يعاني كثير من الناس، ذكورًا وإناثًا، من مشكلة الـ"يويو"، أي الانخفاض السريع في الوزن جرّاء اتباع حمية غذائيّة مخسّسة ما، فإعادة اكتساب الكيلوغرامات المفقودة بسرعة بعد الانقطاع عن الحمية، فالدخول إلى مرحلة جديدة من خفض الوزن باتباع الحمية عينها أو أخرى.. وهكذا دواليك، ما يجعل الجسم شبيهًا بلعبة الـ"يويو"، إذ يبدو تارّة متقلّصًا، وطورًا بدينًا. فهل المشكلة ترجع إلى طبيعة الجسم أم إلى الحمية الغذائيّة المتبعة للتخسيس؟
توضح اختصاصيّة التغذية رولا غدّار لـ"سيدتي. نت" أنّ "مشكلة الـ"يويو" في غالبيّة الحالات ترجع إلى طبيعة الحمية الغذائيّة المخسّسة المتبعة". وفي هذا الإطار، هي تلفت إلى ضرورة تجنّب نماذج الحميات الآتية، مهما كانت وعودها في شأن الكيلوغرامات المفقودة أو الوقت القصير الذي تتطلّبه حتّى يشعر متتبعها بنتائج ملموسة أو السهولة في التطبيق...
تابعوا المزيد: العلاقة بين التمارين الرياضية والسعرات الحرارية
| الأنظمة الغذائيّة "الصارمة": هذه الأنظمة غير مُستدامة، والنتيجة الحتميّة لاتباعها هي الانقطاع عن الأغذية التي تقترحها لوجباتها، بعد وقت قصير، والاستسلام لأمر الأكل بدون حساب! ومعلوم أنّ الأنظمة الغذائيّة "الصارمة" تولّد الإحساس بالحرمان لمتتبعها، فلا يمكن لأي فرد مهما كانت إرادته صلبة أن يتناول المأكولات الصحيّة قليلة السعرات الحراريّة في كلّ وقت، ومن الطبيعي أن يدرج بعض المأكولات غير الصحيّة من وقت إلى آخر في وجباته.
من جهة ثانية، يقود الالتزام حتّى 80% بقواعد النظام الغذائي المخسّس الصحّي إلى نتيجة أفضل على صعيد خفض الوزن على المدى البعيد، بالمقارنة باتباع قواعد نظام غذائي "صارم" لا يترك لمتتبعه فسحة لمأكولات أقل صحيّة في وجباته، بحسب دراسات.
| الأنظمة الغذائيّة التي تولّد الإحساس بالحرمان: يتفرّع من الأنظمة الغذائيّة "الصارمة"، بعض الحميات المخسّسة التي تحرم متتبعها من تناول طعام بعينه، كالحلويات مثلًا. معلوم أنّ كلّ ممنوع مرغوب، وبالتالي عندما يحرم المرء نفسه من تناول بعض المأكولات، فإنّ الرغبة فيها تزداد، وتدفع إلى تناولها بشراهة! مثلاً: إذا حرمت نفسكِ من الشوكولاتة، ستشتهين هذا الصنف بصورة مضاعفة، وعوضًا عن تناول قطعة منه، ستتناولين جرّاء الحرمان منه خمس قطع! لذا، يتفق خبراء التغذية على ضرورة ألّا يحرم المرء نفسه من أي صنف من الطعام، بل أن يتناوله بوعي، مع الشعور بالرضا جرّاء القليل منه.
| الأنظمة الغذائيّة فقيرة السعرات الحراريّة: يدخل هذا النوع من الحميات الغذائيّة جسم متتبعه "وضع المجاعة"؛ إذا كان الجسم يقوم بإحراق 1800 سعرة حراريّة في اليوم، فيما المرء يكتفي بتناول 800 سعرة منها، في إطار حمية مخسّسة، فإن الجسم يلج "وضع المجاعة"، أي هو سيخفض نسبة إحراق السعرات (الأيض)، وسيزيد نسبة تخزين الدهون. وجرّاء ذلك، وعند معاودة اتباع نظام غذائي "طبيعي" يؤمّن السعرات الحراريّة الحقيقية التي يحتاج المرء إليها، فإنّ الوزن سيزيد أكثر ممّا كان عليه قبل اتباع الحمية!
سؤال هامّ
يشرح ما تقدّم سبب مشكلة الـ"يويو"، مع كلّ دورة من الحميات الغذائيّة المخسّسة، الدورة التي تزيد الوزن أكثر فأكثر بعد وقف اتباع الرجيم المخسّس!
وعن الحلّ، تقول غدّار إنّه "يكمن في اختيار نظام غذائي متكامل ومرن وممتع يمكّن متتبعه من الالتزام به طويلًا. لذا، قبل اتباع أيّة حمية مخسّسة، على المرء أن يسأل السؤال الآتي: هل يمكنني أن أتبع هذا النظام مدى الحياة؟ إذا كانت الإجابة لا، فإنّه يجب اختيار نظام غذائي آخر للحفاظ على الوزن وتجنّب مشكلة اليويو".
مخاطر تولّدها مشكلة الـ"يويو"
تولّد مشكلة الـ"يويو" أي الانخفاض السريع في الوزن وإعادة اكتسابه بسرعة، جملة من المشكلات الصحيّة:
• فقدان الكتلة العضليّة: عندما يتبع الفرد نظامًا غذائيًّا "صارمًا"، فإنّ نسبة العضلات تقل جنبًا إلى جنب الدهون، ولأنّ الجسم يستعيد الدهون بصورة أكثر سرعةً مُقارنة بالعضلات، فهذا ينتج في نهاية الأمر زيادة نسبة الدهون مقارنة بالعضلات، ما يؤدي إلى فقدان القوّة البدنيّة! علمًا أنّ فقدان الكتلة العضليّة، يتسبّب بتراجع نسبة إحراق الدهون في الجسم. وكلّما اتبعنا نظام رجيم "صارمًا"، فإنّ الهرمون المسؤول عن تخزين الدهون يزداد في الجسم، مّما يتسبب بزيادة الوزن! للحدّ من أمر فقدان الكتلة العضليّة، تفيد المداومة على أداء النشاط البدني، بخاصّة تدريبات القوّة، ما يحفّز على تكوين العضلات.
• زيادة مخاطر الإصابة بالسكّري: يرتبط فقدان الوزن، فاكتسابه بصورة متكرّرة، بارتفاع مخاطر الإصابة بالنوع الثاني من السكّري، فقد أثبت بعض الدراسات أنه عندما يستعيد المرء الوزن بعد فقدانه، تتركّز الكيلوغرامات الإضافيّة في منطقة البطن، وهو ما يمثّل مشكلة خطيرة، لأنّ دهون البطن ترتبط بالإصابة بالنوع الثاني من السكّري.
• زيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب: يترتّب على مشكلة الـ"يويو"، رفع مخاطر الإصابة بداء الشريان التاجي، الحالة التي تصبح فيها الشرايين التي تمدّ القلب بالدم، ضيّقة. أمّا زيادة الوزن عمومًا، فتتعلّق بزيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب.
• ارتفاع ضغط الدم: يتعلّق التأرجح بين نقصان الوزن واكتسابه بمخاطر ارتفاع ضغط الدم، ففي دراسة تناولت أحوال 66 فردًا، لاحظ الباحثون أن هؤلاء الذين لديهم تاريخ في مشكلة الـ"يويو"، سجّلوا علامات أقلّ لناحية التحسّن على صعيد ضغط الدم خلال خفض الوزن. لكن، في دراسة منفصلة أجريت على المدى الطويل، لوحظ أن هذا التأثير يتلاشى، ما يعني أن مشكلة الـ"يويو" في سنّ الشباب لا تؤثر في رفع فرص الإصابة بأمراض القلب في منتصف العمر أو بعد ذلك.
تابعوا المزيد: حمية الثلاث ساعات ناجحة.. ولكن؟