لم تكن الصعوبات والتضحيات بالنسبة لـ د.لمياء ابراهيم، استشارية الجودة وسلامة المرضى وطب الأسرة والمجتمع، إلا عوامل صقلت شخصيتها وأكسبتها خبرة واقعية في التعامل مع العوائق وحلها، لم تقف عند المجال الطبي، بل وسعت آفاقها حتى وجدت لنفسها مكاناً في عالم التطوع، كما أصبحت كاتبة رأي ومحاضرة على وسائل التواصل الإجتماعي. كان لنا معها هذا الحوار الشيق الذي فتحت فيه لنا قلبها لتشاركنا بعضاً من محطات رحلتها وأفكارها.
"كنت أفكر عندما أمرّ بصعوبات أو تضحيات، أنني سأكتبها في سيرتي الذاتية، ولكنها صنعت شخصيتي وأكسبتني خبرة واقعية في التعامل مع العوائق وحلها، وكذلك كان لوطني دور في تبلور شخصيتي بتحصيل العلم والمكانة، وهو قضيتي التي أدافع عنها دائماً وأكتبها في مقالاتي؛ فالمقالة فكر أركز خلالها على قيمة وأهمية المطروح، ووقته المناسب؛ لتوجيه رسالة وطرح التحدي وتقديم الحلول، كما ألّفت كتابي «طفلي بين خبرة أمي واستشارة طبيبتي»، والمترجم لخلاصة علمي وتجربتي كأم وطبيبة أطفال وطبيبة أسرة، ونجح آنذاك، لكن مع التطور المعلوماتي الحالي؛ فالكتب كوسيلة توعوية محدودة الوصول والاستفادة والانتشار مما يُحبط الكاتب؛ خاصة في الكتب المعلوماتية التي هي نتاج جهد وأبحاث ووقت من دون عائد مادي أو تعاون جهات."
التطوع
كانت أهدافي قريبة المدى، وقابلة للتحقق، أن أتفوق مثلاً أو أتعلم مهارة، وبعد تحقيقها وقفت لأفكر.. ما هو هدفي الحقيقي؛ فكان تحقيق السعادة والقرب إلى الله بالعمل الصالح، الذي هو عمار الأرض وبناء الإنسان؛ فخضت مجال التطوع رسمياً بعد أن كنت غير منظمة بإعطاء المال للجمعيات أو الفقراء، دون تحمُّل مسئولية، وأصبحت أساهم بشكل مباشر أو كسفير لجمعيات أو أربط بين جمعيات ومحتاجين، أو حتى لجهة عملي مع الإدارات المعنية، وساعدني على ذلك علاقاتي الممتدة مع المحتاجين والراغبين في التطوع.
النساء أنجح توعية
النساء أكثر حرصاً على التوعية المجتمعية؛ لأنهن قريبات من المجتمع والممارسات اليومية التي تحتاج آليات للتعامل، وتتطلب الصبر لبطء مردودها المعتمد على تقديم المعلومة وانعكاسها على السلوك لاحقاً، وكذلك هي غير مغرية ماديّاً ولا تُخصص لها ميزانيات مستقلة؛ فالمرأة تتميز بقدرتها فطريّاً على القيام بأكثر من مهمة دقيقة في وقت واحد، بينما يفضل الرجل التركيز وعدم التشعب ويتحمل التزامات أسرية ومادية.
الطب
طب الأسرة أحد تخصصاتي ومهامي الوظيفية لتأهيلي وتحصيل الزمالة الطبية، وهو يعتني بـ٨٠٪ من الحالات الصحية بشمولية الإنسان في الصحة والمرض، وينظر للجانب العضوي والتأثير النفسي والمجتمعي، ومنذ عام ٢٠١٦ لاحظت قصوراً في فهم الجودة بين الممارسين الصحيين؛ بل وكراهية لمن يطلب تحقيقها، ومنها الحماية من العدوى وسلامة العاملين بجميع المجالات؛ حتى عُمَّال النظافة، وأكدت أزمة كورونا أهمية تطبيقها، ولأنني أحمل ماجستير الصحة العامة في إدارة الأنظمة الصحية والجودة؛ فقد رفعتُ أكثر من مشروع لتعزيز الوعي بالجودة وتطوير التواصل نُفّذ منها الكثير، كالدورات التدريبية عن بُعد للممارسين الصحيين في السعودية، ونشر ثقافة الجودة، وتأكيد ممارستها وتقديم الاستشارات بصورة صحيحة والتحفيز المستمر، ويبقى وجود قاعدة مرجعية محدّثة باستمرار وسهلة الوصول للمعايير والتشريعات، ولجنة مرجعية متخصصة ذات صلاحية للمتابعة والتطوير المستمرين.
التلوث وطب الأسرة
أثناء تخصصي الصحة العامة، اهتممت بالتلوث؛ لملاحظتي مشاكل الحساسية المشتركة بين معظم مراجعاتي من الحي نفسه، ولتخصصي طب المجتمع والوبائيات والاستقصاء، يهمني الوصول لأصل المشكلة وحلها، والتي كانت نوعية الأشجار المزروعة بالحي، وأبلغت الإدارة لكن للأسف صلاحيات طب الأسرة غير مُفعَّلة رغم ارتباطها في كثير من الدول بالبيئة والإسكان والبلدية، وترتب قرارات ولجان عليها.
الجمع بين المهام والتواصل
بعد أزمة كورونا عرف الكثيرون «التباعد الاجتماعي»، الذي هو أسلوب حياتي منذ دخلت كلية الطب، بسبب طبيعة الدراسة وانشغالي بمنزلي وعائلتي؛ مما يقنن عليَّ التواصل الاجتماعي الطبيعي؛ فلجأت للافتراضي ليغذي جانبي الاجتماعي، وتطوعت خلاله لاستشارات في تخصصي، والعفوية أكسبتني قاعدة جماهيرية، وخلاله أعاني انعدام الخصوصية، وتقييد الرأي؛ فهناك من يعاديك ويشوه سمعتك لأنك تتبنى رأيّاً ضد مصالحه الخاصة، أو لغيرة الزملاء والإعلام، ووجود الحسابات الوهمية التي تختلق رأياً عاماً باستخدام الإعلام الجديد وألعابه؛ مما أفقد «تويتر» مصداقيته، غير تصفية الخصوم بحروب شرسة، والأحزاب والشللية وانعكست على تغريداتي؛ فأصبحت أكثر حذراً ورسميةً؛ تجنبّاً للمشاكل.
قالوا عنها:
شخصية تعجز الكلمات عن وصفها، متواضعة، راقية، طموح جداً، ومحترفة في مجالها وقوية ومؤثرة في المجتمع، نتمنى لها التوفيق.
شادن النفيسة – صيدلانية.
روح التحدي والعزيمة القوية جعلاها تمهِّد أصعب الطرق للإنجاز، صاحبة نظرة شمولية تركز على الهدف وتستغل الموارد بأفضل صورة لتحقيقه، ونجحت في تحقيق الموازنة عالية الصعوبة بين التطوير العلمي ورعاية الأسرة والتفاني بالخدمة المجتمعية.
عبدالواحد محمد المطر – مدير تنفيذي قيادي في القطاع المصرفي السعودي.
من الشخصيات التي شقت طريقها للوصول إلى أذن وقلب الناس بقلم شجاع؛ مستخدمةً خلاصة مسيرتها العلمية والعملية ومكانتها؛ فأدت رسالتها رغم العادات والتقاليد المحافظة، بكل رقي وحب وتفانٍ، أكنُّ لها الحب والتقدير، ومزيداً من العطاء والتقدم.
معدية أحمد – مدير إدارة الابتكار.
السيرة الذاتية:
- استشارية الجودة وسلامة المرضى وطب الأسرة والمجتمع.
- مقيّمة جودة المنشآت الصحية CBAHI.
- مستشارة التخطيط والتميز المؤسسي في وزارة الصحة.
- ممثلة وزارة الصحة في الإستراتيجية الوطنية للمرأة وهيئة حقوق الإنسان الوطنية لمكافحة التمييز ضد المرأة.
- كُرِّمَت من وزارة الإعلام كرائدة في الطب.
- تحمل العضوية الفخرية وجائزة التميز الإنساني من مجلس العالم الإسلامي للإعاقة والتأهيل.
- عملت مديرة لادارة التواصل الداخلي في وزارة الصحة، ونائبة مدير عام التوعية الصحية.
- عملت مديرة إدارة التوعية الصحية ونائب رئيس لجنة البرامج الصحية، ولجنة الجودة والتدريب بصحة الرياض.
- ممثلة منصة التواصل في القيادة والتحكم لمرض كورونا.
- كاتبة رأي ومحاضرة وناشطة مؤثرة على مواقع التواصل الاجتماعي.
- سفيرة لجمعيات تطوعية.