كثيرون قد يستمتعون بحياة الليل، ولكن النوم مبكراً أمر شديد الأهمية لصحة الإنسان، ولا سيما أن السهر لا يؤثر في الصحة فحسب، في حين قد يعطل سير المهام اليومية، ومن ثَم تتراجع جودة الحياة الاجتماعية والمهنية.
وللحديث أكثر عن فوائد النوم مبكراً، التقت "سيِّدتي" السيدة صفاء، 42 عاماً؛ لتشاركنا تجربتها مع التوقف عن السهر وكيف تغيرت حياتها وصحتها للأفضل مع النوم المبكر.
إعداد: إيمان محمد
تجربة حقيقية مع النوم مبكراً
تقول صفاء بداية: "لطالما كنت من الأشخاص الذين يفضلون السهر، حيث كنت أقضي ساعات الليل في مشاهدة الأفلام، وتصفح الإنترنت، أو إنجاز بعض المهام المتأخرة". وتضيف "لم أكن أعتقد أن لهذا النمط تأثيراً سلبياً في صحتي، حتى بدأت أشعر بالقلق والتوتر وعدم التركيز؛ ما كان له آثار سلبية في حياتي وعملي".
كيف تتخذين قرار النوم مبكراً؟

تجيب صفاء "عندما قررت تغيير نمط نومي، لم يكن الأمر سهلاً في البداية. كنت معتادة على النوم في أوقات متأخرة جداً، ولكن بعد أن قرأت عن تأثير الإيقاع اليومي وأهميته في تنظيم صحة الجسم والعقل، أدركت أنني بحاجة إلى تعديل ساعتي البيولوجية".
وذلك أيضاً ثبت بالدراسات، وفقاً لمجلة Psychiatric Research، فاز الباحثون جيفري هول، مايكل روزباش، ومايكل يونغ بجائزة نوبل في الطب بعد بحث أظهروا أن النوم المبكر يمكن أن يقلل من فرص الإصابة باضطرابات نفسية.
كيف أثر النوم المتأخر في حياتي؟
أشارت صفاء أنه قبل أن تبدأ هذه التجربة، كانت تعاني من عدة مشكلات، منها:
الإرهاق المستمر
تقول صفاء عن تجربتها: "على الرغم من أنني كنت أنام عدداً كافياً من الساعات؛ فإنني كنت أشعر بالتعب طوال اليوم”.
تقلبات المزاج
كانت صفاء تعاني من اضطراب المزاج حتى لاحظت أنها أصبحت أكثر انفعالاً وأقل تركيزاً.
ضعف الإنتاجية
لاحظت صفاء أنها تعاني من صعوبة في الانتهاء من المهام اليومية، وتقول: "كان من الصعب عليَّ إنجاز مهامي بفاعلية، خاصة في الصباح”.
تدهور الصحة العامة
تقول صفاء عن صحتها بشكل عام: “بدأت أشعر بألم متكرر في الرأس واضطرابات في الهضم ، وهو ما جعلني أبحث عن حل جذري”.
اقرئي أيضاً: أبرز 6 مشاكل صحية يُصاب بها الصائم وطرق التخلص منها مع اختصاصية
كيف كانت تجربة النوم المبكر؟
تجيب صفاء: “قررت البدء بتجربة النوم قبل منتصف الليل، وبالتحديد قبل الساعة 11 مساءً؛ لمعرفة مدى تأثير ذلك في حياتي. في البداية، لم يكن الأمر سهلاً؛ إذ كنت أشعر بالأرق وأجد صعوبة في الاستغراق في النوم مبكراً، لكن بعد اتباع بعض العادات الجيدة، أصبح النوم المبكر جزءاً من حياتي اليومية”.
فوائد النوم المبكر
النوم المبكر له فوائد عديدة، وفقاً لما جاء في تقارير لـ University of Chicago:
تحسين الصحة العقلية
وهنا لاحظت صفاء أنها أصبحت أكثر استقراراً من الناحية النفسية و العاطفية، وأصبحت أقل عرضة للقلق والتوتر.
زيادة الإنتاجية
بدأت السيدة الأربعينية تستيقظ مبكراً، وبالتالي أصبح لديها وقت كافٍ لإنجاز المهام من دون الشعور بالضغط.
زيادة التركيز والمهام العقلية
تقول صفاء: “شعرت بأن ذهني أصبح أكثر صفاءً، وأصبحت قادرة على التركيز بشكل أفضل”.
تحسن الصحة البدنية
كان للنوم المبكر تأثير كبير في الصحة البدنية، تقول صفاء: “شعرت بأنني أكثر نشاطاً، وبدأت ألحظ تحسناً في عملية الهضم وانخفاضاً في الصداع”.
تقليل فرص الإصابة بالأمراض
النوم الجيد مرتبط بتقليل خطر الإصابة بأمراض مثل السكري وأمراض القلب؛ لذلك عندما ينتظم الشخص في النوم المبكر سيلاحظ تغييرات كبيرة في القدرة على أداء المهام اليومية.
ماذا يقول العلم عن النوم المبكر؟
وفقاً للدراسة سابقة، فإن الأشخاص الذين ينامون قبل الساعة 1 صباحاً لديهم فرصة أقل للإصابة بمشكلات الصحة العقلية. كما أظهرت دراسة أُجريت على 74,000 شخص بالغ في المملكة المتحدة أن أولئك الذين ينامون متأخراً كانوا أكثر عرضة لتقلبات المزاج والاكتئاب.
وجد جيمي زايتر، أستاذ في جامعة ستانفورد، أن الأشخاص الذين يحددون وقتاً ثابتاً للنوم، وفقاً لإيقاعهم البيولوجي الطبيعي، يتمتعون بصحة عقلية أفضل. كما أشار إلى أن 20-40% من الأشخاص الذين يسهرون لوقت متأخر معرضون بشكل أكبر للإصابة بمشكلات عقلية مقارنةً بأولئك الذين ينامون في أوقات مبكرة أو متوسطة.
نصائح للنوم المبكر
إذا كنتِ تفكرين في تجربة النوم المبكر؛ فإليك بعض النصائح التي ساعدت السيدة صفاء:
- إنشاء روتين ثابت: حاولي الذهاب إلى الفراش والاستيقاظ في الوقت نفسه يومياً.
- تقليل استخدام الهاتف قبل النوم: الضوء الأزرق المنبعث من الهواتف والتلفاز يؤثر في إنتاج الميلاتونين، وهو الهرمون المسؤول عن النوم.
- الاسترخاء قبل النوم: القراءة، التأمل، أو الاستحمام بماء دافئ يمكن أن يساعد في تهدئة العقل والجسم.
- تجنُّب الكافيين في المساء: المشروبات التي تحتوي على الكافيين يمكن أن تعطل دورة النوم.
- ضبط بيئة النوم: تأكدي من أن غرفتكِ مظلمة، هادئة، وذات درجة حرارة مناسبة.
- ممارسة الرياضة بانتظام: التمارين الرياضية تساعد في تحسين جودة النوم.
- الابتعاد عن الوجبات الثقيلة قبل النوم: تناول وجبة خفيفة يمكن أن يكون مفيداً، لكن تناول الطعام الثقيل يمكن أن يسبب اضطرابات النوم.
النتيجة بعد شهر من النوم المبكر
أنهت صفاء حديثها قائلة: “بعد شهر من اتباع النوم المبكر، شعرت بتحسن هائل في حياتي. لم أعُد أشعر بالإرهاق، وأصبحت أكثر توازناً وسعادة. لم يكن التحول سهلاً، لكنه كان يستحق الجهد. أدركت أن النوم الجيد ليس رفاهية، بل هو ضرورة للحفاظ على الصحة الجسدية والعقلية”.
* ملاحظة من "سيِّدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج تجب استشارة طبيب مختص.