مهما كان الموظّف محبًّا لعمله، وشغوفًا به، فقد يُعاني في بعض الأوقات من عدم القدرة على الإنجاز والوفاء بالمواعيد النهائيّة للمشاريع، ما يولّد التوتر والإجهاد والشعور ببعض المشاعر السلبيّة، كالعجز. الضغوط في العمل حالة تشكو غالبية الموظفين منها، لكن إذا استمرّت الحالة طويلًا، فقد تخلّف العديد من الآثار السيئة على الصحّة الجسدية والنفسية.
أسباب مسؤولة عن الضغوط في العمل
يُعرّف الأستاذ الجامعي والبروفِسور في علم النفس محمد بن مترك القحطاني الضغط في العمل، قائلًا إنّه "الضغط النفسي السَيِّئ الذي يراود الموظف في بيئة العمل، ليشعر جرّاء ذلك بعدم التركيز وبغياب القدرة على الإنجاز وبالضيق... من دون تحمّل لبيئة العمل"، مضيفًا أن "الضغط في العمل قد يجعل الموظّف يحسّ بالفشل". ويعلّق البروفسور القحطاني أهمّية على آلية التعامل مع الضغط في العمل، ويدعو كلّ موظّف يشكو من الحالة إلى التعرّف إلى أسبابها، لأنّ الضغط في العمل يؤثّر سلبًا في الأفراد وأدائهم، لتنخفض الإنتاجيّة تاليًا، سواء في "المنظّمة" أو المجتمع ككل".
عن أسباب الضغط في العمل، يقسّمها البروفِسور القحطاني إلى قسمين وفق الآتي:
1. الأسباب ذات الصلة بالموظف، منها: انعدام الثقة بالذات، والتعرّض لظروف اجتماعيّة خارجيّة تلزم العامل على التفكير بها في موقع العمل، والتسويف.
2. الأسباب الناجمة عن المنظّمات، فهي: غياب العدالة في توزيع المهام على الموظّفين، الأمر الذي يجعل أحد الموظفين مفوّضًا بالكثير من المهام. فإذ مرّ الموظّف المذكور بضغط خارجي أو داخلي، هو سيشعر بالتوتّر بصورة مضاعفة تجاه العمل، وسيعتقد أنّه يعمل بشكل يتجاوز زملائه بأشواط. على الجانب الآخر، سيشعر الأخيرون بالتهميش وبالدونيّة، وبأنهم ليسوا ذوي قيمة. من الأسباب الخاصّة بالمنظمات أيضًا، أجور الموظفين التي لا تمنح كاملة، موضّحًا أنّه المقصود بالأجور ليس الرواتب فحسب بل الترقية والحوافز، فعندما تمنع الشركة عن الفرد ما يستحقّه، سيشعر بالضيق والضغينة تجاه بيئة العمل. تشتمل الأسباب أيضًا، على: عدم توفير بيئة ملائمة للعمل، من مكتب ومستلزمات وأدوات، والبعد عن الاستماع لمشكلات الموظفين وقضاياهم.
كيفيّة التعامل مع الضغوط في العمل؟
من جهةٍ ثانيةٍ، يعدّد البروفِسور القحطاني بعض الحلول والخطوات التي يجب على الموظّف تطبيقها، في مواجهة الضغوط في العمل:
- المتعة بالإجازة الأسبوعيّة، مع محاولة كسر الروتين خلالها، فإذا كان الفرد قادرًا على السفر لمنطقة أخرى أو زيارة الأصدقاء أو تجربة أي نشاط جديد، فيجب أن يقوم بذلك حتى يعود بشكل حيوي إلى العمل، في بداية الأسبوع.
- تنظيم الوقت في أيّام الدوام، كالبعد عن السهر والحصول على القسط الكافي من النوم، بخاصّة عندما تتطلّب مهام العمل الكثير من الدقة.
- ترتيب الأعمال والأولويّات، مع الإشارة إلى أن بعض الموظفين يُراكم الأعمال، ثمّ يشعر بالضيق جرّاء كثرتها!
- نسج روابط إيجابية مع الآخرين، وطلب المساعدة حين تدعو الحاجة إلى ذلك.
- لا يخلو أي عمل من سلبيّات، لكن التركيز على الجوانب الإيجابيّة في العمل يجلب الراحة النفسية للموظّف، كما يُحفّز على الإبداع.
لناحية المنظّمات، سواء كانت شركات أو مؤسّسات، فإن الحلول التي يمكن أن تتبعها للتخفيف من الضغوط في العمل، تشتمل على:
- العدل بين الموظفين والبعد عن التمييز بينهم، عن طريق التوزيع الجيد للمسؤوليات والواجبات حتى يقتنع الموظفون بالمهام الموكله إليهم.
- "الفرد المناسب في المكان المناسب" مقولة مناسبة في هذا الإطار، لأنّ الضغوط في العمل تتردّد بخاصّة في صفوف الموظفين الذين لايمتلكون المهارات الكافية لأداء مهامهم.
- الاستماع لمشكلات الموظفين وإعادة النظر في مقترحاتهم، واتخاذ الإجراءات المناسبة للتغيير، إذا كان هذا الأخير يصبّ في مصلحة المنظمة، أو على الأقل أخذ ملاحظات الموظفين في الاعتبار، مع حلّ الأمور في المستقبل القريب. الجدير بالذكر أن حالة المدير أو الرئيس في العمل، الذي ينصت لمسائل للموظفين تُعرف بـ"التنفيس الانفعالي".
- توفير بيئة جيدة وآمنة للموظفين، كتزويدهم بالتكييف الملائم والمستلزمات المكتبية الجيدة والأدوات التي تُسهّل أداء العمل، بعيدًا من بيئات العمل غير النظيفة أو الخطرة التي قد تتسبب بالمشكلات الجسدية.
في باب الحلول، يقترح البروفِسور القحطاني على المنظمات الرائدة والشركات الكبرى، التعاون مع متخصصين في علم الاجتماع أو علم النفس، والإفادة من خبراتهم في مواجهة بعض المشكلات التي تواجهها المنظمة وموظفيها، ما يؤدّي إلى تطوير بيئة العمل.