بعض الأشخاص يتم تشخيصهم بمرض الضغط المزمن؛ بسبب الارتفاع المتكرر لضغط الدم لديهم، لكنَّ هناك آخرين يعانون من حالة ضغط الدم المتذبذب، وهي حالة قد يُسجَّل فيها ارتفاعٌ وانخفاضٌ غير مبرريْن.
من الطبيعي أن يعاني الأصحاء من اختلافات في ضغط الدم، لكنها عادة ما تحدث ضمن النطاق الطبيعي. ولكن عندما يرتفع ضغط الدم بانتظام إلى مستويات أعلى من المعدل الطبيعي، فهذه علامة على أن هناك مشكلة معينة. وفي هذا الإطار يقول الدكتور مايكل ليوديس، اختصاصي أمراض ضغط الدم: "يجب تحديد السبب الأساسي لارتفاع ضغط الدم قبل تحديد النظام العلاجي".
ما هو ارتفاع ضغط الدم المتذبذب؟
يجب التفرقة بين ارتفاع ضغط الدم المزمن والشائع، وبين حالة أخرى تُعرف بارتفاع ضغط الدم المتذبذب أو المتقلب، وهي حالة متعلقة بظروف معينة؛ أي يحدث ارتفاع ضغط الدم استجابة لأحداث مرهقة، مثل المجهود البدني الكثيف أو التفكير في المشاكل المالية، وهذا يساعد على التمييز بين ارتفاع ضغط الدم المتقلب وارتفاع ضغط الدم الحقيقي، حيث يكون ضغط الدم مرتفعاً طوال الوقت.
الأشخاص الذين يصابون بارتفاع ضغط الدم في الأربعينيات من العمر، خاصة إذا كان لديهم تاريخ عائلي من ارتفاع ضغط الدم، هم أكثر عرضة للإصابة بارتفاع ضغط الدم الحقيقي مقارنة بارتفاع ضغط الدم العَرَضي، كذلك يميلون إلى زيادة الوزن والرغبة المُلحّة في تناول الأطعمة المالحة.
تجربة واقعية مع ارتفاع ضغط الدم المتذبذب
رحاب سيّد، في الثلاثينات من عمرها، بدأت معاناتها قبل أربع سنوات مع ارتفاع ضغط الدم، تشرح لـ"سيّدتي" تجربتها، فتقول: "عندما كنت خارج البلاد، كنت أتعرض لضغوط شخصية كبيرة أهمها الشعور بالغربة والوحدة، فبدأت معاناتي مع ضغط الدم". وتصف الأعراض التي عانت منها في البداية؛ مثل الصداع، صعوبة التنفس، الإرهاق والضيق، التوتر والسخونة الداخلية".
في البداية تمَّ تشخيص رحاب باعتبارها مريضة ضغط الدم المزمن، وفق ما روت، وقالت: "شخّصني طبيب في الولايات المتحدة الأمريكية كمريضة ضغط دم بمجرد علمه أن والدتي تعاني من ضغط الدم، أما والدي فلم يعانِ هذه الحالة يوماً، وقال لي وقتها إنني لا بد أن أتناول حبة دواء يومية لضبط ضغط الدم، ولكن مع أول يوم في العلاج أصبت على الفور بهبوط في ضغط الدم؛ انتقلت إثره إلى الطوارئ". وأردفت: "هناك شخّص الأطباء حالتي بضغط الدم المتقلب أو المتذبذب، وهي حالة يرتفع فيها ضغط الدم، ثم يعود لمعدلاته الطبيعية وربما ينخفض كذلك".
مريض ضغط الدم المتذبذب ليس بحاجة لدواء يومي لضبط ضغط الدم، بينما هي حالة مؤقتة ترتبط أكثر بالمجهود والحالة النفسية. وبالعودة إلى رحاب، تقول: "مع عودتي إلى مصر، قررت زيارة طبيب متخصص لفهم الحالة، وبعد إجراء عدة فحوص؛ توصل إلى التشخيص عينه، وهو ضغط دم مؤقت يتطلب علاجاً لمدة محددة، ثم أعود لحالتي الطبيعية". وعن العلاج قالت: "المهدئات ومنظمات القلب هي العلاج الموصوف الذي أعتمد عليه خلال فترات ارتفاع ضغط الدم، وعادة لا يستغرق الأمر أكثر من أسبوع لأسبوعين".
وعن اعتياد الحالة، قالت رحاب: "على مدار السنوات الماضية لم أقتنع بسهولة بالتشخيص، لاسيما أنها حالة تحدث على فترات وقد تعطل حياتي، لكن عندما تفهمت أن الجانب النفسي له تأثير مباشر على حالتي الصحية؛ قررت الامتثال لبعض العادات الصحية، وأهمها ممارسة الرياضة، خاصة اليوغا".
ومن جانبه، علّق الطبيب الذي عالج السيدة رحاب، الدكتور محمد خضر، دكتوراه أمراض القلب والأوعية الدموية واستشاري قسطرة القلب العلاجية، قائلاً:" إن ضغط الدم قد يكون عارضاً جانبياً لمجموعة من الاضطرابات الأخرى"، وأوضح: "بداية يتم فحص الأسباب المباشرة لضغط الدم مثل القلب والوراثة، لكن هناك عوامل أخرى؛ مثل المناعة والهرمونات، خاصة هرمون التوتر المعروف باسم الكورتيزول، وكذلك فيتامين دي D، الذي يؤدي انخفاضه عن المعدلات الطبيعية إلى ارتفاع في ضغط الدم".
اقرئي أيضاً: وصفات شعبية للقضاء على التهابات المسالك البولية.. فعّالة جداً
أسباب ارتفاع ضغط الدم المتقلب
عند الاشتباه في ارتفاع ضغط الدم، يمكن استخدام جهاز مراقبة ضغط الدم على مدار 24 ساعة لتأكيد التشخيص، ثم يبدأ العمل على تحديد السبب الأساسي.
قد يعود السبب إلى تناول بعض الأدوية أو بعض الممارسات اليومية التي تؤثر على ضغط الدم، ومنها تناول الأطعمة الغنية بالملح (الصوديوم)، أو تناول المزيد من الأطعمة المحملة بالدهون المشبعة.
أيضاً هناك بعض الحالات المرضية التي ترتبط بارتفاع ضغط الدم المتذبذب؛ مثل انقطاع التنفس أثناء النوم، أو أمراض القلب والأوعية الدموية، أو أمراض الكلى، أو مشكلة في الغدد الكظرية، وأي منها يمكن أن يسبب تقلبات في ضغط الدم.
ارتفاع ضغط الدم له مضاعفات لا سيما على القلب، لهذا السبب فإن إجراء الفحوص المنتظمة أمر ضروري، لأنه لا يمكننا أن نفعل أي شيء لعلاج ارتفاع ضغط الدم ما لم نعلم بوجوده. يجب على الجميع فحص الضغط مرة واحدة سنوياً على الأقل. وكذلك التحدث مع الطبيب حول الإجهاد، وأمراض القلب أو الكلى، والتاريخ العائلي لارتفاع ضغط الدم، وأي عامل مساهم محتمل آخر للسيطرة على ضغط الدم لديك.
ضغط الدم المتقلب والخرف
أظهرت دراسة جديدة، أجراها باحثون أستراليون، أن تقلب ضغط الدم يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بالخرف ومشاكل الأوعية الدموية لدى كبار السن.
يقول باحثون من جامعة جنوب أستراليا، الذين قادوا الدراسة، إن التقلبات القصيرة في ضغط الدم خلال 24 ساعة، وكذلك على مدى عدة أيام أو أسابيع، ترتبط بضعف الإدراك.
ترتبط أيضاً اختلافات ضغط الدم الانقباضي الأعلى (الرقم العلوي الذي يقيس الضغط في الشرايين عندما ينبض القلب) بتصلب الشرايين المرتبط بأمراض القلب.
تقول الباحثة الرئيسية للدراسة، داريا جوتريدج، إنه من المعروف أن ارتفاع ضغط الدم هو عامل خطر للإصابة بالخرف، ولكن يتم إيلاء القليل من الاهتمام لتقلب ضغط الدم.
* المصادر:
-Harvard Health
-UniSA - University of South Australia
* ملاحظة من "سيّدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب مختص.