من مصممي أزياء الشارع الشباب، وهم: Torba Studio وHindamme وMazrood وNoble & Fresh و1886 وNot Boring، وأنشأنا متجراً مؤقتاً، كان مفتوحاً للجمهور لأكثر من أسبوع، وخصّصنا صالتي عرض نُظّمتا على أحدث طرازٍ للأزياء الراقية والملابس الجاهزة، إضافةً إلى سلسلةٍ من الفعاليات الاحتفالية لعرض المواهب الإبداعية السعودية المميزة أمام جمهور عالمي، بما في ذلك العرض الحصري بفندق الريتز». ويخلص في هذا السياق إلى أن «التفاعل مع المصممين السعوديين كان ممتازاً، وكل عروض الهيئة كان مكتمل الحضور وأكثر من 2000 شخص زاروا المتجر المؤقت لشراء المنتجات؛ أي هم اطلعوا على الثقافة السعودية وقابلوا المصممين. كذلك، نفد مخزون عديدٍ من المصممين، وأثبتت تصاميمهم ومنتجاتهم أنها أكثر شعبيةً مما كان متوقعاً. المصممون كانوا هناك لتطوير علاماتهم التجارية وعقد الاجتماعات مع المشترين المحتملين، والتحدث إلى وسائل الإعلام الدولية». ويذكر أنه «في سبتمبر الجاري، سيسافر 35 مصمماً ومصممةً من «100 براند سعودي» للمشاركة للعام الثاني في WHITE Milano، والأخير معرض تجاري رائد للملابس النسائية، وأحد أهم الأحداث المنتظرة خلال أسبوع الموضة في ميلانو».
وعن نشاطات «الهيئة» المستقبلية، يقول إنه «من 20 إلى 23 أكتوبر، ستُطلق «الهيئة» أسبوع الموضة الأول في الرياض من أجل وضع المملكة العربية السعودية على خريطة أسابيع الموضة العالمية. كذلك ستنظم نسخة جديدة من حدث Fashion Futures. أضيفي إلى ذلك، نخطط لعرض تقرير وضع الموضة State of Fashion Report ضمن مجتمع الاستثمار في نيويورك خلال أكتوبر أيضاً».
من عالم التصميم و الأزياء اخترنا لك لقاء مع المصمم محمد آشي أول خليجي ينضم إلى اتحاد الأزياء الراقية في باريس