في قلب الإمارات، لا يصعب على الرائي أن يبصر التناغم والأصالة مع الحداثة، حيث تبرز إنجازات النساء الإماراتيات بشكل لافت. لذلك في يوم المرأة الإماراتية، لا نحتفل فقط بالتقدم النسائي، بل نعيد تعريف القيادة نفسها. فقد أثبتت الإماراتيات أن القيادة ليست مجرد منصب، بل هي قوة دافعة للتغيير والابتكار. من الحقول إلى المكاتب، ومن القاعات الدولية إلى منصات الابتكار، تضيء قصص نجاحهن طريق المستقبل، وتخلق مفارقات تثير الإعجاب: كيف يمكن لمجتمع صغير أن يحتضن طموحات ضخمة ويحقق إنجازات تتجاوز الحدود؟ في هذه المناسبة، نكشف في هذا التقرير النقاب عن أبرز النساء الإماراتيات اللاتي حولن التحديات إلى فرص، وأثبتن أن الريادة ليست حكرًا على جنس أو زمان، بل هي فلسفة عصرية تنبض بالحياة والإبداع.
سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك
نفتخر بأن نبدأ حديثنا في يوم المرأة الإماراتية بالاحتفاء بمعالي الشيخة فاطمة بنت مبارك، التي تمثل رمزًا للأصالة والمكانة الرفيعة. تعكس معاليها تاريخ المرأة الإماراتية وجذورها العميقة، فضلاً عن قدرتها الفائقة على التقدم في ميادين العمل وتبوؤ المناصب القيادية. إن إسهاماتها في إحداث التغيير وقيادة المجتمع نحو الأفضل تجعلها نموذجًا ملهمًا يحتذى به.
ولدت الشيخة فاطمة بنت مبارك الكتبي في منطقة الهير بمدينة العين في إمارة أبوظبي، وعاشت طفولتها في كنف أسرة زرعت فيها بساطة الحياة وقيمها، واستمدت منها شخصيتها وثقافتها. اقترنت سموها بالمغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه" في بداية عام 1960م. تشغل الشيخة فاطمة بنت مبارك منصب رئيسة الاتحاد النسائي العام، ورئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، والرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، حيث تواصل قيادة الجهود الرامية إلى تعزيز دور المرأة والأسرة في المجتمع الإماراتي.
رافقت الشيخة فاطمة بنت مبارك الشيخ زايد بن سلطان خلال فترات حكمه لإمارة أبوظبي ورئاسته لدولة الإمارات العربية المتحدة، وارتبطت به ارتباطاً وثيقاً إذ كان معلمها الأول وملهمها. كرست سموها جل وقتها واهتمامها للعناية بزوجها وأبنائها وبناتها وتفانت في خدمتهم. عايشت انشغاله الجم خلال سنوات الحراك السياسي، وساهمت في صياغة حكاية نجاحه التي يُعد تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة في 2 ديسمبر 1971م من أبرز فصولها. وكان لكل تلك العوامل أثر بالغ على مسيرة سموها، حيث ساهمت في بلورة تكوينها الفكري وإعدادها لتحمل المسؤوليات الجسام التي أخذتها على عاتقها في مراحل لاحقة.
المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان " إن الشيخة فاطمة نجحت في استيعاب أهدافي وأفكاري وحوّلت هذه الأفكار إلى تجارب ناجحة في كل الميادين"
حصلت سموّها على شهادة الدكتوراه الفخرية في العلوم الإنسانية والاجتماعية من جامعة الجزائر عام 2005، إلى جانب درجة الزمالة الفخرية من الكلية الملكية البريطانية لأطباء وجراحة النساء والولادة في 2009، بالإضافة إلى العديد من الشهادات الأخرى من جامعات عالمية مرموقة، أبرزها:
- الدكتوراة الفخرية: مُنحت سموها الشهادة من جامعة النيلين في جمهورية السودان عام 2018 تقديرا لجهودها العظيمة في التعليم ورعاية الطفولة والمرأة وتنمية المجتمع محليا وعالميا.
- الدكتوراه الفخرية في العلوم الاجتماعية: مُنحت سموها الشهادة من مجلس إدارة جامعة لوديس في لوغانو بسويسرا عام 2020 تقديراً لجهودها في العمل الاجتماعي، ونشر قيم التسامح.
- الدكتوراه الفخرية في مجال الدراسات متعددة التخصصات: مُنحت سموها الشهادة من جامعة "توكاي" اليابانية في 23 فبراير 2023 تقديراً لجهود سموها في مجال دعم المرأة وتحسين وضعها محلياً وعالمياً.
منحت لقب "أم الشيوخ" و"أم الإمارات" بمناسبة يوم الأم في 21 مارس 2005. ومن أبرز الرئاسات الفخرية لسموها:
- الرئيسة الفخرية لأكاديمية الشيخ زايد الخاصة للبنات منذ العام 2000.
- الرئيسة الفخرية لمجلس سيدات أعمال أبوظبي منذ العام 2001.
- الرئيسة الفخرية لمجلس سيدات أعمال الإمارات منذ العام 2002.
- الرئيسة الفخرية لمراكز إيواء النساء والأطفال ضحايا الاتجار بالبشر منذ العام 2008.
- الرئيسة الفخرية لأكاديمية فاطمة بنت مبارك للرياضة النسائية 2010.
- الرئيسة الفخرية لاتحاد الإمارات لرياضة المرأة 2022.
لبنى بنت خالد القاسمي
لبنى القاسمي تُعدّ من أبرز الشخصيات السياسية على مستوى دولة الإمارات والمنطقة والعالم. فقد كانت أول امرأة تتولى حقيبة وزارية في الدولة عام 2004، مما يعكس حرص القيادة الرشيدة على تمكين المرأة الإماراتية وتعزيز مكانتها على الساحة العالمية. خلال مسيرتها الوزارية المتميزة، شغلت معالي الشيخة لبنى القاسمي أربعة مناصب وزارية رفيعة، كان آخرها منصب وزيرة الدولة للتسامح " 2016 - 2017"، حيث كانت أول من يشغل هذا المنصب في دولة الإمارات والعالم. كما تولت في بداية عهدها الوزاري ثلاث حقائب وزارية هي:
- وزيرة الاقتصاد والتخطيط 2004-2008
- وزيرة التجارة الخارجية 2008-2013
- وزيرة التنمية والتعاون الدولي 2013-2016
في عام 2017، حازت لبنى القاسمي على المرتبة 36 ضمن قائمة أقوى 100 سيدة في العالم من مجلة فوربس، كما تصدرت قائمة أقوى السيدات العربيات على نفس اللائحة.
"القيادة العظيمة ليست في الوصول إلى القمة فقط، بل في رفع الآخرين إلى مستويات جديدة من النجاح. الريادة الحقيقية هي فن بناء المستقبل من خلال رؤية واضحة وعزم لا يتزعزع."
مواكبةً لرؤية الإمارات في جعل التعليم أساسًا لتمكين الأجيال، تولت معاليها رئاسة جامعة زايد من 2014 إلى 2018، حيث قادت هذه المؤسسة التعليمية الرائدة التي تحمل اسم القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، نحو التميز والابتكار. نالَت الشيخة لبنى القاسمي تكريمًا عالميًا من خلال جوائز رئاسية وأوسمة وشهادات تقدير، تقديرًا لدورها البارز في السياسة والحكم الرشيد.
لا تفوتوا قراءة.. السفيرات السعوديات في عواصم العالم
نورة بنت محمد الكعبي
من بين الأسماء اللامعة في قائمة النساء الإماراتيات الناجحات، تتألق نورة محمد الكعبي، التي تشغل حاليًا منصب وزيرة دولة في وزارة الخارجية. وقد تبوأت سابقًا منصب وزيرة الثقافة والشباب من عام 2020 إلى 2023. خلال فترة توليها هذا المنصب، أظهرت براعة في الإشراف على قطاعات الثقافة والإعلام والشباب، وساهمت بفعالية في تطوير العديد من الاستراتيجيات والمبادرات التي تحفز قطاع الصناعات الثقافية والإبداعية، وأسست بيئة حاضنة لدعم وتمكين الشباب في مختلف المجالات.
ساهمت نورة الكعبي بشكل بارز في صياغة تشريعات وسياسات جديدة تهدف إلى تعزيز صناعات الإعلام والتراث والإبداع الثقافي في الدولة. كما لعبت دورًا مهمًا في دعم وترويج العديد من المبادرات الثقافية والإنسانية، وذلك من خلال تعاونها مع الشركاء العالميين لدولة الإمارات ووجودها الفاعل في المحافل الدولية والإقليمية. في عام 2013، اختارت مجلة فورين بوليسي العالمية معالي نورة محمد الكعبي كأول إماراتية ضمن قائمة "أبرز 100 مفكر عالمي". كما أدرجت في عام 2014 ضمن قائمة “أكثر 30 امرأة عربية تأثيرًا في القطاع الحكومي في العالم العربي” من مجلة فوربس الشرق الأوسط، وحازت أيضًا على جائزة “سيدة أعمال العام” في نفس العام.
الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم "كل عام وأنتنّ أقوى وأجمل وأفضل، كل عام وبلادنا تحتفل بإنجازاتكن وتفوقكن..كل عام وأسرنا بخير ومجتمعنا إلى خير"
فاطمة الكعبي
عند الحديث عن النساء الإماراتيات القياديات في مجال حقوق الإنسان، لا يمكننا تجاهل إنجازات فاطمة الكعبي، التي تلعب دورًا بارزًا في هذا المجال على الصعيدين المحلي والإقليمي. تشغل الكعبي حاليًا منصب نائب رئيس الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، وقد شغلت العديد من المناصب الأخرى بفضل خبرتها الواسعة في الاستراتيجية والجودة والتميز، بالإضافة إلى عملها في المجالات الحقوقية والقانونية.
حازت فاطمة الكعبي على درجة الماجستير في حقوق الإنسان، وشهادة الليسانس في القانون، بالإضافة إلى دبلوم مهني متخصص في حقوق الإنسان. كما نالت العديد من الجوائز والأوسمة، منها جائزة القائد العام لشرطة أبوظبي وجائزة وزير الداخلية، إلى جانب مجموعة من الأوسمة والميداليات وشهادات الشكر والتقدير.
مريم المنصوري
نتابع قائمة النساء الإماراتيات الرائدات مع مريم المنصوري، التي تمثل نموذجًا ملهمًا في تحقيق الأحلام والتحديات. منذ صغرها، كان لديها شغف بأن تحلق عاليًا في السماء، ونجحت في أن تصبح أول امرأة في دولة الإمارات تقود طائرة مقاتلة من طراز "إف 16". برغم التحديات الكبيرة في مجال لطالما كان محصورًا على الرجال، قررت مريم دخول هذا المجال، إيمانًا منها بقدرة المرأة على إثبات جدارتها وحبًا في الدفاع عن وطنها. لم يكن قرارها الجرئ عائقًا، بل كان دافعًا لها لتحقيق حلمها. انضمت إلى القيادة العامة للقوات المسلحة الإماراتية، وفتحت المجال أمام النساء للالتحاق بكلية الطيران، لتكون من أوائل الملتحقات بها.
شاركت المنصوري في مهمات بارزة مع فريق الإمارات، وقادت سربًا من طائرات "إف 16" في مايو 2014. وقد كرمها نائب رئيس دولة الإمارات، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، ومنحها ميدالية التميز ضمن فئة "فخر الإمارات".
استمروا في متابعة.. سهام قصير ..قصة أقوى امرأة عربية
