العناية بالصحة النفسية باتت ضرورة محلة في الحياة العصرية التي تتخللها العديد من الضغوط وكثرة المشاكل والمعاناة سواء على صعيد الأسرة أو في العمل والحياة الاجتماعية.
وبما أن صحة الجسم من الصحة النفسية، فقد يكون لزاماً على كل فرد منا الاهتمام بها لتجنّب الأمراض النفسية التي باتت في ازدياد مستمر مثل الاكتئاب والقلق والتوتر والخوف والصدمات وما إلى ذلك.
للاطلاع على طرق الاعتناء بالصحة النفسية التقت "سيّدتي" الاختصاصية في الطب النفسي الدكتورة هبة سالم، وكان معها الحوار الآتي:
ما هي أسباب المعاناة النفسية؟
إن السبب الأساسي لأي مشكلة نفسية هو الرفض أي عدم التقبّل، مثل عدم تقبّل الظروف المحيطة بنا، عدم تقبّل المحيط والآخرين أو حتى عدم تقبّل أنفسنا وما نحن عليه؛ ومن هنا يُولد ما يسمى بالاكتئاب نتيجة الألم والحزن والمعاناة.
عندما نرفض أمراً أو حدثاً معيناً حدث معنا في الماضي، ونشعر بالخوف والرعب والقلق والتوتر قد نرفض المستقبل أيضاً.
وكذلك عند رفض الحاضر نبدأ الشعور بالملل؛ فالرفض سبب كل هذه المشاكل.
لذلك نحتاج إلى القبول والتسليم في الدرجة الأولى، والذي هو عكس الرفض، لكي نتعامل على النحو الصحيح مع جميع الأحداث التي تواجهنا.
ما هي أفضل طريقة لتحسين الصحة النفسية؟
لكي نكون في حالة تقبل ونتعامل مع الأحداث من دون مشاكل نفسية، فإن أهم ما يمكننا فعله هو تهدئة النفس بوتيرة دائمة، لكي يتم التعامل مع الأحداث بطريقة صحية، ومن دون أية آثار سلبية على الصحة النفسية وبالتالي على صحة الجسم.
ولعل أهم عامل في تكوين نفس الإنسان، هو أن يكون على علم تام إنّه "هو شيء وأفكاره شيء آخر". من هنا، وبما أن الأفكار هي شيء، فهذا يعني أنه يمكن تهدئتها والسيطرة عليها أو تجاهلها تماماً.
ومن أجل القيام بذلك، تقدم علوم طاقة نفس الإنسان تمارين معينة لمساعدة الشخص على تخطّي أفكاره المزعجة والسلبية والسوداء تماماً، واستبدالها بأفكار إيجابية جميلة ومفرحة، تضمن له محيطاً سعيداً وهادئاً. وعلى أساس محيطه هذا، يصبح الفرد قادراً على جذب أمور من نفس درجة ذبذبات مشاعره، لأن الفكرة مثل الكلمة لها ذبذبات وتؤثر كثيراً على كل حدث نعيشه لحظياً ويومياً.
ما تأثير التفكير الإيجابي على صحة الفرد وعلى تطوره؟
إن الأفكار الإيجابية تبني المهارات. وكلما شعر الإنسان بالسعادة، أصبح أكثر انفتاحاً على الخيارات والفرص والتجارب الجديدة. وبالتالي سيكون أكثر قدرة على التعلم واكتساب مهارات جديدة.
فبكل بساطة، إذا كان الشخص سعيداً بما لديه، فسوف يرغب في التعلم، وما يتبع ذلك من فوائد هذا الموقف على عمله وعلى تطوره المهني. ناهيك عن الفرص والحلول الإضافية للمشكلات التي قد تواجهه.
هذا وقد ثبت أن التفكير الإيجابي هو علاج مهم للتوتر. وتتفق جميع الدراسات والأبحاث على أن الأشخاص الذين لديهم نظرة إيجابية هم أقل عرضة للمعاناة من الاكتئاب والقلق، كما من بعض الأمراض، وخصوصاً أمراض القلب والأوعية الدموية.
ويسمح تقليل التوتر للفرد بأن يكون أكثر فاعلية في العمل. في الواقع، فيصبح أكثر قدرة على تحمل المسؤوليات التي ستُعطى له عندما يتطور في عمله.
من هنا ضرورة إدارة التوتر لنكون قادرين على تصفية أذهاننا، ورؤية الإمكانيات المتاحة أمامنا، وتوقع الحلول للمشاكل التي نواجهها.
ربما يهمك متابعة هذا الموضوع اضطراب الهرمونات وتأثيره على الصحة النفسية: نصائح واستراتيجيات مع اختصاصية
ما هي نصائحك كطبيبة متخصصة لتخفيز التفكير الإيجابي؟
يمكننا التوجه إلى ممارسة الرياضة التي نحب، أو الهوايات التي تجعلنا سعداء، مثل الرسم وسماع الموسيقى أو الرحلات في الطبيعة أو السفر إذا كانت الظروف المادية تسمح بذلك، أو قضاء المزيد من الوقت مع الأشخاص الذين نحبهم ونستمتع بقضاء الأوقات معهم.
هذا بالإضافة إلى ممارسة التقنيات التي تساعد على الاسترخاء وتعزز المشاعر الإيجابية، مثل التأمل والتنفس العميق والكتابة كاستخدام المخيلة والإبداع لكتابة بعض السطورلالإيجابية، أو اللعب والمرح من خلال نشاط ممتع في نهاية الأسبوع برفقة العائلة أو الأصدقاء، أو تعلم مهارات جديدة قد تساعد في تطوير العم..
المهم دائماً أن نبقى مسيطرين على مشاعرنا وأفكارنا السلبية، لمنعها من التأثير على صحتنا وعلى كافة جوانب حياتنا. وفي حال عدم التمكن من ذلك، قد يكون من الضروري طلب المساعدة الطبية.
*ملاحظة من "سيّدتي" : قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج استشارة طبيب مختص.