اشتهرت المملكة العربية السعودية منذ فترة طويلة بطبيعتها الخلابة واحتياطياتها النفطية وأهميتها الدينية، لكن المواقع الأثرية في المملكة هي كنوز لا يمكن الإغفال عن اكتشافها.
توفر هذه المواقع الأثرية دليلاً على الماضي الطويل والمعقد، الذي يمتد على مدى آلاف السنين. من المقابر القديمة إلى المدن المفقودة، تقدم المملكة العربية السعودية نظرة لا مثيل لها على تاريخ المنطقة.
في هذه المقالة، سنستكشف بعضاً من أفضل المواقع الأثرية في المملكة العربية السعودية، مثل: العلا والحجر. بغض النظر عن المكان الذي تذهب إليه في المملكة العربية السعودية، فمن المؤكد أن هناك شيئاً يستحق الاستكشاف.
الحِجر

من المواقع الأثرية القديمة في السعودية ما يسمى مدائن صالح أو الحِجر، وتقع مدائن صالح في محافظة العلا، وتحديداً في شمال غرب المملكة. ومدن صالح قديمة جداً، حيث يعود تاريخها إلى القرن الأول الميلادي؛ أي أن عمرها يقارب 2000 سنة. ونظراً لأهمية هذا الموقع الأثري؛ فقد تم تسجيله على قائمة التراث العالمي لليونسكو في عام 2008.
تحتوي مدائن صالح على 131 منحوتة في الصخور الطولية، موزعة على مساحة تصل إلى 12 كيلومتراً مربعاً، ومن بين هذه المنحوتات هناك 45 منحوتة عليها نقوش باللغة القديمة.
تعتبر مدائن صالح أكبر مستوطنة جنوبية لمملكة الأنباط بعد البتراء في الأردن. عندما تصل إليها سوف تنبهر بإبداعات الأنباط، وهم مجموعة من القبائل العربية التي جاءت من البتراء إلى الحِجر، وأسست حضارة قديمة هناك منذ القرن الأول الميلادي إلى حوالي عام 106ميلادياً.
البلد

تتمتع العديد من المدن السعودية بأحياء تاريخية، غالباً ما يُطلق عليها "البلد"، وتتميز برائحة التوابل الغريبة. تعد البلد في جدة، المدينة الساحلية العالمية في السعودية، الأكثر إثارة للذكريات على الإطلاق، وهي عبارة عن سلسلة من الأزقة الضيقة بين منازل التجار القديمة المصنوعة من الحجر المرجاني، موطن بائعي العود والمخابز التقليدية المعطرة بالقرنفل وسوق العلوي الشاسع المتوهج. منذ إدراجها كموقع للتراث العالمي لليونسكو في عام 2014، تم ترميم العديد من القصور الشاسعة المتداعية في جدة التاريخية بعناية، بما في ذلك منزل نصيف الكبير المكون من 106 غرف، وهو الآن متحف ومركز ثقافي يستضيف معارض فنية وتصويرية، بالإضافة إلى محاضرات من قبل الأكاديميين. علاوة على ذلك، تعمل المعارض وورش عمل صناعة المانجور والمقاهي الرائعة على بث حياة جديدة في المباني المهجورة ذات يوم، مما يمنح المنطقة التي بنيت في القرن السابع مستقبلاً مشرقاً.
الدرعية

تأسست الدرعية في القرن الخامس عشر، وكانت أول عاصمة للسلالة السعودية. وحتى يومنا هذا، لا تزال منطقة الطريف تضم مجموعة معمارية تمثل الطراز النجدي المميز لشبه الجزيرة العربية. تعد هذه القلعة واحدة من أهم المواقع الأثرية في المملكة العربية السعودية لعدة أسباب. من ناحية، كانت مركزاً مهماً للقوة السياسية والدينية لعدة قرون، والتي انتشر منها الإصلاح الإسلامي في جميع أنحاء شبه الجزيرة العربية. من ناحية أخرى، تم الحفاظ على بقايا قصورها ومساكنها بشكل استثنائي وتم ترميمها، مما يوفر شهادة نابضة بالحياة على الماضي. كل هذه العوامل تجعلها موقعا لا بد من زيارته، وقربها من الرياض يزيد من إمكانية الوصول إليها.
الفن الصخري في منطقة حائل

تتركز الفنون الصخرية في منطقة حائل في موقعين: جبل أم سنمان في جبة، وجبال المنجور وراط في الشويمس. وتحتضن هذه المواقع رسوماً تعود إلى ما يقرب من 10 آلاف عام من التاريخ البشري، مما أكسبها مكاناً على قائمة التراث العالمي لليونسكو. على الرغم من أن المنطقة قاحلة الآن، فإنها شهدت ذات يوم ظروفاً أكثر ملاءمة؛ سمحت باستقرار السكان في وقت مبكر. وعلى مدى آلاف السنين، أدت التغيرات البيئية إلى تحولات في الاستيطان البشري من دون أن تتسبب في اختفائه. وثقت الشعوب المتعاقبة في المنطقة وجودها من خلال الفنون الصخرية، باستخدام عناصر من المناظر الطبيعية. واليوم تعد حائل موطناً لأكبر وأوسع مجموعة من الفنون الصخرية في هذا الجزء من العالم. وهي بمثابة مكتبة مفتوحة مذهلة، صنعها أجيال من الفنانين والحرفيين على مدى عدة آلاف من السنين.
منطقة حمى الثقافية
تعد منطقة حمى الثقافية أحدث موقع أثري في المملكة العربية السعودية ينضم إلى قائمة التراث العالمي لليونسكو، اعتباراً من يوليو 2021. تقع هذه المنطقة الجبلية القاحلة في جنوب غرب البلاد، وكانت ذات يوم محطة توقف مهمة على طول طرق القوافل. لمدة 7000 عام، وحتى القرن العشرين، كان العديد من التجار والعسكريين يتنقلون أو يقيمون في هذه المنطقة، تاركين وراءهم العديد من النقوش المحفورة في الصخر. هذه النقوش متنوعة، ويرجع تاريخها إلى فترات مختلفة، وهي محفوظة بشكل جيد بشكل عام. تتعايش الرسومات مع النقوش بأبجديات متنوعة، تتراوح من الآرامية النبطية إلى اليونانية. وبالتالي، يتكشف تاريخ طويل وغني بطريقة حية بشكل خاص على الجدران الصخرية لحمى. بالإضافة إلى ذلك، كانت المنطقة غير مستكشفة نسبياً، ولكن يُعتقد أنها تضم العديد من مواقع الدفن القديمة والهياكل والآبار. لا يزال تاريخ حمى في طور الكتابة!