تُعتبر فترة الحمل من أكثر الفترات التي تشهد تغيرات جسدية ونفسية كبيرة على المرأة، وفي الوقت نفسه تمثل مرحلة حاسمة في تكوين صحة الطفل الذي ستنجبه؛ فمنذ اللحظات الأولى لتكون الجنين في رحم الأم، يتأثر نموه وتطور أعضائه الداخلية بما تتناوله الأم من غذاء، فيصبح الطعام الذي تختاره الحامل يحدد صحة الطفل المستقبلية، بل قد تؤثر اختياراتها الغذائية في نمو الجنين العقلي والجسدي، وحتى في سلوكه النفسي والعاطفي لاحقاً في حياته.
هذا التقرير يوجه كل حامل بأن تكون على دراية بالتأثيرات التي قد تترتب على ما تأكله على مدار الأشهر التسعة. وذلك وفقاً لموقع "هيلث لاين" الطبي.
تأثير تغذية الحامل في نمو الجنين
التغذية وتطور الدماغ:
من أهم جوانب تأثير الطعام في الطفل هو تأثيره في الدماغ، على سبيل المثال، الأحماض الدهنية أوميغا-3، المتوافرة في الأسماك الدهنية مثل السلمون والتونة، تُعتبر من العناصر الغذائية الأساسية التي تساهم في تطوير الدماغ لدى الجنين.
هذه الأحماض تلعب دوراً كبيراً في تعزيز الذاكرة والتعلم، حيث تشير الدراسات إلى أن الأطفال الذين تناولت أمهاتهم الأطعمة الغنية بأوميغا-3 خلال فترة الحمل يظهرون مهارات إدراكية أفضل من غيرهم.
كما أن الفيتامينات مثل "B12" وحمض الفوليك مهمة أيضاً، حيث إن الفوليك يساعد في تكوين الخلايا العصبية، ويساهم في التقليل من خطر التشوهات الخلقية في الدماغ والحبل الشوكي.
لذلك؛ فإن تغذية الحامل التي تحتوي على هذه العناصر تسهم في ضمان نمو دماغ الجنين بشكل صحي، ما ينعكس على قدراته العقلية عند بلوغه.
التغذية وصحة الجهاز المناعي:
الجهاز المناعي للطفل يبدأ بالتكون منذ اللحظات الأولى من الحمل، ويتأثر بشكل مباشر بما تتناوله الأم. تُعَدُّ الفيتامينات A وC وD، بالإضافة إلى المعادن مثل الزنك، من العناصر الأساسية التي تساهم في تعزيز الجهاز المناعي للطفل. على سبيل المثال، الفيتامين "C" الموجود في الفواكه مثل البرتقال والفراولة يعزز من قدرة الجسم على محاربة العدوى، ويحفز إنتاج الخلايا المناعية، بينما يساعد فيتامين "D" في تقوية العظام والعضلات.
أما نقص هذه العناصر في النظام الغذائي للأم؛ فقد يؤدي إلى ضعف الجهاز المناعي للطفل، ما يجعله عرضة للإصابة بالأمراض في وقت لاحق من حياته؛ لذلك من الضروري أن تحرص الحامل على تناول الأطعمة الغنية بهذه الفيتامينات لضمان صحة جهاز المناعة للطفل عند ولادته.
التغذية والوزن والعظام:
الوزن المثالي والتطور السليم للعظام لا يرتبطان فقط بالجوانب الجينية، بل يتأثران بشكل كبير بالتغذية التي تتبعها الحامل، البروتينات والكالسيوم هما العنصران الأساسيان اللذان يحتاجهما الطفل لبناء جسده بشكل سليم، وذلك لأن البروتينات تساهم في بناء الأنسجة العضلية والعضلات، في حين أن الكالسيوم هو المسؤول عن تطور العظام والأسنان.
إذا كانت الحامل تتناول كمية كافية من البروتينات والكالسيوم؛ فإن ذلك يسهم في نمو قوي للعظام والأسنان لدى الطفل، أما نقصهما؛ فقد يؤدي إلى مشكلات في نمو العظام وقد يزيد من خطر إصابة الطفل بهشاشة العظام أو نقص النمو الجسدي لاحقاً.
كذلك، لا نغفل عن أهمية فيتامين "D" ، الذي يساعد الجسم على امتصاص الكالسيوم بشكل أفضل؛ ما يساهم في تطور العظام بشكل صحي.
التغذية وصحة القلب والأوعية الدموية:
أحد العوامل الأكثر أهمية في حياة الطفل المستقبلية هو صحته القلبية، وتتم بتناول الأطعمة التي تحتوي على الدهون الصحية، مثل تلك الموجودة في زيت الزيتون، المكسرات، الأفوكادو، تساهم في تطوير قلب قوي لدى الطفل.
كما أن تناول الأطعمة الغنية بالألياف مثل الخضروات والفواكه يساعد في الحفاظ على صحة الأوعية الدموية ويقلل من خطر الإصابة بالأمراض القلبية في وقت لاحق.
أما الأطعمة الغنية بالدهون المشبعة، مثل الوجبات السريعة والأطعمة المصنعة، فيمكن أن تؤدي إلى زيادة الوزن والسمنة؛ ما يزيد من خطر إصابة الطفل بمشكلات صحية متعلقة بالقلب والشرايين في المستقبل.
التغذية والسلوك العقلي والنفسي للطفل:
هناك علاقة وطيدة بين التغذية خلال الحمل وصحة الطفل النفسية والسلوكية في المستقبل، تشير الدراسات إلى أن نقص بعض العناصر الغذائية مثل الأحماض الدهنية أوميغا-3، المغنيسيوم، والزنك؛ قد يزيد من احتمالية ظهور اضطرابات نفسية وسلوكية لدى الطفل مثل القلق والاكتئاب، بالإضافة إلى اضطرابات التوتر والفرط الحركي.
من جهة أخرى، تشير الأبحاث إلى أن الحوامل اللواتي يتناولن نظاماً غذائياً غنياً بالعناصر المغذية مثل الفيتامينات والمعادن؛ تزيد احتمالية أن يكون أطفالهن أكثر استقراراً نفسياً، وقادرين على التكيف مع الضغوطات الحياتية بشكل أفضل.
هل تودين الاطلاع على.. أطعمة لإدارة اضطراب فرط الحركة عند الأطفال؟
أثر التغذية في الوزن في الحياة المستقبلية:
ما تأكله الحامل لا يؤثر فقط في وزن الطفل عند الولادة، بل يمتد ليؤثر في وزنه في مراحل لاحقة من حياته؛ حيث تشير الدراسات إلى أن الحوامل اللواتي يستهلكن كميات كبيرة من السكريات والدهون قد يساهمن في زيادة خطر إصابة أطفالهن بالسمنة أو اضطرابات التمثيل الغذائي مثل السكري من النوع 2 في المستقبل.
الطفل الذي يتعرض لمستويات عالية من السكر أو الدهون المشبعة داخل رحم الأم قد يكون أكثر عرضة لتكوين شرايين دهنية ضارة؛ ما يزيد من احتمالية الإصابة بأمراض القلب والسمنة في مراحل حياته اللاحقة.
التغذية والأطعمة المدعمة بالفيتامينات والمعادن:
الفيتامينات والمعادن تلعب دوراً مهماً في تطور الجنين وصحته، على سبيل المثال، الأطعمة المدعمة بحمض الفوليك "مثل الحبوب المدعمة أو المكملات الغذائية" تساهم في الوقاية من التشوهات الخلقية في الدماغ والحبل الشوكي.
لذلك؛ من المهم أن تتناول الحامل المكملات الغذائية الموصى بها من قبل الطبيب لضمان توفير العناصر الغذائية اللازمة لنمو الجنين بشكل سليم.
شرب الماء والسوائل:
الجفاف هو أحد المخاطر التي قد تؤثر سلباً في الحمل، وشرب الماء بشكل كافٍ يحافظ على توازن السوائل داخل الجسم ويساعد في تسهيل عملية الهضم وامتصاص المغذيات، كما يساعد في تجنب مشكلات مثل التسمم الحملي أو التقلصات العضلية التي قد تؤثر في صحة الأم والطفل.
* ملاحظة من "سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج عليك استشارة طبيب متخصص.