يعَدّ القلق المفرط من المشاكل النفسية التي تؤثر على العديد من الأفراد في حياتهم اليومية؛ حيث يتسبّب في شعورٍ بالضغط والإرهاق المستمر.
واحدة من أهم الإستراتيجيات للتعامل مع هذا القلق، هي تعلُّم كيفية ترتيب الأولويات بفعالية. إن تنظيم المهام وترتيب الأولويات، يمكن أن يُسهم بشكل كبير في تقليل التوتر وتحقيق التوازن في الحياة. من خلال: تحديد الأهداف بوضوح، تقسيم المهام، وإدارة الوقت بشكل جيد، يمكن للأفراد تجنُّب الشعور بالإرهاق، وتحقيق إنتاجية أعلى كما تتحدّث لـ«سيّدتي» الاختصاصية في علم النفس الاجتماعي، أزنيف بولاطيان.
إدارة الأولويات: الطريق نحو حياة أكثر هدوءاً
إليكِ بعض الخطوات العملية التي يمكن اتباعها لترتيب الأولويات وتجنُّب القلق المفرط؛ مما يساعد في بناء حياة أكثر هدوءاً وتنظيماً:
- تحديد الأهداف: أول خطوة في ترتيب الأولويات هي تحديد الأهداف بوضوح. يجب عليكِ أن تعرفي ما تريدين تحقيقه على المدى القصير والمدى الطويل. قسّمي أهدافكِ إلى فئات مثل: العمل، الأسرة، الصحة، والنموّ الشخصي. وضَعي أهدافاً واضحة يسهل عليكِ تحديد الخطوات اللازمة لتحقيقها.
- تقسيم المهام: بعد تحديد الأهداف، قومي بتقسيمها إلى مهام أصغر وأكثر تحديداً. هذا يجعل من السهل إدارة العمل وتجنُّب الشعور بالإرهاق. كلما كانت المهام أكثر تحديداً، كان من الأسهل تتبع التقدُّم وتحقيق الأهداف بشكل منظّم.
- تحديد الأولويات: بمجرد تقسيم المهام، حددي الأولويات بناءً على الأهمية والاستعجال. استخدمي مبدأ "مصفوفة الأولويات" لتصنيف المهام إلى أربعة أقسام: مهم وعاجل، مهم وغير عاجل، غير مهم وعاجل، وغير مهم وغير عاجل. هذا يساعدكِ في التركيز على ما هو ضروري، والتخلص من المهام غير الضرورية.
- إدارة الوقت: إدارة الوقت بفعالية تلعب دوراً كبيراً في تقليل القلق المفرط. استخدمي أدوات التخطيط مثل: الجداول الزمنية، والقوائم اليومية لتنظيم وقتكِ بشكل أفضل. حددي وقتاً محدداً لكل مهمة وحاولي الالتزام به. تذكّري أن تأخذي فترات استراحة منتظمة لتجنُّب الإرهاق.
- التفويض وطلب المساعدة: لا تحاولي القيام بكل شيء بنفسك. تعلّمي كيفية التفويض وطلب المساعدة من الآخرين. التفويض يساعد في توزيع العبء وتقليل الضغط. طلب المساعدة من الأصدقاء أو الزملاء يمكن أن يكون مفيداً في الأوقات الصعبة.
- التأمُّل والتنفس العميق: خصصي وقتاً لممارسة التأمل أو تقنيات التنفس العميق لتخفيف التوتر. واختاري مكاناً هادئاً ومريحاً وخالياً من المشتّتات. ابدأي من 5-10 دقائق يومياً وزيدي الوقت تدريجياً.
- ركّزي على التنفس: اجلسي في شكل مريح وأغمضي عينيكِ، ركّزي على تنفُّسكِ، واسمحي لأفكارك بالمرور من دون التعلُّق بها. تقنيات التنفس العميق المعتمدة هي (4-7-8). تنفّسي بعمق من خلال الأنف لمدة 4 ثوانٍ. احتفظي بالنفَس لمدة 7 ثوانٍ. ثم ازفري ببطء من الفم لمدة 8 ثوانٍ.
- حاولي دمج التأمل والتنفس في الحياة اليومية. وخصصي بضع دقائق للتأمل قبل بدء يومك أو قبل النوم.
- تجنّبي المثالية: لا تسعَي للكمال؛ بل ركّزي على إنجاز المهام بشكل جيد.
- الراحة والنوم الجيد: تأكدي من الحصول على قسطٍ كافٍ من الراحة والنوم؛ فذلك يعزز التركيز.
- ممارسة النشاط البدني: النشاط الجسدي يمكن أن يساعد في تقليل القلق وتحسين المزاج.
من المهم جداً التعرُّف إلى كيف تعلمين أن لديك مرضاً نفسياً؟ إليكِ وجهة نظر طبيبة متخصصة.
الاهتمام بالصحة النفسية والجسدية
الاهتمام بالصحة النفسية والجسدية جزء مهم من ترتيب الأولويات؛ لذلك:
- احرصي على ممارسة الرياضة بانتظام، تناولي طعاماً صحياً، واحصلي على قسط كافٍ من النوم. كما يمكنكِ ممارسة تقنيات الاسترخاء مثل: التأمل والتنفس العميق؛ للمساعدة في تقليل القلق.
- التقييم الدوري: قومي بتقييم تقدُّمكِ بانتظام، وأعيدي النظر في ترتيب أولوياتك عند الحاجة. الظروف قد تتغير، وبالتالي قد تحتاجين إلى تعديل أولوياتك وفقاً لذلك. التقييم الدوري يساعدكِ في البقاء على المسار الصحيح وتحقيق أهدافك بفعالية.
- ترتيب الأولويات له تأثير نفسي كبير على الأفراد؛ حيث يُسهم بشكل مباشر في تقليل مستويات القلق والتوتر. عندما تكون الأولويات واضحة ومنظَّمة، يشعر الشخص بمزيد من السيطرة والتحكم على حياته اليومية. هذا التنظيم يقلل من الشعور بالإرهاق الناتج عن تراكم المهام والواجبات؛ مما يخفف من الضغط النفسي.
- بالإضافة إلى ذلك، يساعد ترتيب الأولويات في تعزيز الثقة بالنفس؛ إذ يتيح للأفراد تحقيق الأهداف بفعالية وكفاءة. تحقيق المهام وِفق جدول منظّم، يمنح الشخص شعوراً بالإنجاز والرضا؛ مما يعزز من حالته النفسية بشكل عام. كما أن تخصيص وقت للراحة والاسترخاء ضمن هذا التنظيم، يُسهم في تحسين الصحة النفسية والجسدية؛ مما يعزز من القدرة على التعامل مع الضغوطات اليومية بشكل أفضل.
الخلاصة
يمكن القول إن ترتيب الأولويات ليس مجرد مهارة تنظيمية؛ بل هو وسيلة فعّالة لتحقيق التوازن النفسي والهدوء الداخلي؛ مما يساعد الأفراد على مواجهة التحديات بثقة وإيجابية.
إن ترتيب الأولويات يعَد من أهم الخطوات لتجنُّب القلق المفرط. من خلال: تحديد الأهداف، تقسيم المهام، إدارة الوقت بفعالية، والتفويض، يمكنك تقليل التوتر والقلق بشكل كبير. تذكّري أن الاهتمام بصحتك النفسية والجسدية يلعب دوراً حاسماً في تحقيق التوازن والهدوء في حياتك.
لكل من يشعر بالقلق، من المهم الاطلاع على طرق طبيعية لتقليل الشعور بالتوتر والقلق على قدر من الأهمية.
* ملاحظة من «سيّدتي»: قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليكِ استشارة طبيب مختص.