هناك الكثير من المفاهيم الإدارية التي يستدعي التعرف إليها ومعرفة ماهيتها وأسلوبها وطريقتها من قبل روّاد الأعمال، سواء كانوا المبتدئين أو المحترفين؛ من أجل مواكبة المتغيرات العصرية. مؤخراً ظهر مفهوم إداري انتشر كثيراً عبر شبكات التواصل الاجتماعية وبين أوساط الموظفين، وهو ما يُطلق عليه مسمى "الإدارة بالتجوال".
عبر السطور القادمة نتطرق إلى ماهية هذا المفهوم، وأهم فوائد تطبيقه، ومهاراته، وكيف نشأ، وفقاً لمختصين وخبراء وموقع إلكتروني شهير.
مفهوم واقعي تتم ممارسته دون قصد!
بداية أخبرنا الخبير الاستشاري المعتمد الدكتور محمد العامري برأيه، قائلاً: "تُقيّد المكاتب بعض المدراء، فتجدهم منشغلين بالتعامل مع المعاملات الورقية والاستماع والاطّلاع على التقارير، إلا أن بعض هذه التقارير هي ما يريد الناقل نقله له وليست الحقيقة المتواجدة بالواقع، فقد تكون صحيحة أو صائبة جزئياً أو خاطئة بالمطلق، آنذاك تتكون لديه فكرة عن العمليات والأداء، ويتخذ قرارات على إثرها، وهنا يكمن منبع الخطورة، فالقائد الحقيقي ينبغي أنّ يتخذ قراراته بناء على الواقع وليس بناء على ما يُنقل إليه، ومفهوم الإدارة بالتجوال "Management by walking around"، قد يكون غريباً، ولكن عند التعرف إليه؛ يرى المدير أنه قد مارسه في يوم من الأيام، وهو يعني خروج صانع القرار إلى المواقع الفعلية في العمل، والتعرف إلى الموظفين والمشاكل التي تواجههم ومساعدتهم على حلها والتحقق من رغباتهم واحتياجاتهم؛ من أجل الوصول إلى الأهداف المنشودة".
تعريف الإدارة بالتجوال
د. فارس بن عزيز، المختص بالجودة والتخطيط الإستراتيجي، ذكر أن: "مفهوم بالإدارة بالتجوال هو أحد أنماط الإدارة الحديثة التي تهدف إلى اختصار المسافات الجغرافية والزمنية بالتواجد في موقع الحدث للتعرف إلى آراء الموظفين الفعلية، وتحقيق احتياجاتهم ورغباتهم وتحقيق الأهداف".
أهداف الإدارة بالتجوال
د. محمد الحسن، المهتم بالقضايا التربوية والعلوم الإحصائية، عدّد أهم أهداف الإدارة بالتجوال، وهي كالآتي:
- الاتصال والتواصل المستمر.
- التحفيز للإبداع للوصول بمستويات التنفيذ إلى مقاييس الجودة الشاملة.
- ممارسة التأمل لما بعد الواقع إلى التطوير وتنمية القدرات.
- إطلاق طاقات التفكير والتجديد لدى العاملين.
- إشاعة السعادة والأمل في جو إيجابي فاعل.
قد يهمك أيضاً التعرف إلى الإدارة الإستراتيجية ودورها في المنظمات.
أبعاد تطبيق المفهوم
كما تطرق إلى أبعاد تطبيقه في المنشآت، وهي:
- اكتشاف الحقائق.
- تحسين الاتصال والتواصل.
- تحفيز جميع الموظفين للعمل.
- التطوير والإبداع والترقي بالعمليات والأداء.
- التغذية الراجعة المؤدية للتطوير والنمو.
فوائد تنفيذ هذا المفهوم
وتحدّث د. محمد الحسن أيضاً عن فوائد تطبيق هذا المفهوم المهم، وهي:
- القدرة على التفويض الفعّال والمناسب.
- تقييم الأداء بشكل صحيح.
- زيادة كفاءة وفعاليات عمليات التدريب.
- زرع الإحساس بالمسؤولية لدى جميع العاملين في المنظمة.
- ربط المكافأة بالإنجاز الفعلي وتحسينه.
تاريخ المفهوم وإحصائية لافتة
مجلة "فوربس" الأمريكية أشارت إلى أنّ هذا المفهوم تم إنشاؤه من قبل ديفيد باكارد، من شركة HP في الأربعينيات من القرن الماضي، وأشيع استخدامه لاحقاً في الثمانينيات، بواسطة خبير الأعمال والمؤلف الأكثر مبيعاً "توم بيترز"، وبالرغم من أنّ هذا المفهوم هو نهج بسيط نسبياً، إلا أنّه فعّال لنجاح الشركات ويدرّ أرباحاً كبيرة.
أخيراً، أظهرت الأبحاث أنّ 82% من الموظفين لديهم أفكار لتحسين العمليات، لكن 18% من هذه الأفكار لم يتم سماعها أبداً بسبب خوف الموظفين من المشاركة، لذا تحتاج المنظمات إلى تحسين قنوات الاتصال لجعل القوى العاملة على قدر من الراحة التي تُمكنهم للتقدم بأفكار جديدة ومؤثرة تقود إلى تحسين الأداء العام للفريق، وتؤدي إلى الابتكار، وأبرز مثال على هذا النهج هو قيام الرئيس التنفيذي السابق لشركة ستاربكس "هوارد شولتز" باقتطاع بعض الوقت لزيارة بعض المتاجر أسبوعياً، واكتشاف كيفية عملها وإجراء مناقشات مع الموظفين للتأكيد على قيم الشركة.
اطلعوا أيضاً على مفهوم الإدارة على المكشوف.