المخرجة التونسية كوثر بن هنية: المخرجون السعوديون لديهم كنز ثمين بين أيديهم

المخرجة التونسية كوثر بن هنية
المخرجة التونسية كوثر بن هنية

تُعد المخرجة التونسية كوثر بن هنية واحدة من الأصوات السينمائية الفريدة، التي تنشغل بإثراء الشاشة الكبيرة بالقصص القوية والمؤثرة. ومنذ بداياتها الواعدة، استطاعت أن تلفت الانتباه، وتثير الإعجاب من خلال أعمالها المتميزة التي تتسم بالجرأة والتجديد. مسارها السينمائي مليء بالإنجازات؛ حيث قدمت أفلاماً استقطابية ومعبرة تستحق الاهتمام. وقد شاركت وكُرِّمت بشكل كبير في مهرجانات سينمائية عالمية عدة؛ حيث فازت بجوائز مهمة، وترشحت أفلامها للأوسكار، وبفضل رؤيتها الفريدة ومهارتها في إخراج الأفلام، أصبحت بن هنية صوتاً لامعاً ينبض بالإبداع والتميز. والآن، بفضل فيلمها الجديد «بنات ألفة»، عادت بن هنية إلى مهرجان كان بقصة جديدة تعكس حساسية فنها ورؤيتها الفريدة؛ حيث أثارت مشاركتها هذا العام في المسابقة الرسمية للمهرجان، اهتماماً كبيراً، وجذبت الأضواء من جديد نحوها. في هذا الحوار، نتعرف بشكل أكبر إلى مشوار كوثر بن هنية السينمائي والفني، وعن أبرز التجارب والمحطات التي جعلتها واحدة من أبرز الأسماء اللامعة في مجال صناعة الأفلام في الوقت الحالي.

تصفحوا النسخة الرقمية العدد 2214 من مجلة سيدتي

 



حوار | معتز الشافعي Moetaz Elshafey
تصوير | طارق رفول Tarèck Raffoul
مدير إبداعي ومنسق الأزياء | فاروق شقوفي Farouk Chekoufi
مكياج | عزيزة البدوي Aziza El Badoui
باستخدام مجموعة مكياج جيرلان Guerlain Makeup Summer 2023 Collection
شعر | Alan Leal
المجوهرات | من مجموعة Serpent Bohème Pink Quartz Collection
من بوشرون Boucheron
تصوير فيديو | Davide Corona
إنتاج | Maison Keti
مكان التصوير | باريس Samaritaine, 9 rue de la Monnaie - 75001 Paris
شكر خاص لـ | Renaud Francois

 

 

قميص من الجلد من تودز Tod’s
المجوهرات من بوشرون Boucheron

أحب السينما وتسللت إلى مهرجان كان من الباب الصغير

تجمعك علاقة خاصة بمهرجان كان السينمائي الدولي، كيف تصفين هذه العلاقة؟

العلاقة الخاصة بمهرجان كان ليست بالنسبة إلي فحسب، وإنما لكل محبي السينما تقريباً، فالمهرجان أكبر وأعرق مهرجان سينمائي في العالم، وهو المكان الذي يتمنى كل مخرج أن تعرض أفلامه فيه، وعلاقتي بالمهرجان علاقة قديمة وقوية، فقد كنت أحضر إلى المهرجان وأنا ما زلت أحاول صنع أفلام سينمائية، ولم أكن قد أخرجت أية أفلام بعد، ولم يكن هناك سبب لوجودي في المهرجان، سوى الشغف والرغبة في التعلم وحب السينما.
لا يرى البعض من «كان» سوى الفساتين والإطلالات والسجادة الحمراء، لكن ما قد يجهله البعض بأن مهرجان كان هو أكبر سوق سينمائي في العالم، وأنا ذهبت إلى المهرجان بصفتي مخرجة للمرة الأولى عام 2014 بفيلم «شلاط تونس»، وذلك من خلال مسابقة جمعية توزيع الأفلام المستقلةACID ، وهي أصغر وأحدث المسابقات الموازية في المهرجان آنذاك، ودخلت إلى المهرجان من أصغر باب كما لو كنت قد تسللت إلى مهرجان كان.

دخلت من أصغر باب، واليوم وصلت إلى الباب الأكبر، كون فيلمك الأخير «بنات ألفة» قد شارك في المسابقة الرسمية هذا العام، كيف تصفين هذه الخطوة المهمة في مسيرتك؟

كانت تجربة «شلاط تونس» رائعة كونها تجربتي الإخراجية الأولى في كان، بعد ذلك عدت إلى المهرجان عام 2017 بفيلم «على كف عفريت» في مسابقة «نظرة ما»، وفي عام 2020 كنت على وشك المشاركة في المهرجان بفيلم «الرجل الذي باع ظهره»، الذي شاركت به في مهرجان فينيسيا السينمائي، ووصل إلى القائمة القصيرة لترشيحات الأوسكار بوصفه أفضل فيلم أجنبي، لكن جائحة كورونا تسببت في إلغاء نسخة مهرجان كان آنذاك، حتى وصلت إلى المسابقة الأكبر في المهرجان، وهي المسابقة الرسمية من خلال فيلم «بنات ألف» هذا العام، لذلك تجربتي مع المهرجان خاصة ومميزة.

بدلة وبودي من جيني Genny
حذاء من ماكس مارا Max Mara

 

مكاني المفضل خلف الكاميرا.. وهند صبري فنانة ذكية ومغامرة


دعم البحر الأحمر

الفيلم مدعوم من مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي في السعودية، التي دعمت أفلاماً عدة مميزة في النسخة الأخيرة من مهرجان كان، كيف تثمنين جهود المؤسسة في دعم صناعة السينما في المنطقة؟

أولاً، وجود مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي في المنطقة خبر سار جداً، أسعدنا كثيراً بوصفنا صناع أفلام ومبدعين من العالم العربي نواجه أزمة كبرى تتعلق بصعوبة الحصول على تمويل مادي لتنفيذ أفلامنا، وهو ما يضطرنا إلى عمل شراكات إنتاجية مع جهات أوروبية مختلفة كانت تتحكم في عديد الأمور آنذاك بسبب امتلاكها الحصة الأكبر من المال، أما الآن مع وجود عنصر إنتاجي قوي من العالم العربي أصبحت لدينا قوة أكبر خلال التفاوض والشراكات مع جهات الإنتاج العالمية المختلفة، وهو ما يجعلنا قادرين على إيصال صوتنا وتقديم قصصنا إلى العالم دونما قيود.

مع وجود عنصر إنتاجي قوي من العالم العربي مثل مؤسسة البحر الأحمر،
لدينا قوة أكبر خلال التفاوض وإنشاء الشراكات مع جهات الإنتاج
العالمية المختلفة، وهو ما يجعلنا قادرين على إيصال صوتنا
وتقديم قصصنا إلى العالم دونما قيود

كيف كان التعاون مع النجمة هند صبري خلال الفيلم؟

هند صبري فنانة ذكية، ولديها حس المغامرة، وتسعى دوماً إلى الخروج من منطقة الأمان، وكان فيلم «بنات ألفة» هو الفيلم الذي أخرجها من منطقة الأمان الفنية، ويحسب لها جرأتها في المشاركة في هذا المشروع البعيد عن هالة النجومية وشباك التذاكر وحسابات الشهرة الفنية.
ومن عالم الفن والأغاني تابعي ملف «الأغاني السينجل لا تكفي» شعار بعض الفنانين ألبومات صيف 2023.. عودة نجوم التسعينيات

كيمياء خاصة

تجمعك كيمياء مميزة بالمنتجَيْن حبيب عطية ونديم شيخ روحه، كيف ساهم هذا التعاون في نجاح تجاربك الإخراجية؟

أبرز ما يميز نديم شيخ روحه وحبيب عطية هو كونهما لا يمارسان الإنتاج من باب التمويل المادي فقط، وإنما يكونان بمنزلة الشريكين الروحيين في العمل، ويتبنيان المشروع بطريقة فنية وحسية لكي يستطيعا أن يدافعا عنه عند الممولين، ويستطيعا جلب التمويل المادي اللازم للفيلم، لذلك عندما أكتب أحد أفلامي يكون نديم شيخ روحه مثلاً هو أول شخص يقرأ الفيلم، ومن ثم نبدأ في اختيار الممثلين وما إلى ذلك، ولهذا فإن دورهما في مسيرتي الإخراجية كبير ومميز.

كيف جاءتك فكرة فيلم «بنات ألفة»؟

التحضير لفيلم «بنات ألفة» منذ أن كان فكرة حتى تم تنفيذه هي رحلة كبيرة استغرقت سنوات، وبداية الفكرة بالنسبة إلي كانت رغبتي في تقديم فيلم وثائقي، وفي ذلك الوقت استمعت إلى الشخصية الحقيقية وهي الأم «ألفة» وهي تتحدث عن بناتها في الراديو، وهي الشخصية التي كان قد ذاع اسمها في كل أنحاء العالم عام 2016، بعد إثارتها علناً مسألة تطرف ابنتيها المراهقتين، رحمة وغفران؛ حيث تركت الشقيقتان تونس للقتال في صفوف تنظيم «داعش» في ليبيا، وحينما استمعت لها شعرت بأن لديها جانباً روائياً يستحق أن نقدمه إلى الجمهور، وما جذبني إليها هو كونها أمّاً وفي الوقت نفسه مليئة بالتناقضات، فهي تجمع بين الحب والعنف، وذلك يصلح تقديم قصتها بلغة سينمائية، لذا قررت تقديم فيلم وثائقي ممزوج بالروائي مع الاستعانة بالشخصيات الواقعية للقصة.

بشكل عام، كيف تختارين مواضيع أفلامك، وما أول شيء يدفعك إلى تقديم فيلم جديد؟

دائماً ما تكون هناك نقطة بداية تحرك شيئاً بداخلي، وتدفعني إلى تقديم فيلم. عملية صناعة الفيلم عملية طويلة ومعقدة، لذلك لكي تمتلك الصبر والطاقة للصمود خلال تلك العملية الطويلة يجب أن يكون لديك شغف حقيقي بها، فالشغف هو المحرك الرئيسي لي، لكن لكل فيلم نقطة الانطلاق الخاصة به، فمثلما أخبرتك مسبقاً أن فكرة فيلم «بنات ألفة» جاءتني من خلال شخصية الأم، فإن فكرة فيلم «الرجل الذي باع ظهره» على سبيل المثال جاءتني من عرض فني في متحف؛ حيث كان أحد الأشخاص يقوم بعرض إحدى اللوحات المرسومة على ظهره، ومن هنا جاءتني فكرة الفيلم، لذلك عندما أرى شيئاً يثير بداخلي تساؤلات عديدة جداً يدفعني ذلك إلى تقديم فيلم جديد.
نقترح عليك متابعة النجمة لبلبة: المسرح الاستعراضي عشقي الكبير

على كف عفريت

تنورة وبونشو من كلوي Chloé
المجوهرات من بوشرون Boucheron

فيلم «على كف عفريت»، كان عبارة عن تصوير قاسٍ نوعاً ما للظلم الواقع على الإنسان، وعلى المرأة بوجه خاص، هل كنت تقصدين تصوير الواقع بهذه القسوة على شاشة السينما؟

الواقع أقسى بكثير من أن يقدم على شاشة السينما مهما بالغنا في تصويره، وقد تحدثت كثيراً خلال مرحلة إعداد الفيلم مع نساء من ضحايا الاعتداء الجسدي، واستمعت لقصصهن، التي أؤكد لك أنها أكثر قسوة بكثير من الأحداث الموجودة في الفيلم، لذلك عندما يقال لي أحياناً إن الفيلم قاسٍ أتساءل: ماذا لو عشتم التجارب الواقعية التي عاشتها تلك النساء، لذلك حاولت خلال الفيلم استخدام أسلوب سينمائي يجعل المشاهد يتماهى مع تلك الشخصيات، ويشعر بمرارة تجاربها؛ لكي يدرك مدى قسوة ما يحدث لهن.

لديك اهتمام كبير بالصورة السينمائية خلال أفلامك، ومنهج سينمائي رائع، يجعل الصورة إحدى بطلات الفيلم تماماً مثل الحوار المنطوق، ماذا تقولين عن ذلك؟

السينما فن الصورة، وليست فن الكلام، فهناك أعمال سينمائية صامتة، وهناك ترجمة وتعليق صوتي وطرق كثيرة لتقديم الحوار المكتوب، لكن تبقى الصورة السينمائية هي المكون الأساسي لصناعة الفيلم، لذلك أحاول خلال تصوير كل مشهد سينمائي أن أسأل نفسي: «ما الإحساس الذي يجب أن أنقله إلى المشاهدين من خلال هذا المشهد؟»، لذلك، الإحساس لا يمر إلى المشاهدين من خلال التمثيل فقط، وإنما يمر من خلال الصورة والإضاءة والألوان، وكل العناصر الموجودة في المشهد، لكي يمر هذا الشعور إلى المشاهد بالطريقة الصحيحة.

زينب تكره الثلج

أشعر بأن فيلمك «زينب تكره الثلج» له خصوصية كبيرة بالنسبة إليك، هل هذا الأمر صحيح؟

كل أفلامي لها خصوصية كبيرة عندي، لكن الطرافة في «زينب تكره الثلج» هي أنني بدأت بتصويره عام 2009 في بداياتي الفنية، واستمر تصويره حتى عام 2015؛ أي إنه استغرق نحو 6 سنوات من التصوير، وقمت بتصويره بمفردي؛ حيث لم يمكنني إدخال فريق عمل إلى منزل زينب؛ نظراً إلى الجو الحميمي للفيلم وظروفه الخاصة، لذلك تعلمت كل شيء خلال تصوير هذا الفيلم، من التصوير وطريقة وضع الكاميرات والتجهيزات الصوتية، وكل الأمور التقنية الخاصة بالفيلم، لذلك فهي تجربة خاصة جداً، وكانت شديدة التأثير في مسيرتي بشكل إيجابي للغاية.

ما الذي دفعك لتكوني مخرجة سينمائية؟

هذا السؤال مهم للغاية، فقد كنت أود في بادئ الأمر أن أصبح كاتبة روائية، وعندما اكتشفت روعة فن السينما خلال دراستي في الجامعة التونسية للسينمائيين الهواة، وجدت أنه أفضل أداة يمكن من خلالها أن أروي تلك القصص التي كنت أحب أن أكتبها، فأنا مثلما أحب الكتابة، أحب كذلك الصورة والممثلين والموسيقى، لذلك وجدت أن السينما قادرة على جمع كل هذه العناصر في رحلة واحدة هي رحلة صناعة الفيلم، التي أسميها «الرحلة العجيبة»، فالكثير من الناس لا يرى من الفيلم إلا الصورة النهائية، ولا يدرك تفاصيل تلك الرحلة الطويلة والمعقدة لصناعة الفيلم، من فكرة في رأسك إلى صورة نهائية تصوغها لتلك الفكرة، ومن ثم تشاركها مع ملايين البشر من جميع أنحاء العالم، لذلك أسميها «الرحلة العجيبة والساحرة».

من هم المخرجون الذين ألهموك خلال مسيرتك الفنية؟

هناك عدد كبير من المخرجين مثل المخرج السويدي إنجمار بيرجمان بسبب دقة تصويره للعلاقات البشرية، والمخرج الأميركي ستانلي كوبريك؛ لأنك من المستحيل أن تجد له فيلماً يشبه الآخر، والمخرج الإيراني عباس كيارستمي، وكذلك بريان دي بالما، ومارتن سكورسيزي من مخرجي هوليوود، على الرغم من غلبة النظرة الذكورية على معظم أفلامهم.

الواقع أقسى من أن يتم تجسيده على الشاشة وفيلمي القادم يناقش قضية الأساطير والمعتقدات الباطلة

قضايا المرأة

فستان ومعطف وحذاء من مجموعة ماكس مارا MAX MARA pre fall
المجوهرات من بوشرون Boucheron

هل من الأفضل برأيك أن تقدم مخرجة امرأة قضايا المرأة في السينما؟

لا ليس شرطاً على الإطلاق، وإنما الأمر يتعلق بالحس الفني تجاه تلك القضايا، فالفنان الجيد يجب أن يتجاوز نوعه، فعندما أكتب دوراً للرجل في أحد الأفلام، يجب أن أضع نفسي داخل ذهن الرجل وأفكر بطريقته لكي يبدو الدور صادقاً، لذلك هناك مخرجون ومؤلفون يدخلون داخل ذهن النساء بطريقة مبهرة جداً، مثل إنجمار بيرجمان الذي ذكرته من قبل، فقد كان من المخرجين الذين يبدعون في صنع شخصيات سينمائية نسائية شديدة الصدق.

بصفتك مخرجة امرأة، في صناعة يسيطر عليها الرجال بشكل كبير، ما أبرز التحديات التي تواجهك؟

أدركت من اللحظة الأولى أنه يجب عليَّ أن أقدم مجهوداً مضاعفاً ربما لمرتين أو ثلاث مرات أكثر من أي مخرج رجل، فتلك الصناعة كغيرها فيها امتيازات تمنح لبعض من يعملون بها، مثل أن تكون رجلاً، أو أن تكون أميركياً أو أوروبياً على سبيل المثال، فالمخرجون الأوروبيون والأميركيون الرجال هم في أعلى سلم الامتيازات في مجال صناعة السينما، لذلك كوني امرأة قادمة من الشرق الأوسط، كان عليَّ أن أضاعف من الجهد والعمل مرات ومرات لكي أتمكن من منافستهم والوصول إلى القدر نفسه من الامتيازات التي يصلون إليها، وهو أمر تطلب مني الكثير من الطاقة والصبر والإيمان بالنفس.

ما المشاريع الفنية التي تستعدين لتقديمها خلال الفترة المقبلة؟

هناك مشروع فيلم بعنوان «ميم»، أستعد لتقديمه خلال العام المقبل، وهو مشروع طموح للغاية شرعت في كتابته منذ عام 2013، ووقتها لم أكن أملك الخبرة اللازمة لتقديم مشروع بهذا القدر من الطموح، لكن اليوم بعد تلك المسيرة الفنية وبعد مشاركاتي في مهرجان كان وترشيحي للأوسكار، أعتقد أنني أصبحت أملك من الخبرة الفنية ما يخولني للتصدي لتلك التجربة.
تابعي تفاصيل اللقاء مع الممثل محمد فراج: أحاول تقمص أي دور أقدمه بدقة

ماذا يمكنك أن تخبرينا حول فكرة الفيلم؟

تدور أحداث فيلم «ميم» خلال فترتين زمنيتين مختلفتين، هما فترتا الأربعينيات والتسعينيات من القرن الماضي في تونس، حول فتاة شابة تقوم بعملية نبش في الماضي في قريتها، حول أسطورة أحد الأولياء الصالحين الذين يؤمنون بها أهل قريتها، وتقوم باكتشاف الكواليس والأسرار حول تلك الأسطورة التي أصبحت من المعتقدات الراسخة في وجدان أهالي تلك القرية عبر السنين، وهو فيلم عن فن حكي القصص، وكيف يمكن أحياناً أن يصدق الناس القصص ويؤمنوا بها ربما أكثر من الوقائع المثبتة أمامهم، والفيلم كذلك يتحدث عن المعمار الإسلامي وعن السينما وبداياتها في بلداننا العربية.

كيف استطعت حماية تجربتك الفنية والصدق الفني الذي ميزها من اليوم الأول، من بريق الشهرة والسجادة الحمراء، وكذلك من سيطرة «البيزنس» أحياناً على الفن؟

أحاول دائماً أن أظل أتعلم وأبحث أكثر، فعندما أفكر في مشهد أو أكتب قصة، لا أكتفي بالفكرة الأولى التي تخطر في بالي، ولكن أبحث عن أفضل فكرة ممكنة، كذلك ما زلت أشعر بالقلق في كل تجربة على الرغم من مسيرتي الفنية الطويلة؛ لأن مسؤولية تقديم فيلم سينمائي ليست بالمسؤولية الهينة، لذلك أكون سعيدة بالأضواء والسجادة الحمراء والتكريمات وما إلى ذلك، لكن مكاني الطبيعي الذي أحب أكون فيه دائماً هو خلف الكاميرا.

كيف ترين مستقبل صناعة السينما في عالم المنصات الرقمية؟

السينما في القرن العشرين كانت سيدة الفنون، وكانت الفن الشعبي الأكثر وجوداً، أما في القرن الحادي والعشرين فالسينما تواجه منافسة كبيرة من الإنترنت والمنصات الرقمية، وفي عصر السرعة أصبح البعض ربما يفضل مشاهدة فيديو قصير على «تيك توك» مثلاً، بدلاً من أن يشاهد فيلماً سينمائياً مدته ساعتين، لذلك فأمام السينما تحد كبير للبقاء على صدارة المشهد في عالم الترفيه، وهناك تحد آخر أمام صناع الأفلام، وهو أن يقدموا أفلاماً ممتعة، وفي الوقت نفسه عميقة تذكرنا بذواتنا الإنسانية، في عالم أصبح يدعو إلى السطحية.

السينما السعودية

جاكيت وبنطلون من جيادا Giada
حذاء من ماكس مارا Max Mara
نظارات شمسية من آلايا Alaïa
المجوهرات من بوشرون Boucheron

تشهد السينما السعودية حراكاً كبيراً في الآونة الأخيرة، كما أنك كنت إحدى المشاركات في عضوية لجنة تحكيم مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، ما تقييمك للمشهد السينمائي السعودي حالياً؟

أستطيع أن أخبرك من خلال تجربتي مع المخرجين السعوديين الذين قابلتهم أخيراً، أنهم يملكون ثقافة سينمائية واسعة، مثل بقية المخرجين في العالم، فهم متابعون جيدون للأفلام والحركة السينمائية، ولديهم تجارب ناضجة كثيرة، فهم لم يبدؤوا من الصفر حالياً، وإنما من مرحلة متقدمة جاءت نتاجاً لسنوات من التعلم والاحتكاك بالمهرجانات الدولية والسعي المستمر، وعندما كنت في لجنة تحكيم مهرجان البحر الأحمر العام الماضي، قمنا بمنح جائزة لجنة التحكيم الخاصة لفيلم سعودي مميز، وهو فيلم «بين الرمال». كذلك شاهدت قبل سنوات عدة فيلماً رائعاً بعنوان «حد الطار»، وغيره من الأفلام التي تعكس المستوى الرائع الذي وصلت إليه السينما السعودية في الوقت الحالي، وأقول إن المخرجين السعوديين لديهم كنز ثمين بين أيديهم، وهو القصص الأصيلة النابعة من قلب المجتمع السعودي، التي لم تجد من يرويها بعد.

كوني امرأة من الشرق الأوسط، كان عليَّ أن أضاعف من الجهد والعمل لكي أتمكن من المنافسة في صناعة تمنح امتيازات للرجل

فيلم لا تملين من مشاهدته؟

فيلم Persona للمخرج إنجمار بيرجمان.

مَن مِن النجوم الراحلين كنت تتمنين العمل معه؟

أحمد زكي وسعاد حسني.

أيهما أصعب؟ التعامل مع معدات معطلة أم ممثلين مزاجيين؟

الممثلون المزاجيون هم الأصعب بالطبع.

كيف تصفين نفسك؟

طموحة ومثابرة.

إذا قدمت مسيرتك المهنية في فيلم، ماذا يمكن أن يكون عنوانه؟

لن أستسلم.
تعرفي عن قرب على الفنانة مريم عبدالرحمن