لا يقتصر استخدام حقن الـ بوتكس أو الـ فيلر، على التجميل وإخفاء التجاعيد، بل هي تمثّل علاجًا فعّالًا في علاج أمراض الأوتار الصوتية (الحبال الصوتية)، كالبحة أو الصعوبة في النطق، وحتّى تحسين الصوت. والأخير قد يسبّب إحراجًا، ولا سيما حين يكون أجشّ، وتُضطر مهنة صاحبه على الكلام باستمرار!
يشرح الاختصاصي في جراحة الأوتار الصوتية الدكتور رجا فاخوري لـ"سيدتي. نت" أن "عمليّة إصدار الصوت عبر الحنجرة (عضو غضروفي يقع في مقدمة الرقبة) تُحرّك الأحبال الصوتية، انقباضًا وانبساطًا بطريقة سلسة". و يضيف د. فاخوري أن "عندما تنقبض الأحبال الصوتية، يخرج الهواء منها، وتحدث له الذبذبة التي ينتج عنها الصوت. وعند تغيّر درجة انقباض الحبال الصوتية جرّاء التوتّر، تحدث الاختلافات فى نبرة الصوت". ويفيد أن "لكل إنسان بصمة صوت مميزة. وفي هذا الإطار، تعتمد رنّة الصوت وحدّته على تلاحق الأوتار الصوتية الجيّد، والأخيرة تهتزّ مع التنفّس 200 مرّة في الثانية، وذلك لإصدار الصوت الواحد. وعضلة الحنجرة مسؤولة عن تنظيم هذه الاهتزازات". ويذكر أن "في حالات ضيق تنفّس الحنجرة، تتبدّل نبرة الصوت، فتصدر صوتًا مرتفعًا للغاية. أمّا في حال انفتاح الأوتار الصوتية، هي تصدر صوتًا متشنّجًا أو منخفضًا".
أمراض الأوتار الصوتية:
ثمة أمراض تصيب الأوتار الصوتية، مُسبّبة مشكلات في الصوت، وأبرزها:
| أمراض عضوية، كشلل الأوتار الصوتية جرّاء إصابات وجراحات الرقبة أو الغدة أو أورام الأوتار الصوتية الخبيثة.
| تكوّن اللحميات والأكياس والنتوءات على الأوتار الصوتية.
| مشكلات وظيفيّة، كالضعف في الحنجرة أو الضعف في القدرة على التنفّس.
| ارتخاء عضلات الحنجرة نتيجة التقدّم في السن، ولا سيما عند الرجال. وتزداد شدة الارتخاء وقوة الصوت في صفوف المدخنين، ومن يشكون السمنة المفرطة.
مُسبّبات مغيّرة نبرة الصوت
| بحّة الصوت: عادةً، يصاحب البحّة ضعف الصوت. ولكن، قد يظهر كل منهما منفردًا، وذلك فى بعض حالات شلل الأحبال الصوتية، عندما يعجز الحبلان الصوتيان أو أحدهما عن الانغلاق بشكل طبيعي، وبالتالي يعجز الشخص عن الكلام بصورة طبيعية. والأسباب قد تكون مفاجئة، أي التهاب الحبال الصوتية أو الصراخ الذي ينتج عنه تجمّع الدم على الأوتار الصوتية. وقد تكون البحة مزمنة بسبب إجهاد الصوت.
| الصعوبة في النطق (التأتأة).
| الخلل الوظيفي في هرمون الـ "تستوستيرون"، أو ما يُعرف بـ"هرمون الذكورة"، والمسؤول الرئيس عن الصوت الجهوري وعن زيادة حجم العضلات ونمو العظام القوية. وقد تتأثّر الأوتار الصوتية جرّاء الخلل المذكور جرّاء الخضوع لجراحة استئصال الغدة الدرقية، وبالتالي يصعب إصدار الأصوات.
| التدخين: يعدّ من الأسباب الرئيسة المسؤولة عن تغيّر الصوت، ولا سيّما خشونته.
سبل العلاج
تتنوّع علاجات مشكلات الصوت حسب حالة كل مريض:
| حقن الـ بوتكس: إن العضلة المستهدفة عند فقدان الصوت، هي العضلة المتمركزة خلف الأوتار الصوتية. وفي حال الصوت المتشنّج لأسباب عصبية، تُحقن الأوتار الصوتية بالـ "بوتوكس" بوساطة إبرة، كي يحدث تقارب بينها. ويضمن الـ "بوتوكس" التلاحق في الأوتار الصوتية، وهو يريحها حتى تخرج الصوت. كما يُعالج النطق.
وتدوم نتائج الإبرة بين أربعة وستّة أشهر، ويمكن تطبيقها مرة ثانية. ويؤكد فاخوري، في هذا الصدد، أن "نجاح حقن الـ "بوتوكس" مرتفع، وأن المريض بإمكانه استعادة صوته في خلال نصف ساعة من دون الحاجة إلى الخضوع لتخدير كلّي، ومن دون آثار لاحقة للحقن".
| الـ فيلر: يمكن تحسين الصوت عبر حقن الحبال الصوتية بمواد مختلفة، مثل: دهون الجسم من الشخص نفسه وهي المفضّلة، وكذلك بحقن حامض الـ "هيالورون"، والـ "كولاجين" لتضخيم الأحبال الصوتية فى حالة شلل الحبال الصوتية، وبالتالي تحسين أو تجميل الصوت.
عادةً، يمتد تأثير الـ "فيلر" لمدة تقارب السنة، ويمكن بعدها إعادة الحقن.
| الجراحة: في حالات الأورام الحميدة كاللحميات والأكياس والنتوءات يتمّ عمل منظار، تحت التخدير العام، فاستئصال الورم بمعدات دقيقة للحفاظ على سلامة الأوتار الصوتيّة. أمّا في حالات الأورام الخبيثة لا بد من أخذ عينة وتحليلها. ويعتمد العلاج في هذه الحالات على مرحلة تقدّم الورم، فقد يكون جراحيًّا أو إشعاعيًّا.
هناك حالات تستدعي تدريبات صوتية يجريها الاختصاصي في التخاطب للذين يفرطون في استخدام أصواتهم، ولديهم عقيدات الأوتار الصوتية، أي عقدة صغيرة (لحمية) على حافة كلا الحبلين. أمّا إذا كانت هذه العقد أكبر، فلا بدّ من التدخّل الجراحي لاستئصالها، بوساطة المنظار. أمّا الحل الدائم والأمثل للتخلّص من مشكلات الصوت، فيكمن في عملية زرع جهاز عبر إجراء شقّ صغير في الرقبة، لوصل وتقارب الأوتار الصوتية فيما ما بينها.