لا تزال جائحة كورونا تشغل العالم، رغم التخفيف من بعض إجراءات الحجر الصحي في بعض الدول. وقد أعلن مستشفى الخدمات المساندة العام في باريس (AP-HP) في السابع والعشرين من شهر نيسان/إبريل الحالي أن المرضى الذين تمت معالجتهم بدواء توسيليزوماب Tocilizumab كانوا أقل حاجة إلى مساعدة أجهزة التنفس وكان معدل الوفيات بينهم أقل كذلك خلال الأربعة عشر يوماً من المراقبة والعلاج. علماً أنّ العلاج كان بمضاد الفيروس وبلازما الدم والجزيء المناعي والعلاج الخليوي... حتى هذه الساعة لم تتم الموافقة على أي من هذه العلاجات غير أن المختبرات تعمل بنشاط من أجل تسريع العمل على تسويق الجزيء الذي قد يكون غداً علاجاً ضد فيروس كورونا.
رغم أن كوفيد- 19 يرهب الكوكب، فإنَّ العلماء والأطباء يبحثون عن السلاح من أجل علاج المرضى. وفي الوقت الحالي لا يوجد دواء محدد ولكن الأمل موجود لإيجاده. وخلال الخطاب الرئاسي الذي ألقاه الرئيس إيمانويل ماكرون في 13 إبريل قال أن التحدث ما زال قائماً للبحث عن مخرج من هذه الأزمة الصحية. وبالإضافة إلى مسار اللقاحات، أشار الرئيس إلى أن فرنسا تشارك في أكبر عدد من التجارب السريرية في أوروبا وطمأن قائلاً "إلى أنه لن يتم تجاهل أي مسار".
في مقابلة أجرتها معه قناة أوروبا 1 في 26 نيسان/ إبريل يعتقد أرنود فوتانيه، البروفسور في معهد باستور وعضو المجلس العلمي أن "توفر العلاجات قد يصبح ممكناً في غضون ستة أشهر".
تابعي:كورونا ومرضى القلب: كل التفاصيل مع طبيب مختص
الأمل بوجود علاج جديد موجود دائماً
ما ينبغي أن نفهمه هو أنه عندما يدخل فيروس سارس – كوف SARS- CoV2 إلى الجسم فإنه يتكاثر (تظهر الأعراض الأولى خلال الأسبوع الأول)، وفي الغالبية العظمى من الحالات (في حوالي 80 في المائة) فإنَّ نظامنا المناعي يعمل على التخلص منه. والمشكلة هي أنه لدى الأقلية من المرضى، فإنَّ حالاتهم تتفاقم فجأة في حوالي اليوم السابع إلى العاشر ولا نعرف ما هو الخطأ الذي حصل. وتوضح فلورنس آدر من المستشفيات المدنية في ليون في صحيفة يوم الأحد بتاريخ 12 نيسان/إبريل قائلة: "إما بسبب عدم وجود استجابة مناعية، فإنَّ الفيروس يتضاعف إلى أن يسبب فشل الأعضاء؛ أو لأنَّ هذه الاستجابة المناعية قوية جداً"، بحسب "توب سانتيه".
بالإضافة إلى ذلك تتوفر للباحثين ذراعان هما:
• وقف تكاثر الفيروس: عن طريق مضادات الفيروس (إما بمفردها أو بواسطة كوكتيل).
• تعديل نظام المناعة: (إما تحفيزه بواسطة اللقاح أو الحقن بمضادات الأجسام، أو تثبيطه بواسطة علاج يثبط المناعة.
هناك تجربة سريرية أوروبية تحت اسم "Discovery" هدفها تقييم أربعة علاجات مضادّة للفيروس من أجل محاربة فيروس كورونا في بدايته، كما أعلن المعهد الوطني للصحة والأبحاث الطبية (Inserm) يوم الأحد في الثاني والعشرين من شهر آذار/مارس. وبتنسيق من فرنسا فقد تمَّ إجراء هذه التجربة السريرية في 7 بلدان أوروبية وشملت أكثر من 3 آلاف مريض منهم 800 في فرنسا. وتعمل التجربة على تقييم 4 علاجات: ريمدسيفير Remdesivir ومزيج علاج أوبينافير Opinavir/ ريتونافير Ritonavir (Kaletra) بالارتباط مع أو بدون الإنتيرفيرون بيتا Interferon beta والدواء المضادّ للملاريا هيدروكسي كلوروكوين Hydroxychloroquine. وينتظر الحصول على النتائج الأولية في نهاية شهر نيسان /إبريل.
تابعي المزيد: ما هو الكلوركين؟
ريمدسيفير Remdesivir (مضاد للفيروسات)
المختبر: Gilead
هذا الدواء الذي تمَّ اختباره دون نجاح على فيروس إيبولا هو دواء مضادّ للفيروسات أثبت فعاليته بالفعل في القرود ضد فيروس كورونا ميرس MERS. وأوضح البروفسور دينس مالفي من مستشفى بوردو الجامعي بعد أن تم إعطاء الدواء لمدة 10 أيام على مريض فرنسي في نهاية شهر كانون الثاني/يناير قائلاً: "إنه جزيء صغير قادر على اكتساب جميع أجزاء الكائن الحي ونعرف أنه ينتشربشكل مثالي في الرئة، العضو المستهدف من قبل المرض". وهذا الدواء كان محتملاً من قبل المريض واستطاع الخروج من المستشفى دون أية علامات سريرية.
وبالإضافة إلى تجربة Discovery كان هذا العلاج موضع تجربة علاجية مقارنة في الصين بالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية. كما أن هذا الجزيء الذي يعطي الكثير من الأمل كان كذلك هدف تجربة سريرية في الولايات المتحدة الأمريكية على 400 مريض. ووفقاً لدراسة أولية نشرت في 10 نيسان /إبريل في مجلة نيو إنغلاند للطب وأجريت على 53 مريضاً كانوا يقيمون في المستشفيات، فإنّ نسبة 68 في المائة منهم أظهرت تحسناً سريرياً.
تابعي المزيد:فيروس كورونا: ما هي المكملات الغذائية التي يجب تجنبها وفقاً لمنظمات عالمية ؟
ارتباط دواء أوبينافير Opinavir وريتونافير Ritonavir (مضاد الفيرورسات كاليترا Kaletra )
• المختبرات: AbbVie لدواء كاليترا Kaletra ومختبر Merk لدواء الإنتيرفيرون بيتا Interferon beta
تمَّ فعلياً إثبات فعالية مزيج هذين الدواءين ضد فيروس نقص المناعة البشرية HIV- Sida تحت اسم كاليترا. ويتم دراسته بالارتباط مع، أو بدون الإنتيرفيرون بيتا المعدل للمناعة.
الكلوروكوين (المضاد للفيروس Plaquenil ) بالارتباط مع أزيثروميسينAzithromycine
هذا الدواء المضاد للفيروس بلاكوينيل Plaquenil والمثير للجدل، والذي وصفه الطبيب المشهور للأمراض المعدية، ديديه راوول، تم اختباره في خمسين دولة وكان هدفاً للدراسات ضد فيروس السارس SARS وميرس MERS وإيبولا Ebola وشيشكونغونيا Chickungunya والإنفلونزا. وبعد تضمين الكلوروكوين في التجارب السريرية التي أجرتها في السابق أوروبا في برنامج Discovery حصل على نتائج مشجعة أولية وخصوصاً في الدراسات الصينية.
في فرنسا لم يتم استبعاد مسار الكلوروكوين:
بعض الأطباء يصفون هذا الدواء لمرضاهم الذين يعانون من الشكل الحاد من المرض في المستشفى. وكما ذكر المجلس الأعلى للصحة العامة يتم استبعاد جميع الوصفات للسكان بشكل عام للأشكال غير الحادّة من المرض. ونذكر أيضاً أن إعطاء دواء بلاكوينيل منظم بواسطة مرسوم ومحدود للمؤشرات الطبية الصارمة (التهاب المفاصل الروماتويدي، الذئبة، والوقاية من حساسية الشمس صيفاً) لكي لا يحدث مضاعفات.
وأخيراً فإن هيدروكسي كلوروكوين، وهذا مصدر للقلق، قد يسبب آثارًا جانبية خطيرة وخصوصاً في القلب والتي قد يؤدي البعض منها إلى الموت حسبما أشارت الهيئة الوطنية لسلامة الأدوية والمنتجات الصحية ANSM .
فافيبيرافير (Favipiravir (Avigan مضاد الفيروسات
استخدم مضاد الفيروس هذا بشكل خاص بنجاح لمحاربة الإيبولا وكان هدفاً لتجارب سريرية شملت 200 مريض صيني في مستشفيات ووهان وشنيزين. والنتيجة: يساعد على تقليل مدة المرض إلى 4 أيام (مقابل 11 يوماً بشكل عام)، وتقليل أعراض الالتهاب الرئوي. غير أن دواء Avigan ممنوع حتى الآن في أوروبا وفي الولايات المتحدة الأمريكية بسبب آثاره السلبية الخطيرة مثل حدوث تشوهات في الجنين لدى المرأة الحامل.
تابعي:فيروس كورونا: زيادة الوزن والسمنة عوامل خطر للعدوى الشديدة
معدلات المناعة ضد عاصفة السيتوكينات: ساريلوماب Sarilumab (كيفزارا Kevzara)، توسيليزوماب Tocilizumab، توفاسيتنيب Tofacitinib (زيلجانز Xeljanz)...
• المختبرات: Sanofi, Pfizer
العديد من الفرق حول العالم تهتم بالجزيئيات القادرة على مواجهة فرط تفاعل نظام المناعة، سواء كان ذلك "عواصف السيتوكينات"، وهي طفرة التهابية قوية مفاجئة سببها تدهور الحالة الصحية للمرضى الذين يعانون من الشكل الحادّ من المرض وظهور متلازمة ضيق التنفس الحاد. وقد أطلق مستشفى الخدمات المساندة العام في باريس بتاريخ 3 نيسان/إبريل تجربة CORIMUNO- 10 . وهدف الدراسة هو تحديد ما إذا كانت هذه الجزيئيات قادرة على تفادي حاجة المرضى الذين يعانون من الشكل المعتدل أو الحاد من المرض إلى أجهزة الإنعاش، وبالنسبة إلى المرضى الذين هم فعلياً على أجهزة الإنعاش تسريع خروجهم من غرفة العناية المركزة. وقد تمَّ فعلياً اختبار نوعين من الأدوية المضادة لالتهاب المفاصل الروماتويدي على 260 مريضاً (ساريلوماب Sarilumab و توسيليزوماب Tocilizumab).
تم الكشف عن النتائج الأولية بتاريخ 27 نيسان – إبريل: عمل توسيليزوماب Tocilizumab على تحسين تشخيص المرضى بحالة معتدلة وحادة من المرض. وكان مضاد الالتهاب كذلك هدفاً لتجربة سريرية (زيلجانز Xeljanz). تثير هذه الجزيئيات التي تهدف إلى الحد من الالتهاب، الكثير من الاهتمام: تخوض كل من مختبرات Sanofi وPfizer السباق في هذه التجارب السريرية.
مضاد التجلط من أجل مواجهة عاصفة السيتوكينات (Heparin )
يؤدي التهاب فيروس كورونا سارس- كوف SARS- CoV2 إلى تشكيل "عاصفة السيتوكين"، وهي عبارة عن استجابة مناعية غير متناسبة تسبب تدمير الخلايا المصابة بالفيروس. وتعزز هذه الاستجابة المناعية المفرطة (رد الفعل الالتهابي) تخثر أو تجلط الدم وبالتالي تشكيل الجلطات الدموية والتي ستكون سبباً في حدوث السكتات الدماغية التي ربما تكون مميتة -أو انسداد رئوي على سبيل المثال – والتي تؤدي إلى الموت. وفي إيطاليا تهدف الكثير من هذه التجارب إلى كسر هذه الدائرة الشريرة "الاستجابة المناعية – التي تسبب التجلط" بإعطاء دواء Heparin، المضاد للتجلط.
تابعي المزيد: ما حقيقة Air doctor في الوقاية من فيروس كورونا؟
لقاح BCG لتحفيز نظام المناعة
يهتم الباحثون بمكون التهابي يتم استدعاؤه عندما نصبح على تماس مع الفيروس. وهذا لسبب وجيه: يتميز فيروس كوفيد – 19 بأنه يسبب استجابة التهابية قوية جداً في الرئتين لدى المرضى المصابين بالحالات الحادة. ويوضح كل من لوران لاغروست (مدير الأبحاث في المعهد الوطني للصحة والأبحاث الطبية) وديديه باين (البروفسور الفخري في جامعة باريس 7 وأستاذ التخدير والإنعاش) بالقول إنه "إذا كان سارس SARS – Cov2 هو سبب الهجوم فإنَّ الاستجابة الالتهابية للمضيف هي التي تقتل". ووفقاً للاختبارات التي أجريت في هولندا على الفئران فإن لقاح BCG يقلل الحمل الفيروسي ويعمل على ضبط الالتهاب. وباختصار، فإنَّ اللقاح لن يستخدم للحماية ضد فيروس كورونا ولكن من أجل مساعدة نظام المناعة على المقاومة. ويثير ذلك المسار فريق الماني من الباحثين وكذلك فريق من معهد باستور في ليل ولم يتم إثبات شيء بعد ولكن يبدو هذا المسار واعداً.
بلازما الدم: مسار مضادات الأجسام من أجل تقوية المناعة
هنا مرة أخرى يتم العمل على تقوية المناعة: هناك تجربة سريرية تحت اسم "Coviplasm" بدأت يوم الإثنين 6 نيسان/إبريل وتجرى بالتعاون ما بين مستشفيات فرنسا للخدمات المساندة العامة والمؤسسة الفرنسية للدم والمعهد الوطني للصحة والأبحاث الطبية. تقود هذه التجربة السريرية البروفسور كارين لاكومب، رئيسة قسم الأمراض المعدية والاستوائية في مستشفى سانت أنتوان في باريس. وحالما تؤخذ العينات من 200 مريض تمَّ شفاؤهم فسوف تظهر نتائج هذه التجربة السريرية في نهاية شهر نيسان/ إبريل. فمن أين أتت فكرة استخدام الدم من المرضى الذين تمَّ شفاؤهم؟ البلازما الغنية بالأجسام المضادّة المأخوذة من الأشخاص الذين تمَّ شفاؤهم من عدوى فيروس كورونا قد تساعد على شفاء بعض المرضى. وقد تم استخدام هذه التقنية في فترة الإنفلونزا الإسبانية. وقد صرحت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية باستخدام البلازما تحت تصنيف "دواء جديد تجريبي". وفي المرات الأولى سوف يستخدم على المرضى في اثنين من مستشفيات نيويورك. وسوف يتلقى المرضى في مستشفيات أخرى دواء وهمياً والهدف سيكون استخدامه على الأشخاص الأكثر عرضة للخطر، مثل طاقم التمريض.
تابعي المزيد: علاج فيروس كورونا بـ بلازما الدم يحقق نجاحاً في السعودية
العلاجات الخليوية (الحبل السري)
تمتاز خلايا الحبل السري بخصائص مضادّة للالتهاب ومضادّة للتليف والتعديل المناعي. وبدأ التجربة السريرية التي تسمى Stroma- coV2 البروفسور أنطوان مونسي من قسم الإنعاش في مستشفى بيتي – سالبيترير بهدف معالجة المرضى الذين على أجهزة التنفس ويعانون من متلازمة التهاب الجهاز التنفسي الحاد الشديد من الفيروس. وأجريت التجربة على 60 مريضاً وتشتمل على 3 جرعات ورديدية من الخلايا اللحمية المتوسطة من الحبل السري يتم تكرارها كل 48 ساعة مع معيار رئيسي للحكم على تطور المؤشرات التنفسية والحالة السريرية للمرضى.
تحذير بشأن العلاجات المعجزة: حتى يومنا هذا لم يتم التصريح بأي من العلاجات ضد فيروس كورونا المستجد هذه من قبل السلطات الدولية.
تابعي المزيد:أعراض مرض السكري المبكرة... اكتشفيها وقومي بما يلزم