«إنها الحياة التي تهدينا ما لا نتوقعه دائمًا».. مقولة تنطبق على فوز رجل الأعمال الأمريكي دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية. رجل مثير للجدل بكافة المقاييس، إن كان على صعيد المظهر أو أسلوب الكلام أو حركاته الجسدية أو نبرة صوته، أو مواقفه التي وصفت إلى حد كبير بالعنصرية إزاء النساء والمهاجرين. لكن يبدو أن هذا كله كان تحديًا للحزب الجمهوري الأمريكي للدفع به إلى السباق الرئاسي المحموم؛ حتى يكون صورة مغايرة عن المرشحين المحتملين الكلاسيكيين للرئاسة الأمريكية؛ كونه رجلا يتقن الحديث بلغة الشارع، ويعرف جيدًا كيفية مخاطبة المواطن الأمريكي العادي.
ولد دونالد جون ترامب في ولاية نيويورك عام 1946. التحق بالكلية العسكرية في وقت مبكر؛ بسبب نشاطه الزائد وحركته المفرطة، إلا أنه أدرك منذ اللحظة الأولى أن السلك العسكري لن يكون مضماره عمله النهائي، فالتحق بمدرسة وارتون للمحاسبة في جامعة بنسلفانيا، قبل أن يبدأ عمله الحقيقي في إدارة شركة والده المتخصصة في العقارات، التي طورها بشكل كبير خلال ثمانينات القرن العشرين، لتصبح تحت الضوء والاهتمام الإعلامي، حينما شيد عام 1983 أول ناطحة سحاب التي حملت اسم "برج ترامب"، ليتوالى من بعدها تشييد ناطحات سحاب في مدينة نيويورك تحمل اسم ترامب.
لم يكتفِ ترامب باكتساح مجال العقارات في الولايات المتحدة الاميركية، بل وسّع نشاطه في عدد من دول العالم، حيث افتتح مصانعه في عدد من دول شرق آسيا والمكسيك، حيث اليد العاملة الرخيصة. ويأتي هذا الأمر بعد أن تعرض للإفلاس أكثر من مرة في تسعينيات القرن العشرين، خلال أزمة العقارات، وتكرر هذا الأمر في عام 2005، فكاد يشهر إفلاسه؛ بعد أن تعرضت كازينوهاته في مدينة أتلانتا لخسائر مالية كبيرة، لكنه أنقذها من الانهيار في اللحظة الأخيرة، لتصبح ثروة ترامب قبل أن يصل إلى البيت الأبيض 11 مليار دولار.
بحث دونالد ترامب منذ نعومة أظفاره عن الاختلاف. لم يكتف بأن يكون مجرد رجل أعمال ثري، فاستعمل "الذكاء" الذي تعلمه من والده، كما قال ترامب، ليحقق نجومية استثنائية في عالم الاقتصاد والتلفزيون والسياسة. هو الذي غزا تلفزيون الواقع، وبات يتابعه الملايين على مدى عشر سنوات، من خلال برنامجه "ذي أبرنتيس"، والذي كان يجري من خلاله اختبارات لعدد من المرشحين، من أجل الالتحاق بشركاته، الشيء الذي حقق له شهرة واسعة بين الأمريكيين الذين باتوا ينتظرون تعليقاته ومداخلاته أسبوعيًا، وتحديدًا عبارته التي تحدد مصير المشتركين المغادرين للبرنامج "أنت مطرود".
لكن ما لم يكن متوقعًا أبدًا أن يترشح دونالد ترامب إلى الانتخابات الرئاسية الأمريكية عن الحزب الجمهوري. هذا الحزب الذي وظف ترامب ثروته وعلاقاته لترميم تصدعاته الداخلية بين أقطابه البارزين، ليكون هذا الأمر القشة التي رفعته إلى مصاف ترشيحه إلى الانتخابات الرئاسية الأمريكية، حتى فاز على منافسته العتيدة هيلاري كلينتون.
ويبدو أن ثروة ترامب الكبيرة كانت سببًا في تعلق النساء به. ويبدو أنه متعلق بعارضات الأزياء والممثلات، حيث تزوج ثلاث مرات من فتيات يعملن في هذا المجال، فتزوج للمرة الأولى عام 1977 من عارضة الأزياء التشيكية الأصل إيفانا زلينكوفا، ورُزق منها بثلاثة أبناء وهم: دونالد ترامب جونيور، إيفنكا، وإيريك، لينفصل عنها في عام 1992؛ من أجل الزواج بالممثلة ومقدمة البرامج التلفزيونية مارلا آن مابلس، التي رُزق منها بابنته تيفاني، إلا أنه انفصل عنها أيضًا في عام 1999، ليتزوج في عام 2005 من زوجته الحالية عارضة الأزياء، السلوفينية الأصل، ميلانيا كنوس، التي رُزق منها بابنه بارون وليام، التي ستدخل إلى جانبه البيت الأبيض مطلع عام 2017؛ لتكون السيدة الأمريكية الأولى.