يخطئ الأطفال كثيراً، بل إن معظم تصرفاتهم تكون خاطئة؛ وذلك لأنهم لا يزالون في مرحلة اكتشاف الحياة من حولهم، ولذلك فهم يكتشفون بأيديهم، فيخربون مثلاً أحد الأجهزة، وهنا تقع بعض الأمهات بخطأ فادح أثناء تربية أطفالهن وتقويم سلوكهم، حيث إن الأم تقوم بمحاسبة الطفل على الأخطاء التي يقوم بها، سواء كانت صغيرة أو كبيرة، وبالتالي فهي لا تترك له الفرصة لكي يتعلم، ولا تترك له الفرصة لكي يبني شخصيته، إضافة لأضرار ومساوئ أخرى لا تدرك الأمهات أنهن يقعن بها عندما لا يتوقفن عن محاسبة أطفالهن باستمرار، وملاحقتهم بأعينهن أينما ذهبوا؛ حتى يشعر الطفل بأنه محاصر، مما يسبب له مشاكل نفسية وسلوكية وكثيرة، ولذلك فقد التقت "سيدتي وطفلك"، وفي حديث خاص بها، بالمرشدة التربوية شذا عناب، حيث أشارت إلى أضرار المبالغة في عقاب الطفل والقواعد الصحيحة الأطفال في الآتي:
لماذا يجب أن يخطئ الطفل؟
من المعروف أن الطفل حين يعيش تحت ظل الأسرة المتحابة والمتفاهمة والمتقبلة، والتي لا تجعله يشعر بالتهديد والخوف، فهذه الأسرة تجعله يتصالح مع نفسه، فهو لا يشعر بأنه غير مستقر، أو على وشك أن يعاقب، وبالتالي يتمتع بطفولته ناصعة البياض، ويعيش أجمل أيام الطفولة، فالطفل الذي يخطئ ويصيب؛ هو يعيش لحظات من السعادة والرضا عن نفسه، وفي الوقت نفسه فهو ينطلق بقوة وثقة؛ لكي ينمو ويتطور جسمانياً ونفسياً وسلوكياً، حسب معدلات النمو العالمية الطبيعية، كما أن الطفل حين يبدأ في مرحلة تجريب خبرات جديدة، فمن الطبيعي أن يخطئ، ولكنه يرى الأمر عادياً ويكرر المحاولة ثانية، بعكس الكبار الذين يتأثرون نفسياً ويتأذون بسبب تكرار الخطأ، ويعملون على تضخيمه.
تابعي أيضاً: أشكال عقاب الطفل من عمر سنة إلى 7 سنوات
أضرار العقاب المستمر للطفل
- تأكدي أن شعور الإنسان أنه تحت المجهر طيلة الوقت؛ يعني أنه سوف يخطئ كثيراً، وليس العكس، حتى الطالب في الامتحان؛ فعلى الرغم من أنه يكون قد قام بمراجعة المادة جيداً، إلا أنه ينسى ويفقد تركيزه بسبب المراقبة من قبل المدرس في قاعة الامتحان، ولذلك يجب أن تعرفي أن مراقبة الطفل طيلة الوقت يعني أن يشعر طفلك بالخوف باستمرار، ولكن بعد فوات الأوان، وبعد أن يصبح لديك طفل مذعور على الدوام، فأنت سوف تتساءلين: كيف أجعل طفلي يتخلص من الخوف؟ وهذه مشكلة لن تستطيعي حلها بسهولة.
- يؤدي العقاب المستمر ووضع الطفل تحت المراقبة والملاحظة إلى شعور الطفل المستمر بأنه إنسان سلبي ولا يقوم بأي عمل نافع، وأنه ليس له دور أو أهمية في المجتمع، وقد يؤدي ذلك إلى انطواء الطفل وتقوقعه على نفسه وحب العزلة وعدم الاحتكاك بالمجتمع الخارجي.
- يتسبب العقاب المستمر والمراقبة للطفل إلى إنتاج وتربية طفل لا يستطيع تحمّل المسؤولية، ولا يعرف كيف يقوم بواجبه في الأسرة أو في المجتمع، فهو يتوقع أن أي عمل سوف يقوم به لن يرضي الآخرين، ولذلك فهو لا يريد أن يفعل أي شيء، ويلقي بمسؤولية أي مهمة نحو شقيقه أو شقيقته مثلاً، وفي المدرسة يقوم بالمثل؛ فيلقي بالمسؤولية لأي مهمة في الفصل على الزملاء، ويقف في موقف المتفرج.
- يتسبب العقاب والمراقبة للطفل بأن يصبح لديك طفل يراقب الآخرين ويسخر منهم، وهكذا، فالمبالغة في العقاب من أهم الأسباب التي تجعل ولدك متنمراً ويشكو منه الآخرون، ويتجنبون التعامل معه.
- يكرس العقاب المستمر على كل صغيرة وكبيرة للطفل نظرية "فاشل"؛ وهي أن الطفل كائن أسطوري أو خرافي لا يخطئ، والحقيقة أنه مثل كل إنسان؛ لن تستطيع الأم تربيته بالمسطرة والقلم، فهو يخطئ ويصيب، ولكن المهم أن يتعلم من الخطأ.
نصائح لتحقيق العقاب المتوازن للطفل
- قومي بتنفيذ عقاب طفلك على الخطأ الآني الذي ارتكبه، وليس بتأجيل العقاب حتى تتراكم الأخطاء أو تتكرر، أو أن تنشغلي بأحد الأمور وتستمري في تكرار عبارة: "سوف أعاقبك"، فالطفل هنا سوف يفقد ثقته بك كأم قادرة على ضبط سلوكه، وسوف يسخر منك بداخله، فالمهم والضروري أن تكوني هادئة وحازمة وقوية حين توضحين لطفلك الخطأ الذي ارتكبه، وكذلك أن تقومي بإيقاع العقاب عليه.
- توقفي تماماً عن عقاب الطفل على الأخطاء التي يرتكبها بسبب ضعف عضلاته وصغر بنيته، فهذه أخطاء ليست متعمدة، فمن الطبيعي أن يكون لدى الطفل عدم القدرة على الإمساك بالكوب، وفي حال انسكب الماء أو العصير على الأرض؛ فيجب أن تعرفي أن السبب هو نمو طفلك، وربما يكون لديه خلل عصبي إن تكرر الأمر مع نمو الطفل، وعليكِ البحث عن طرق تقوية عضلات الطفل، سواء كانت غذائياً أو دوائياً، أما إن قام بسكب الماء من الكوب متعمداً وهو ينظر إليكِ أو هو يضحك؛ فهنا يجب عقابه وبسرعة.
- تفاهمي مع طفلك بالنزول إلى مستواه العقلي وإلى مستوى طوله أولاً، فلا تقومي بالصراخ عليه وأنتِ تقفين، فهناك فرق كبير في الحجم والطول، وهذا يؤدي لشعور الطفل بالخوف، كما يعظم لديه مشاعر الدونية ويترسخ بداخله أن الكبار لا يمكن التعامل معهم.
- بسّطي لطفلك الخطأ، بحيث تشرحين له الصواب منه، ولا تقومي بالعقاب لمجرد العقاب، فيمكنك أن تقولي له: "ماذا لو فعلت كذا؟"، ففي هذه الحالة سوف تصبح لديه خيارات الفرق بينها كبير، وأحدها يكون صحيحاً ولا يؤدي لغضب الآخرين منه، بل إنه سوف يلقى استحسانهم، والطفل في مرحلة الطفولة المتأخرة يكون حريصاً على نيل رضا الأم وكسب محبتها بأي طريقة.
- خصصي اجتماعاً يومياً أو أسبوعياً للعائلة، وتحدثي بطريقة غير مباشرة عن الأخطاء المتكررة من أحد الأطفال دون الإشارة إليه، يمكنك أن تسوقي عدة أمثلة، أو أن تحكي حادثة من تأليفك عن عواقب ذلك الخطأ، ويمكن أن تقرئي قصة قصيرة عن طفل يرتكب مثل هذا الخطأ، وبالتالي فاللقاء الأسري من شأنه أن يقوّم سلوك كل الأطفال، وليس طفلاً واحداً، كما يقلل من شعور الطفل بالإحراج والخجل، وينمّي لديه سرعة البديهة.
- اختاري سن الرابعة لتكون هي السن التي يجتمع فيها الطفل مع باقي أفراد العائلة، فقبل ذلك فالطفل هو كائن هوايته ارتكاب الأخطاء، أما بعد الرابعة فيمكن أن تساعده تلك الاجتماعات على كسر حواجز المخاوف المتخيلة لديه؛ من مشاركة أهله بالمشاكل التي يقع بها، أو تواجهه ولا يستطيع أن يتصرف بها وحده.
- دربي أطفالك على بعض الألعاب الجماعية التي تساعد على قضاء وقت فراغهم وتشغلهم عن العراك والعبث بالمقتنيات، ويمكن أن تدربي الكبير لكي يلاعب الصغار، وهكذا.