الشعور المزمن بالتعب، وزيادة الوزن من دون مبرر واضح، واضطرابات المزاج والهضم، والشعور بآلام... جميعها أعراض غير نمطية لجرثومة المعدة (داء المبيضات المعوي). وهذه العدوى المعقدة، من الصعب تحديدها واستئصالها، وغير معروفة لدى الأطباء والمختصين بشكل عام. ومع ذلك فإنها واسعة الانتشار.
في ما يلي يوضح المزيد عن داء المبيضات د. إيريك لوران مؤلف كتاب شامل حول هذه المشكلة:
أعراض داء المبيضات يمكن اختصارها بالتعب المزمن، وزيادة غير مبررة في الوزن، واضطراب المزاج والهضم، وعدم تحمّل الأطعمة، والتهابات متكررة والشعور بالآلام، وهي تجعلنا نفكر بأنها تشبة أعراض الأشخاص الذين تعرضوا للأشعة.
1. ما هو داء المبيضات؟
إنه مرض ناتج عن انتشار غير طبيعي لفطر المبيضة. ومثل الكثير من الكائنات الدقيقة من هذا النوع، فإنه يسكن بشكل رئيسي في الأمعاء لدى الأشخاص الأصحّاء، وعند منطقة المهبل لدى 10 في المئة من النساء، و30 في المئة من النساء الحوامل. وخميرة هذا الفطر تنمو أحيانًا بشكل مفرط ومتسلّل. ويستعمر بتلك الطريقة مناطق أخرى من الجسم، ويسبب الالتهابات المتكررة مثل الفطور المهبلي أو الجلدي، والقلاع الفموي وعلى أدمة الجلد. والمبيضات من النوع الأبيض تلون باللون الأبيض أو الكريمي، المناطق المصابة، عندما تستقر على الأغشية المخاطية المرئية.
2. ما هي الأعراض الأخرى التي تسببها فطريات المبيضة؟
كلما استطاعت ذلك، تخترق فطريات المبيضة جميع الأماكن التي يمكنها الوصول إليها، وخصوصًا أنسجة القناة الهضمية، وتبدأ عملها المخرّب: تسبب في منطقة الأمعاء التهابات مزمنة، وزيادة مسامية الجدار بشكل كبير، الأمر الذي يسمح لها بنشر أعمالها في الجسم. وهنا تظهر اضطرابات الجهاز الهضمي (خلل التوازن الميكروبي، والانتفاخات، والإسهال والإمساك)، وزيادة الوزن من دون سبب واضح (أو صعوبة فقدان الوزن).
وفي بعض الحالات، تمر هذه الفطريات أيضًا عبر الدورة الدموية. وتصنّع فطريات المبيضة العديد من السموم، والتي يعمل أحدها على تعطيل الدوبامين، وهو ناقل عصبي يشترك في آلية المهارات الحركية والدوافع؛ وبالتالي التسبب في حالات التعب المزمن، واضطرابات الانتباه والذاكرة والمزاج، والاكتئاب كذلك. وهذه السموم هي ذاتها التي تُضعف جهاز المناعة في الجسم، وبالتالي تجعله ضعيفًا أمام العدوى والالتهابات والحساسية، مثل عدم تحمّل الغلوتين وحساسية الجهاز التنفسي، أو حساسية اللمس (مستحضرات التجميل والعطور).
3. ما هي الأسباب والعوامل التي تساهم في تفاقم الحالة؟
في أغلب الأحيان يكون تطور فطريات المبيضة نتيجة الاستخدام المتكرر للمضادات الحيوية، الأمر الذي يعمل على تعطيل عمل البيئة النباتية المعوية، التي تعمل بشكل صحيح على تعطيل تكاثر البكتيريا المرضية والفطريات؛ أو نتيجة الاستخدام المتكرر لأنواع معينة من الأدوية، التي تساهم في جفاف الأغشية المخاطية للأمعاء. كما أنّ مضادات الاكتئاب الكورتيكوستيرويدات (لعلاج الربو)، وأدوية التثبيط المناعي، تساهم أيضًا في انتشارها.
ويلعب النظام الغذائي كذلك دورًا أساسيًّا في تفاقم الحالة. وفي حال اتّباع نظام غذائي غير متوازن، فمن شأن ذلك أن يعمل على تغذية فطريات المبيضة. وهذه الفطريات تعشق السكريات والمحيط الحامضي والغلوتين، وقد تستفيد من سوء النظافة (خصوصًا التلوث الذاتي بالبراز، وارتداء الملابس الداخلية الصناعية الضيّقة جدًّا) ومن الحرارة والرطوبة (التعطّن).
4. هل هي معدية؟
من المحتمل أن تكون فطريات المبيضة معدية، على الرغم من أنّ العدوى الأولى ستكون في الغالب ذاتية.
هذه الفطريات قد تنتقل من شخص إلى آخر، وخصوصًا من الأم إلى الطفل (عند الولادة)، أو أثناء الممارسة الجنسية المتكررة. ويجب أن يكون الشخص المتلقي للعدوى ضعيفًا (سوء من حيث النظافة الشخصية، وانخفاض الدفاعات المناعية للجسم، أو تعطّل النظام البيئي المحلي).
5. كيف يمكن اكتشافها؟
اختبار اللعاب يساعد على اكتشاف وجود الفطريات. ورغم أنّ تحليل البراز أو المسحة المهبلية (يصفها الطبيب المختص) أكثر آمانًا، إلا أنها غير مضمونة، لأنَّ الفطريات في جهاز الهضم أكثر صعوبة في التشخيص، على العكس من الفطريات المهبلية أو القلاع الفموية. والفحص المناعي للأجسام المضادّة هو الأكثر تأكيدًا. وإذا ظهرت لدى الشخص الأعراض مثل الالتهابات البولية المتكررة، والاضطرابات المعوية، والحساسية تجاه الأطعمة (مثل الغلوتين) والتعب المزمن، والاضطرابات العصبية الجسدية (مثل الأرق والقلق واضطراب الذاكرة) فمن شأنها أن تثير الشكوك بوجود فطريات المبيضة.
6. كيف نعالج داء المبيضات؟
يمكننا القضاء على داء المبيضات بمعالجة الأعراض فقط (الحكّة المهبلية والحرقة في حالات مرض القلاع)، والاضطرابات الأخرى اللحظية (مثل التعب واضطرابات المزاج ومشاكل الجهاز الهضمي). وداء المبيضات يغيّر محيطنا (النظام المناعي – النفسي- الأنثوي – العصبي)، وهذا تحديدًا ما ينبغي معالجته. وبناءًا عليه يجب تطبيق العلاجات المختلفة على أساس كل حالة على حدة.
7. ما هي العلاجات الطبيعية؟
"الاستراتيجية الممتازة لمحاربة خميرة الفطريات، لا تنطوي فقط على معالجة الفطريات، وإنما كذلك العمل على أن يستعيد الجسم قدرته على التكيّف وتنظيم وظائفه"، يوضح د. لوران. وتساعد العلاجات مثل العلاج النباتي، أو بالروائح أو البروبيوتيك، أو البريبيوتيك، والمكمّلات الغذائية، على محاربة الالتهاب الفطري، وتعزيز نظام المناعة، والحالة العامة للجسم، واستعادة الأمعاء لوظائفها.
النباتات الفعّالة ضد داء المبيضات
- الكركم وعرق السوس: عرق السوس من النباتات المضادّة للفطريات ومضادّ للالتهابات، ويصلّح الأغشية المخاطية بشكل عام، والأغشية المخاطية للأمعاء بشكل خاص. والكركم يكمل عمل عرق السوس، وكلاهما نباتات مضاد للأكسدة ومزيلة للسموم وتحمي الكبد. تحذير: يجب عدم تناول عرق السوس في حالات ارتفاع ضغط الدم والفشل الكلوي. ويمكن استبدال عرق السوس بالخمان الأسود – البيلسان -. ويمكن تناول الجوز في حالات الإسهال، والمليسا في حالات تشنج الأمعاء. يستمر العلاج لمدة 5 أيام في الأسبوع على مدار 10 أيام في الشهر لمدة 6 أشهر.
- البروبيوتيك المتخصصة: من الضروري ربطها مع النباتات. كبسولة واحدة في اليوم لمدة شهر إلى شهرين، ثم كبسولة واحد لمدة 5 أيام لشهور عدة. وفي حالة العدوى المهبلية استكمال العلاج بالبروبيوتيك الموضعية.
- مستخلص بذور الجريب فروت: مطهّر طبيعي فعّال خصوصًا ضد داء المبيضات. ينبغي الانتباه إلى نوعيته الجيدة واستخدامه للمعالجة المطولة لتجنّب عودة الفطريات.
- في حالة داء المبيضات المهبلي المتكرر: "البروتوكول هو نفسه، إذ ينبغي العمل على معالجة الأمعاء"، بحسب ما يقول د. لوران. وخلال فترة الحيض يمكن إضافة نبتة القنفذية لتحفيز نظام المناعة وتخفيف اضطرابات الحيض.
- في حالة الغشاء المخاطي الجلدي: نتجه إلى استعمال القنفذية الشاحبة، خط الدفاع الأول للجلد ومعالجة الالتهاب.
- التآزر مع الزيوت العطرية الأساسية: فعالة جدًّا في مكافحة الالتهابات:
* زيت الأورغانو العطري الأساسي: إذ يحتوي على مضادّ قوي للفطريات. يُنصح باستخدام الكبسولات الجاهزة.
* زيت القرنفل والقرفة العطري الأساسي: مضادّة للفطريات أيضًا وتكمل عمل زيت الأورغانو. وتسهل جميعها نشاط الأدوية. ولكن نظرًا لمخاطر السميّة العالية على الكبد، لكل من زيت الأورغانو والقرنفل عند تناول جرعات عالية، فيجب الحذر ويفضل ربطه مع زيت الليمون العطري الأساسي لحماية الكبد.
وقبل استخدام أيّ من الزيوت العطرية الأساسية يجب استشارة الطبيب.