كان العالم الجليل الراحل أحمد زويل، الحائز الوحيد على جائزة نوبل في الكيمياء عام 1999، والعديد من الجوائز الوطنية والدولية الأخرى، محاضرًا كاريزميًا. على حد تعبير صديقه الحائز على جائزة نوبل في الكيمياء (2006)، روجر كورنبرغ، "فحبه للعلم وحبه للناس وحبه للحياة يًعد وصفًا إجماليًا لشخصية هذا الرجل المذهل".
ويستطرد روجر بوصف زويل عبر سطور شكسبير قائلًا "كانت حياته لطيفة، حيث اختلطت عناصر الحياة فيه لدرجة أن الطبيعة قد تقف وتقول للعالم كله: كان هذا إنسانًا "... كان هذا وصفًا دقيقًا لعالم الكيمياء المصري الراحل د. أحمد زويل والذي تشاركك سيدتي الاحتفاء بذكرى وفاته والتي تحل اليوم 2 أغسطس..
• استخدام زويل لتقنية الليزر السريع تشبه ما فعله جاليليو
بحسب royalsocietypublishing.org، كان د. أحمد زويل شخصًا مذهلًا محسنًا للحياة يتمتع ببراعة تقنية استثنائية كخبير تجريبي ومفكر عميق، وكان إبداع إنتاجه العلمي استثنائيًا، فقد أظهر مهارات رائعة بعلمه الغزير وذكائه المتقد، ويمكن تشبيه استخدام زويل لتقنية الليزر السريع باستخدام عالم الفيزياء الشهير جاليليو لتقنيته والتي وجهها نحو كل ما يضيء قبو السماء. فقد جرب زويل ليزر الفيمتو ثانية حرفيًا على كل ما يتحرك في عالم الجزيئات. ووجه تلسكوبه نحو حدود العلم، حيث كانت أهم خطوة اتخذها زويل في عمله الضخم والذي نال عليه جائزة نوبل هي الاستفادة من مفهوم التماسك الجزيئي.
كان لزويل وجه آخر يتعلق بحب وطنه الأم واحترامه الكبير للمرأة، فقد بذل جهودًا كبيرة لتصميمه على إنشاء مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا في ضواحي مدينته الحبيبة القاهرة، كما أثر بشكل كبير على مخطط لوريال - اليونسكو لمنح جوائز للنساء في مجال العلوم، فكان من أهم داعمي المرأة بمجالات العلوم.
• زويل في الذاكرة إلى الأبد لثلاثة أسباب رئيسية:
ذكرى العالم د. أحمد زويل ستظل بذاكرة العالم لثلاثة أسباب هامة هي:
- أولاً، في عام 1991، أذهلت الورقة التي نشرها زويل مع جيه سي ويليامسون، والتي أبلغوا فيها عن استخدام حيود فيمتوثانية لدراسة الحزم الجزيئية من يوديد الصوديوم، العديد من الأعضاء البارزين في مجتمع الفحص المجهري الإلكتروني، وقد كان ظهوره علامة مبكرة على فجر حقبة جديدة في علم البلورات والفحص المجهري. لم يكن من الممكن على الفور فقط رؤية كيف يمكن تسجيل أنماط حيود الإلكترون فائق السرعة، بل وعد أيضًا بعصر يمكن فيه تسجيل التصوير فائق السرعة بالقرب من النطاق الذري، وكذلك التحليل الطيفي لفقدان الطاقة الإلكترونية، بطريقة متوازية
- ثانيًا، هو الذي أظهر لأول مرة أن بنية وديناميكيات الذرات في الحالة الانتقالية للتفاعلات الكيميائية يمكن تحديدها من خلال الاستخدام الحكيم لليزر فائق السرعة، في مجال كان رائدا، والذي صاغه، وأسماه فيمتوكيميستري (femtochemistry)
- ثالثًا، قام بتحويل كل من حيود الإلكترون في الطور الغازي والمجهر الإلكتروني النافذ من خلال تحسين الدقة الزمنية بنحو 10 أوامر من حيث الحجم، مع الاحتفاظ في نفس الوقت بالدقة المكانية للفحص المجهري الإلكتروني على المستوى الذري.
• عالم في وقت مبكر من الحياة
ولد أحمد زويل في دمنهور، "مدينة حورس"، على بعد 60 كيلومترًا من الإسكندرية في مصر، لكنه قضى طفولته في فرع رشيد بدلتا النيل بمدينة دسوق، التحق بجامعة الإسكندرية، وتخرج منها بدرجة بكالوريوس العلوم مع مرتبة الشرف العليا. وقد كان بطفولته مفتونًا برياضيات الكيمياء. فبحسب روايته (في كتابه عن جائزة نوبل)، أنه صنع بغرفة نومه جهازًا صغيرًا من موقد الزيت الخاص بأمه (لصنع القهوة العربية) وعدد قليل من الأنابيب الزجاجية، ليرى كيف يتحول الخشب إلى غاز محترق ومادة سائلة.
بعد أن حصل على درجة الماجستير في علم الضوء، سافر إلي الولايات المتحدة لمواصلة دراسته في منحة دراسية، وحصل على درجة الدكتوراه من جامعة بنسلفانيا في علوم الليزر، ثم عمل باحثا فى أكثر من جامعة وتدرج في المناصب العلمية الدراسية داخل جامعة كالتك إلى أن أصبح أستاذاً رئيسياً لعلم الكيمياء بها، وخلال رحلته العلمية الطويلة والتي حصل فيها على جائزة نوبل ابتكر نظام تصوير سريع للغاية يعمل باستخدام الليزر له القدرة على رصد حركة الجزيئات عند نشوئها وعند التحام بعضها ببعض، والوحدة الزمنية التى تلتقط فيها الصورة هى فيمتو ثانية، وهو جزء من مليون مليار جزء من الثانية.
• الأوسمة والجوائز
حصل زويل على عشرات الدرجات الفخرية من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك جامعات أكسفورد وكامبريدج، وقد كان أول مبعوث علمي أمريكي إلى الشرق الأوسط (عينه الرئيس أوباما).
إلى جانب جائزة نوبل وجائزة الملك فيصل وجائزة الذئب، حصل زويل أيضًا على وسام فيرمي. كان أول من يشغل كرسي لينوس بولينج للكيمياء، وكان أستاذًا للكيمياء والفيزياء ومديرًا لمركز البيولوجيا الفيزيائية للعلوم والتكنولوجيا فائقة السرعة في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا. منحته الجمعية الكيميائية الأمريكية له جائزة بيتر ديباي (1996)، وجائزة إي برايت ويلسون (1997) وميدالية بريستلي (2011)، وهي أعلى جائزة لها. حصل على وسام فرانكلين (1998) من معهد فرانكلين، وجائزة ألبرت أينشتاين العالمية للعلوم (2006) وميدالية ديفي للجمعية الملكية (2011).
منحه رئيس مصر وسام النيل (1999)، وصدر طابع بريدي مع صورته في مصر بعد فوزه بجائزة نوبل. كما تم تعيين زويل فارسًا من وسام الاستحقاق في وطنه مصر. منحته فرنسا وسام وسام جوقة الشرف وضابط وسام الاستحقاق الوطني. وأعطاه لبنان وسام الأرز الوطني الكبير، ووسام الجمهورية التونسي.
توفي أحمد زويل في 2 أغسطس بالعام 2016، وقد أمر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسس بعمل جنازة عسكرية لزويل في 7 أغسطس 2016 في مسجد المشير طنطاوي في القاهرة، إلا أن ذكرى زويل وما قدمه للعلم والإنسانية ستظل حاضرة مضيئة بذاكرة كل البشر.