الصيام في فوائده تجاوز الحدود الدينية، لأن الدراسات أثبتت أن له تبعات وآثاراً أخرى على الصحة والروتين اليومي. ومن بين هذه التأثيرات إيقاع الساعة البيولوجية للجسم.
والساعة البيولوجية هي نظام داخلي من شأنه تنظيم دورات النوم والاستيقاظ، وأيضاً ترتبط الساعة البيولوجية بدرجة حرارة الجسم، وإفراز الهرمونات، والعديد من الوظائف الفسيولوجية الأخرى، وهي بالأساس تقوم بعملها وفقاً للإشارات البيئية مثل الضوء والظلام. عند دخول الجسم في روتين الصيام فإن الساعة البيولوجية تتأثر وتقوم بإعادة ضبط إيقاعها بطرق متعددة، مما يؤثر على الصحة العامة والأداء اليومي.
إعداد: إيمان محمد
كيف يؤثر الصيام على إيقاع الساعة البيولوجية؟
أظهرت مجلة Cell Metabolism أن توقيت تناول الطعام يعد من العوامل المؤثرة في إيقاع الساعة البيولوجية. وأشارت دراسة نشرت في المجلة إلى أن تناول الطعام في أوقات محددة يمكن أن يعيد ضبط الإيقاع اليومية للجسم.
على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي تناول الطعام في وقت متأخر من الليل إلى اضطراب الساعة البيولوجية، مما يؤثر سلباً على جودة النوم والتمثيل الغذائي. من ناحية أخرى، قد يساعد الصيام أيضاً على تحسين الصحة العامة من خلال تنظيم النوم بسبب ساعات الصيام والإفطار.
في دراسة نشرت في مجلة Appetite، تبين أن الصيام في حدّ ذاته لا يغير الساعة البيولوجية، المسؤولة عن ضبط إيقاع اليوم ما بين اليقظة والراحة، أو يسبب اضطرابات النوم، ولكن الأمر يرتبط بعوامل أخرى قد تسبب ذلك، مثل تغير نمط الحياة. وحددت الدراسة العوامل الآتية و التي تعمل على إعادة ضبط الساعة البيولوجية:

توقيت تناول الطعام
يعتبر توقيت تناول الطعام من العوامل المؤثرة في إيقاع الساعة البيولوجية. أظهرت الأبحاث أن تناول الطعام في أوقات محددة يمكن أن يعيد ضبط الإيقاعات اليومية للجسم.
تحسين النوم
الصيام قد يؤثر على جودة النوم من خلال تعديل إيقاع الساعة البيولوجية. لأن الصيام يحسن جودة النوم ويقلل من اضطرابات النوم لدى مرضى الزهايمر. يعتقد أن هذا التأثير ناتج عن قدرة الصيام على إعادة تنظيم الإيقاعات اليومية للجسم، مما يعزز النوم الصحي.
تحسين سلوكيات الأكل
يؤثر ضبط توقيت تناول الطعام خلال فترات الصيام على ضبط إيقاع الساعة البيولوجية، ولكن يُنصح بتجنب تناول الكثير من الطعام في السحور والالتزام بوجبات صحية خلال فترات الإفطار، فهذا يُسهم في دعم إيقاع الساعة البيولوجية الصحي.
تعزيز التمثيل الغذائي
يُؤثر الصيام على التمثيل الغذائي بطرق تساعد في تحسين الصحة. فإن الصيام يمكن أن يحدّ من مشكلة حساسية الأنسولين ويقلل من مستويات الجلوكوز في الدم، مما يقلل من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني. بالإضافة إلى ذلك، يحسن الصيام عملية حرق الدهون ويساهم في فقدان الوزن، مما يدعم الصحة الأيضية.
تحسين الصحة النفسية
الصيام يؤثر على الصحة النفسية أيضاً، وبشكل إيجابي من خلال تحسين إيقاع الساعة البيولوجية. أظهرت بعض الدراسات أن الصيام يمكن أن يقلل من مستويات التوتر والقلق، ويحسن المزاج. يعتقد أن هذا التأثير ناتج عن قدرة الصيام على إعادة تنظيم الإيقاعات اليومية للجسم، مما يُعزّز الشعور بالراحة النفسية.
تنظيم إفراز الهرمونات
يلعب الصيام دوراً حيوياً في تنظيم إفراز العديد من الهرمونات التي تؤثر على وظائف الجسم المختلفة، بما في ذلك التمثيل الغذائي، النوم، والطاقة. من أبرز هذه الهرمونات الميلاتونين، المسؤول عن تنظيم دورة النوم والاستيقاظ، والكورتيزول، الذي يساعد في التحكم بمستويات التوتر والطاقة.
تحفيز هرمون النمو
يحفز الصيام إنتاج هرمون النمو، وهو ضروري للحفاظ على الكتلة العضلية وتجديد الخلايا. وفقاً لدراسة نشرت في Nature Reviews Endocrinology، فإن الامتناع عن الطعام لفترات محددة يؤدي إلى ارتفاع مستويات هرمون النمو بنسبة تصل إلى خمسة أضعاف، مما يساهم في تعزيز عملية الأيض وحرق الدهون.
من ناحية أخرى، يؤثر الصيام على اللبتين والجريلين، وهما الهرمونان المسؤولان عن التحكم في الشهية. يؤدي الصيام إلى تقليل مستويات الجريلين، المعروف بـ"هرمون الجوع"، مما يساعد في تقليل الرغبة الشديدة في تناول الطعام وتحسين السيطرة على الوزن. في المقابل، يساعد الصيام في تنظيم مستويات اللبتين، مما يعزز الشعور بالشبع لفترات أطول.
تقليل الالتهابات
الصيام يساعد في تقليل مستويات الإندورفينات والمواد الالتهابية في الجسم، مما يساهم في تحسين المزاج والحدّ من التوتر.
تعزيز الشعور بالسعادة
تأثير الصيام على السيروتونين والدوبامين يجعله وسيلة فعالة في تعزيز الشعور بالسعادة والاستقرار النفسي.
بفضل هذه التأثيرات، يمكن اعتبار الصيام استراتيجية فعالة لدعم التوازن الهرموني في الجسم، مما ينعكس إيجابياً على الصحة العامة وإيقاع الساعة البيولوجية، ويجعله أداة طبيعية لتحسين الأداء العقلي والجسدي.
*ملاحظة من «سيّدتي»: قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج عليكِ استشارة طبيب مختص.