رياضةٌ أصيلةٌ، تنقَّلت من جيلٍ إلى آخرَ حاملةً قصصَ التاريخِ العريق، والأثرِ العميق.
هي المهارةُ التي أتقنتها النساءُ كما الرجال، وورثتها الفتياتُ عن أجدادهن وجداتهن، فكن فارساتٍ بالروحِ والقلبِ قبل الجسد. لينا المشجري، وريما القحطاني، فارستان سعوديَّتان شابَّتان، وجدتا على صهوةِ الخيلِ موطناً لأحلامهما، وكسرتا حاجزَ الخوفِ، وبنيتا جسورَ الثقةِ، ليصبح الخيلُ رفيقهما في كلِّ اللحظاتِ.
حوار | عبير بو حمدان Abeer Bou Hamdan
تصوير فوتوغرافي | نورة العمري Norah Alamri
موقع التصوير | مربط رامة للفروسية في الرياض Ramah Equestrian
الفارسة لينا المشجري:لا تستهويني المنافسات إنما أحب منافسة نفسي

كما لهذه الرياضةِ متعتُها وعناصرُها الجميلة، لها أيضاً تحدِّياتُها، ما الذي جذبكِ نحوها بدايةً، وأي تحدِّياتٍ، يمكن للفارسةِ أن تواجهها؟
أحببتُ الخيلَ منذ كنت طفلةً صغيرةً، أمَّا التحدِّياتُ التي يمكن للفارسةِ أن تواجهها، فهي كيف تحافظُ على اللياقةِ، وكيف تتعاملُ مع الحصانِ، إلى جانبِ تمارينِ الفروسيَّة.
ما الذي تشعرين به وأنتِ على صهوةِ الخيل؟
أحاسيسُ كثيرةٌ، منها الشجاعةُ، والهيبةُ، والشغفُ، والتركيزُ، والعزيمة. أتواصلُ مع حصاني من خلال التمارينِ داخل الميدان لأتعرَّفَ على أسلوبه، وتعامله، ومشاعره أيضاً، ومن خلال المشي معاً للتعرُّف أكثر والتواصل.
وكم يحتاجُ الحصانُ من وقتٍ ليثقَ بالفارس؟
حسبَ الحصان، وشخصيَّته، وحسبَ الفارسِ، وكيفيَّة تعامله مع الأحصنةِ، وأدائه بركوبِ الخيل.
أي التدريباتِ يحتاجُ إليها الفارسُ، أو الفارسةُ، ليبقى محافظاً على لياقته البدنيَّة؟
الهرولةُ، هي من أهمِّ التمارينِ التي يحتاجُ إليها الفارسُ، وأيضاً تمارينُ الفروسيَّة التي تساعده في رفع لياقته ومهارته.
هل المنافساتُ تستهويكِ؟
المنافساتُ مع غيري لا تستهويني، أحبُّ فقط أن أتنافسَ مع نفسي لأكون أفضل من قبل.
أي السباقاتِ التي خضتِها حتى الآن؟
بطولةُ المُرتجز في ملهم. لم يُحالفني الحظُّ، لكنْ تعلَّمتُ منها أموراً عدة، وهذا يعني لي الكثير.
أيضاً شاركتُ في بطولةِ إسطبلاتِ الرياض، وحصلتُ على المركزِ الأوَّلِ بزمنِ 29 ثانيةً.
تابعوا تفاصيل اللقاء مع رؤى طلال طبيبة الأسنان ومدربة قيادة الدراجات النارية السعودية

ما الشعورُ الذي يُولِّده الفوزُ بأي سباقٍ؟
شعورُ الثقةِ بالنفسِ، والانتصار. أحبُّ بعد فوزي بأي سباقٍ أن أحتفلَ به مع عائلتي وأصدقائي.
كيف تُوفِّقين بين اهتمامكِ بهذه الرياضةِ، وبين دراستكِ؟
شغفي برياضةِ الفروسيَّةِ، ساعدني في تنظيمِ وقتي بشكلٍ كاملٍ بحيث أستطيعُ التوفيقَ بين ممارسةِ هذه الرياضة، وبين الدراسة.
النساءُ والفتياتُ في السعوديَّة، يعشقن رياضةَ الفروسيَّة، لماذا في رأيكِ؟
المرأةُ السعوديَّة ذات روحٍ قويَّةٍ، وعزيمةٍ لا تنكسر. هي لا ترى في الفروسيَّة مجرَّد رياضةٍ، بل وأيضاً أسلوبَ حياةٍ، كما أن شخصيَّتها بوصفها فارسةً، تُجسِّد معنى الشجاعةِ، والإصرار، وهي تحظى بالدعمِ، والتشجيعِ على خوضِ هذا المجال.
مَن أكثر الداعمين لكِ، وممَّن تستمدِّين القوَّة؟
والدي، دعمني، وساعدني كثيراً، وبفضل الله، ثم بفضله، أنا الآن أحقِّقُ حلمي، وبإذن الله المقبلُ أفضل، والإنجازاتُ أكثر.
هل وقعتِ عن ظهرِ الحصانِ يوماً، وهل جعلكِ ذلك تتردَّدين في ركوبِ الخيلِ مجدَّداً؟
نعم، وقعتُ مرَّاتٍ عدة، وشعرتُ بالتأكيد بالخوفِ والتردُّد من إعادةِ التجربة، لكنْ توجدُ مقولةٌ، نتناقلها في عالمِ الفروسيَّة، وهي: «الذي لا يقعُ، لا يُسمَّى فارساً». هي مقولةٌ تشجيعيَّةٌ، والفارسُ يجب أن يتحلَّى بصفاتِ العزيمةِ، والقوَّةِ، والشغفِ، والتركيزِ، والإصرارِ، والصبر.
ما الصفةُ التي إذا ما وُجِدَت في الشخصِ، ستُعيق نجاحه بوصفه فارساً، أو فارسةً؟
الخوفُ، والتردُّدُ، والتقليلُ من نفسه.
يمكن الاطلاع على قصة نجاح أخرى مع جيهان السعيد
الفارسة ريما القحطاني: الثقة بين الحصان والفارس أمر أساسي

ما الذي تُمثِّله الفروسيَّةُ لكِ؟
الفروسيَّةُ، هي التاريخُ، والتراثُ، إذ تعدُّ جزءاً من هويَّة عديدٍ من المجتمعات. كذلك هي الحركةُ، والتحدِّي، لأنها رياضةٌ شاملةٌ، تتطلَّبُ مهاراتٍ جسديَّةً وعقليَّةً، وتُقدِّم تحدِّياتٍ مختلفةً للفارس، ما يجذبه، ويُحفِّزه على الاستمرار. هي تُمثِّل أيضاً الارتباطَ بالطبيعةِ، والتواصلَ معها. الفروسية توفِّرُ فرصاً للتعليمِ، والتدريب حيث يمكن للفارسِ تعلُّم مهاراتٍ جديدةً، وتطويرُ قدراته. وأخيراً، تسهمُ الفروسيَّةُ في تعزيزِ التواصلِ الاجتماعي، والاندماجِ مع الآخرين الذين يشاركونه الشغفَ والاهتمامَ نفسهما.
ما التحدِّياتُ التي يمكن للفارسةِ أن تواجهها؟
هناك عديدٌ من التحدِّيات، منها الخوفُ من السقوطِ، أو الإصابة، والتوازنُ والتحكُّمُ بالخيل، إذ يمكن أن يُشكِّل الأمرُ تحدياً صعباً، خاصَّةً إذا كانت الخيلُ غير مدرَّبةٍ، أو غير مطيعةٍ. التحدِّي الثالثُ، هو أن الفروسيَّة رياضةٌ خطرةٌ، ويمكن أن تؤدي إلى إصاباتٍ، وجروحٍ، لا سيما إذا لم يتم اتِّخاذُ الإجراءاتِ اللازمةِ للسلامة. هذا إلى جانبِ أن الفروسيَّة رياضةٌ مكلفةٌ، وتتطلَّبُ مواردَ ماليَّةً كبيرةً لشراءِ وتدريبِ الخيول، والمعدَّاتِ، والملابس.
تنشأ بين الفارسِ والفرسِ روابطُ قويَّةٌ، كيف تصفين علاقتكِ بحصانكِ؟
أشعرُ بالارتباطِ بالخيل، وأنني أتفهَّمها، وأستجيبُ لاحتياجاتها. أتواصلُ مع حصاني من خلال لغةِ الجسدِ، والتواصلِ غير اللفظي، وأستخدمُ إشاراتِ اليدِ، والجسدِ لتوضيحِ ما أريدُ أن أفعل مثل التوجيه، والسرعة. كذلك أستخدمُ الصوتَ، والكلامَ لتهدئةِ الحصان وتوجيهه.
الحصانُ يحتاج إلى وقتٍ ليثقَ بالفارس، ويمكن أن يختلفَ هذا الوقتُ من حصانٍ لآخرَ. بعضُ الخيول، يمكن أن تثقَ بالفارسِ في أيَّامٍ، أو أسابيعَ قليلةٍ، بينما يحتاج حصانٌ إلى شهورٍ، أو حتى إلى أعوامٍ ليثقَ بالفارس. الثقةُ بين الحصانِ والفارسِ أمرٌ مهمٌّ جداً، إذ تجعلُ الحصانَ يشعرُ بالراحةِ والاسترخاءِ في وجودِ الفارس، ما يسمحُ له بالتحكُّمِ به بسهولةٍ أكبر.
ولتحقيقِ الثقةِ بين الحصانِ والفارس، يجبُ على الأخيرِ أن يكون لطيفاً ومهذَّباً معه، وأن يتعاملَ مع الحصانِ باحترامٍ وحبٍّ، وأن يكون مستعداً لتقديمِ الوقتِ والجهدِ اللازم لتحقيقِ الثقةِ بينه وبين حصانه.
هناك تدريباتٌ محدَّدةٌ، يحتاج إليها الفارسُ بشكلٍ دائمٍ، ما هي؟
يحتاج الفارسُ، أو الفارسةُ إلى تدريباتٍ متنوِّعةٍ ليبقى مُحافظاً على لياقته البدنيَّة، وقدرته على ممارسةِ الفروسيَّة، منها التدريباتُ البدنيَّة مثل تمارينِ القوَّة، وتمارينِ المرونة، وتمارينِ الكارديو. هناك أيضاً تدريباتُ الفروسيَّة مثل تدريباتِ التوجيه، والسرعةِ، والقفزِ، والتحرُّك، والتدريباتُ العقليَّةُ كالتأمُّلِ، والاسترخاءِ، والتفكيرِ الإيجابي، والتخطيطِ، والتنظيم. كذلك بعضُ التدريباتِ الخاصَّةِ مثل التوازنِ، والتفاعلِ مع الحصان، إضافةً إلى تدريباتِ إدارةِ الوقتِ والموارد، والتواصلِ مع الآخرين.
هل المنافساتُ تستهويكِ، وأي السباقاتِ التي خضتِها حتى الآن؟
نعم، المنافساتُ تستهويني، وتُحفِّزني على التحسين بشكلٍ مستمرٍّ. خضتُ عديداً من السباقاتِ والمنافساتِ المحليَّة حتى الآن، ومستعدَّةٌ دائماً لخوضِ مزيدٍ من السباقات في المستقبل.
يمكنك التعرف أيضًا على لولوة الحمود
كيف تُوفِّقين بين اهتمامكِ بهذه الرياضةِ، وبين دراستكِ؟
التوازنُ بين الاهتماماتِ المختلفةِ أمرٌ ضروري للنجاحِ في مختلفِ المجالات. لتحقيقِ التوازنِ بين اهتمامي بالفروسيَّة ودراستي، أتبعُ خطواتٍ عدة، من أهمِّها تخطيطُ الوقتِ بدقَّةٍ، والتعاونُ مع المدرِّبين والمعلِّمين، ومحاولةُ تقليلِ الوقت الذي أقضيه في الأنشطةِ غير الضروريَّة.
كيف ترين صورةَ الفارسةِ السعوديَّة اليوم؟
رائعةٌ، وملهمةٌ، وقادرةٌ على تحقيقِ أهدافها، وخوضِ التحدِّياتِ بشجاعةٍ وثباتٍ. هي لا تتراجعُ أمامَ التحدِّيات، بل تواجهها بثقةٍ وعزمٍ. بملابسها الرياضيَّةِ والأنيقةِ، تركبُ حصانها بثقةٍ وسيطرةٍ، وتتحكَّمُ بحركاته بسهولةٍ ويسرٍ. إنها بحقٍّ رياضيَّةٌ ومهنيَّةٌ، وتحترمُ رياضةَ الفروسيَّة، وتحترمُ نفسها، كما تؤمنُ بروحِ الفريقِ والتعاون، إذ تعملُ مع الفرسانِ والمدرِّبين لتحقيقِ أهدافها والنجاح، فهي اجتماعيَّةٌ ومتعاونةٌ، وتحبُّ العملَ الجماعي، وتحترمُ زملاءَها.
هل تجدين أنها تحظى بالدعمِ والتشجيعِ اللازمَين لخوضِ هذا المجال؟
بالتأكيد، لا سيما في الأعوامِ الأخيرةِ حيث شهدت المملكة العربيَّة السعوديَّة زيادةً في الاهتمامِ برياضةِ الفروسيَّة بين النساء، وتمَّ توفيرُ الدعمِ والتشجيعِ لهن لتحقيقِ أهدافهن في هذا المجالِ من قِبل عديدٍ من الجهات، منها الجهاتُ الحكوميَّة، والجمعيَّاتُ والمنظَّماتُ الرياضيَّة، والشركاتُ الخاصَّة سواء بتوفيرِ التمويلِ والدعمِ المالي، أو التدريبِ المهني، أو تقديمِ الدعمِ النفسي والاجتماعي، أو حتى تأمينِ الفرصِ للتنافس في المسابقاتِ المحليَّة والدوليَّة.
بالنسبةِ لكِ مَن أكثر الداعمين في مسيرتكِ؟
عائلتي، خاصَّةً والدي ووالدتي. دائماً ما يكونان إلى جانبي، ويُقدِّمان لي الدعمَ والتشجيع سواء كان ذلك في مجالِ الفروسيَّة، أو في حياتي الشخصيَّة. والدي يحضرُ كلَّ فعاليَّاتِ الفروسيَّة التي أشاركُ فيها، ويُقدِّم لي الدعمَ والتشجيع. والدتي أيضاً تدعمني نفسياً واجتماعياً، وتُشجِّعني، وتكون حاضرةً دائماً لاستقبالي بعد كلِّ فعاليَّةٍ رياضيَّةٍ.
كذلك أستمدُّ القوَّةَ من أصدقائي وزميلاتي في الفروسيَّة فدائماً ما يقفون معي، ويُقدِّمون لي الدعمَ والتشجيع سواء في الفعاليَّاتِ الرياضيَّة، أو في الحياةِ الشخصيَّة. وأستلهمُ القوَّةَ أيضاً من رغبتي في تحقيقِ أهدافي بمجالِ الفروسيَّة، والنجاحِ والتفوُّقِ في هذا المجال.
كم مرَّةً وقعتِ فيها عن صهوةِ الحصان؟
مرَّاتٍ عدة. أتذكَّرُ أنني وقعتُ عن صهوةِ الحصانِ في إحدى الفعاليَّات الرياضيَّة، ونتجَ عن ذلك إصابةٌ في يدي. السقوطُ عن صهوةِ الحصان جزءٌ من عمليَّة التعلُّم والنموِّ في رياضةِ الفروسيَّة، ومن المهمِّ أن نتعلَّم من أخطائنا، وأن نستفيدَ من تجاربنا لتحسينِ مهاراتنا، وزيادةِ ثقتنا بأنفسنا.
ما الصفةُ التي إذا وُجِدَت في الشخصِ، فستعيقُ نجاحه بوصفه فارساً؟
الخوفُ من المجهولِ والفشل، إذ يُؤثِّر ذلك في ثقته بنفسه وقدرته على التحكُّمِ بالخيل، وقد يؤدي إلى التوتُّرِ، والقلقِ، والشكِّ في القدراتِ الشخصيَّة، بالتالي إضعافُ القدرةِ على التركيزِ والانتباه، والفشلُ في تحقيقِ الأهداف، وعدمُ النجاحِ في ركوبِ الخيل بطريقةٍ محترفةٍ.
يمكنك متابعة الموضوع على نسخة سيدتي الديجيتال من خلال هذا الرابط