لماذا اللاوعي أقوى من الوعي وفق علم النفس؟

الوعي واللاوعي من الأساسيات التي تساعد على تحليل سلوك الإنسان
الوعي واللاوعي من الأساسيات التي تساعد على تحليل سلوك الإنسان

في مجال علم النفس، يُعتبر الفهم العميق للوعي واللاوعي من الأساسيات التي تساعد على تحليل سلوك الإنسان وفهم أفعاله، فعندما ننظر إلى العقل البشري، نرى أنه ينقسم إلى جزأين رئيسيين: الوعي واللاوعي.

يمثّل الوعي حوالي 10% من قدرتنا العقلية، في حين أن اللاوعي يشكّل حوالي 90 % من عقلنا، هذا التفاوت الكبير بين حجم الوعي واللاوعي يثير العديد من التساؤلات حول قوة اللاوعي وتأثيره على حياتنا كما تشرح الاختصاصية في علم النفس الاجتماعي والبرمجة اللغوية العصبية والعلاج الإيحائي والعلاج بخط الزمن أزنيف بولاطيان لـ"سيدتي".

الاختصاصية في علم النفس الاجتماعي أزنيف بولاطيان

ما هو الوعي؟

الوعي هو الحالة العقلية التي يكون فيها الإنسان مدركاً لما يحدث من حوله، إنه الجزء الذي يمكننا التحكم فيه بوعي؛ مثل اتخاذ القرارات، التفكير النقدي، وحل المشكلات.

الوعي يشمل أيضاً الأفكار والمشاعر التي ندركها بشكل مباشر والتي يمكننا التعبير عنها بالكلمات، عندما نفكر في الأشياء بشكل منطقي أو نحلّل موقفاً ما، فإننا نستخدم وعيَنا، الوعي مرتبط بالحاضر وبالأمور التي نُركِّز عليها في اللحظة الراهنة، على سبيل المثال، إذا كنت تقرأ هذا المقال الآن وتُدرك كل كلمة تقرأها، فأنت تستخدم وعيك، ومع ذلك فإن الوعي محدود بقدرته على معالجة المعلومات، حيث لا يستطيع سوى التركيز على عدد قليل من الأمور في الوقت نفسه.

ما هو اللاوعي؟

في المقابل، اللاوعي هو الجزء الأكبر والأعمق من عقلنا، إنه يحتوي على جميع الأفكار، الذكريات، العواطف، والتجارب التي لا ندركها بوعي، اللاوعي هو مخزن ضخم لكل ما مررنا به في حياتنا منذ الولادة وحتى الآن، سواء كنا نتذكرها أم لا.

اللاوعي يتضمّن العمليات العقلية التلقائية؛ مثل التكيّف مع المواقف، والعادات، وردود الفعل التلقائية، هذه العمليات تحدث دون أي تدخل من الوعي، فعلى سبيل المثال، عندما نقود السيارة ونصل إلى وجهتنا دون أن نتذكر تفاصيل الطريق بشكل دقيق، يكون اللاوعي هو الذي كان يوجهنا.

اللاوعي لا يتوقف عند الذكريات، بل يشمل أيضاً الرغبات والمخاوف والأحلام، وحتى الأمور التي حاولنا قمعها أو تجاهلها، إنه يحتفظ بجميع هذه المعلومات، ويؤثر علينا بطرق لا يمكننا دائماً إدراكها.

قد يهمك التعرّف إلى نصائح للتخلص من التوتر والخوف في أول أيام الجامعة وفق علم النفس.

لماذا اللاوعي أقوى من الوعي؟

يستطيع اللاوعي تخزين كميات هائلة من المعلومات

هناك عدة أسباب تجعل اللاوعي أقوى بكثير من الوعي:

  1. القدرة الهائلة على التخزين: بينما يعالج الوعي المعلومات بشكل محدود ومركّز، يستطيع اللاوعي تخزين كميات هائلة من المعلومات، كل ما نمر به يُخزن في اللاوعي؛ مما يجعله أكثر تأثيراً على سلوكنا وقراراتنا اليومية.
  2. التأثير الخفي: اللاوعي يعمل في الخلفية، وهو ما يجعل تأثيره كبيراً ولكنه غير محسوس، على سبيل المثال، إذا كانت لديك تجربة سلبية مع الكلاب في طفولتك، فإن اللاوعي قد يظل يخشى الكلاب حتى لو كنت لا تتذكر التجربة بوضوح.
  3. التشغيل التلقائي: الكثير من سلوكياتنا اليومية يتم تشغيلها بواسطة اللاوعي دون تدخل الوعي، هذا يسمح لنا بالتركيز على مهام أخرى أكثر تعقيداً، بينما يقوم اللاوعي بإدارة الأمور الروتينية تلقائياً.
  4. القوة العاطفية: اللاوعي هو مقر العواطف العميقة والمشاعر التي تتحكم في ردود أفعالنا الفورية، المشاعر المخزونة في اللاوعي يمكن أن توجه تصرفاتنا دون أن ندرك السبب.

أهمية فهم الفرق بين الوعي واللاوعي في العلاج النفسي

بالنسبة للمتخصصين في علم النفس، يعتبر فهم الفرق بين الوعي واللاوعي أمراً حاسماً في تقديم العلاج الفعّال، إن معرفة أن اللاوعي يشكل 90% من العقل يعني أن الكثير من المشاكل النفسية قد تكون مخبأة في هذا الجزء العميق من العقل.

  • العلاج النفسي:

يعتمد في كثير من الأحيان على استخراج هذه المعلومات اللاواعية ومعالجتها، تقنيات مثل العلاج بالتحليل النفسي أو العلاج بالتنويم المغناطيسي تعمل على الوصول إلى اللاوعي لاكتشاف الجذور العميقة للمشكلات النفسية؛ مثل الصدمات أو القلق أو الاكتئاب، في عالم العلاج النفسي، يعد فهم كيفية تأثير اللاوعي على سلوك الإنسان وحالته النفسية أمراً بالغ الأهمية، اللاوعي الذي يشكل الجزء الأكبر من عقل الإنسان، يحمل بداخله مجموعة هائلة من الذكريات، المشاعر، والمعتقدات التي تؤثر بشكل غير مرئي على حياتنا اليومية.

  • البرمجة اللغوية العصبية ( NLP):

البرمجة اللغوية العصبية تعتمد على فكرة أنماط التفكير والسلوكيات التي نمارسها تنشأ من المعتقدات والتجارب المخزنة في اللاوعي، يمكن للبرمجة اللغوية العصبية أن تساعد في "إعادة برمجة" هذه الأنماط عبر استبدال الأفكار والمعتقدات السلبية بأخرى إيجابية.

  • العلاج الإيحائي (التنويم المغناطيسي):

العلاج الإيحائي يعمل على مستوى أعمق من العقل، حيث يتم إحداث حالة من الاسترخاء العميق أو التنويم المغناطيسي للوصول مباشرة إلى اللاوعي، هذا النوع من العلاج يمكن أن يكون فعالاً جداً في معالجة الجذور العميقة للمشاكل النفسية.

  • الوصول إلى اللاوعي:

في حالة التنويم المغناطيسي، يدخل الشخص في حالة استرخاء تسمح للعقل الواعي بالتراجع؛ مما يفتح المجال للوصول إلى اللاوعي، في هذه الحالة، يمكن للمُعالج أن يغرس اقتراحات إيجابية أو يعالج الصدمات والمعتقدات السلبية المخزنة في اللاوعي.

  • إعادة تشكيل الذاكرة:

يمكن استخدام التنويم المغناطيسي لتغيير تأثيرات الذكريات السلبية المخزنة في اللاوعي، على سبيل المثال، يمكن تعديل ردود الفعل العاطفية تجاه ذكرى معينة لتكون أكثر إيجابية أو حيادية.

  • التعامل مع العادات والإدمان:

من خلال التنويم المغناطيسي، يمكن معالجة العادات السلبية أو الإدمان عبر تغيير البرمجة اللاواعية التي تدفع الشخص لتكرار سلوكيات معينة.

عبر إعادة برمجة الأفكار والمعتقدات السلبية واستبدال أخرى إيجابية بها، يمكن للشخص أن يتحرر من الأنماط السلبية التي قد تعيق تقدمه الشخصي والمهني، كما يمكن استخدام هذه العلاجات لمعالجة الجذور العميقة للمشكلات النفسية؛ مما يساعد على تعزيز الصحة النفسية بشكل عام وتحقيق التوازن الداخلي.

الخلاصة

الوعي واللاوعي يشكّلان جزأين لا يتجزءان من العقل البشري، حيث يلعب كل منهما دوراً حيوياً في حياتنا اليومية، ومع ذلك، فإن اللاوعي هو الأقوى والأكثر تأثيراً بسبب قدرته الكبيرة على تخزين المعلومات والتأثير على سلوكنا دون أن ندرك ذلك، إن فهم هذا التفاوت يساعد المتخصصين في علم النفس على تقديم العلاج بشكل أكثر فعالية، من خلال التركيز على معالجة الجذور العميقة للمشكلات النفسية المخزونة في اللاوعي.

 

من المفيد جداً التعرّف إلى فوائد الذكاء الاصطناعي للسفر مع اختصاصية نفسية.
*ملاحظة من "سيّدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج استشارة طبيب مختص.