نعيش اليوم في عصر السرعة منشغلين بأعباء الحياة اليومية وتفاصيلها ما يزيد من الضغوط النفسية والشعور المستمر بالتوتر والقلق، لذلك فإننا بحاجة إلى ممارسة تمارين التأمل والاسترخاء التي تساهم في تخفيف هذه الضغوط النفسية وتمنحنا شعوراً بالراحة والرضا حتى نستطيع المضي قدماً.
الدكتورة في علم التغذية والغذاء سينتيا الحاج تقدم لـ"سيّدتي" أفضل تمارين التأمل والاسترخاء، وكيفية أدائها خطوة بخطوة، وكذلك فوائدها المختلفة لصحة الجسم وعلاج بعض الأمراض، في المقال الآتي:
التأمل والاسترخاء: إليك أفضل التقنيات
تفيد تقنيات التأمل والاسترخاء في الحدّ من أعراض التوتر والقلق وتمنح العقل والجسم شعوراً بالطمأنينة والسكينة، فضلاً على فوائدها الصحية العديدة، فالضغط النفسي والتوتر المزمن قد يؤدي إلى الإصابة بعدة مشاكل صحية، مثل ارتفاع ضغط الدم، الصداع، القلق والاكتئاب.
تتعدّد أنواع تمارين التأمل والاسترخاء ولكلٍ ما يناسبه، وفيما يلي نذكر أبرز هذه التمارين:
- للتنفس العميق: تعدّ تمارين الاسترخاء التنفسي طريقة بسيطة ولكنها فعّالة في تحقيق الاسترخاء ومنح الجسم شعوراً بالراحة والهدوء، كما تتميّز بأنها سهلة التطبيق في أي وقت وأي مكان. يجرى تمرين التنفّس العميق عن طريق اتباع بعض الخطوات، كالجلوس بطريقة مريحة مع مراعاة أن يكون الظهر مستقيماً وجعل إحدى اليدين على الصدر والأخرى على البطن، ثمَّ أخذ شهيق بطيء حتى ملاحظة ارتفاع البطن عن الصدر من خلال اليد. بعد ذلك العمل على إخراج الزفير من الفم ببطء قدر المستطاع مع ملاحظة انخفاض البطن، وتكرار التمرين 10 مرات، والقيام به مرتين في اليوم.
ويُنصح بالاستلقاء عند مواجهة صعوبة في التنفس من البطن أثناء الجلوس، مع تثبيت كتاب خفيف على البطن ومراقبة الكتاب وهو يرتفع وينخفض أثناء التنفس، للتأكد من أداء التمرين بشكل صحيح.
- اليوجا والتاي تشي: تعدّ اليوجا والتاي تشي من أفضل تمارين التأمل والاسترخاء، فهي تركز على التنفس العميق، التأمل، والقيام بسلسلة من التمارين والحركات التي تعزّز قوة ومرونة العضلات وزيادة التحمل، فضلاً على تقليل التوتر والمساعدة على الاسترخاء العقلي والبدني. تضمّ اليوجا سلسلة من تمارين الإطالة والقوة، وفيها يبقى الشخص في شكل معين مع التركيز على التنفس، بينما التاي تشي تتضمن القيام بحركات بطيئة مثل الرقص مع التنفس بعمق والتركيز على تحريك الجسم من تمرين لآخر.
ينبغي ممارسة اليوجا والتاي تشي تحت إشراف مدرّب متخصّص في البداية لإتقانها قبل تجربتها في المنزل، وذلك تجنباً للإصابات التي قد تحدث عند ممارستها بطريقة خاطئة.
- تدريب التحفيز الذاتي: هو نوع من تمارين الاسترخاء يبعث على الشعور بالهدوء النفسي والجسدي، ويفضل إجراؤه مع مدرّب متخصص في البداية حتى إتقانه. تتضمن خطوات تدريب التحفيز الذاتي الجلوس أو الاستلقاء في مكان هادئ ومريح مع ارتداء ملابس مريحة غير ضيّقة، التنفس ببطء وبانتظام مع ترديد عبارة (أنا هادئ تماماً) في العقل. التركيز على أجزاء مختلفة من الجسم، مثل الذراع اليمنى مع تكرار عبارة (أنا هادئ وذراعي اليمنى ثقيلة)، ثم تكرار ذلك مع أجزاء الجسم الأخرى والتركيز على نبضات القلب وتكرار عبارة (نبضات قلبي منتظمة وهادئة) 6 مرات.
- التأمل الواعي: التأمل الواعي، هو نوع من تقنيات التأمل يهدف إلى تخفيف القلق، التخلص من المشاعر السلبية، المساعدة على الاسترخاء، بالإضافة إلى ذلك يعدّ التأمل الواعي من تمارين الاسترخاء المفيدة للاكتئاب والألم. تشتمل خطوات التأمل الواعي على اختيار مكان هادئ، الجلوس على كرسي مريح مع مراعاة استقامة الظهر، إغلاق العينين وأخذ شهيق عميق ومحاولة الاسترخاء، والتركيز على الأنفاس، والإحساس بتدفق الهواء عبر الأنف مع الشهيق ثم إخراج الزفير من الفم. وإبعاد أي أفكار تخطر على الذهن ومحاولة التركيز على اللحظة الحالية وعدم التفكير في ذكريات الماضي أو مخاوف المستقبل.
- تأمل المسح الجسدي: ينطوي هذا النوع من تمارين الاسترخاء الذهني على التأمل والتركيز على أحاسيس كل جزء من الجسم بدءاً من الأسفل إلى الأعلى، وذلك من خلال الاستلقاء على الظهر وإرخاء الساقين والذراعين وبقاء العينين مفتوحتين أو مغلقتين، والتركيز على التنفس مدة دقيقتين حتى الشعور بالاسترخاء. ثم البدء بالتركيز على أصابع القدم اليمنى والأحاسيس التي يشعر بها الشخص فيها لمدة 3 إلى 5 ثوانٍ، مع الاستمرار في التركيز على التنفس وتخيّل أن كل شهيق يؤخذ يتدفق إلى الأصابع. من ثم الانتقال إلى التركيز على القدم اليمنى وكذلك الأحاسيس فيها مدة دقيقة إلى اثنتين، ثم الانتقال إلى الكاحل، ومنه إلى الركبة، والفخذ، ومن ثم الانتقال إلى القدم الأخرى مع تكرار نفس الخطوات في كل جزء. إضافة إلى الانتقال إلى الجزء السفلي من البطن والظهر ثم الجزء العلوي، ومنه إلى الصدر والكتفين والاسترخاء بعض الوقت في صمت وهدوء بعد الانتهاء من التمرين.
قد تودّون متابعة هذه الأنشطة مفيدة جداً للصحة النفسية وتمنحك السعادة وفق علم النفس.
تمارين إضافية تساعدك على التأمل والاسترخاء
- استرخاء العضلات التدريجي: تشمل تمارين الاسترخاء من القلق والتوتر تمرين الاسترخاء التدريجي للعضلات، وتكمن فكرته في شدّ مجموعة من العضلات ثم إرخائها، ويفيد ممارسة هذا التمرين بانتظام في تخفيف القلق والتوتر والاسترخاء التام. يمكن القيام بتمرين استرخاء العضلات التدريجي عن طريق الجلوس أو الاستلقاء بطريقة مريحة، ثم التنفس ببطء وعمق، وشدّ مجموعة من العضلات بدرجة متوسطة لمدة 5 إلى 10 ثوانٍ، والبدء من أسفل الجسم إلى أعلى، ثم إرخاء مجموعة العضلات تدريجياً حتى تسترخي تماماً. انتظري مدة 10 ثوانٍ بين كل مجموعة وأخرى والتركيز على الشعور في هذا الجزء من الجسم مع تكرار الخطوات مع كل مجموعة من العضلات.
- التصوّر أو التخيّل الموجّه: تتضمّن تمارين الاسترخاء أيضاً التخيّل أو التصوّر الذي يعتمد على استخدام الخيال لتحقيق الهدوء والاسترخاء عن طريق الاستحضار الذهني لمكان يبعث على السكينة والراحة. الاستلقاء أو الجلوس على نحو مريح وإغلاق العينين، التنفس بعمق وببطء، تخيّل مكاناً مريحاً، مثل الاستلقاء على الشاطئ مع وجود نسيم هواء عليل والشعور بأشعة الشمس الدافئة، ومحاولة استخدام كل الحواس بتخيّل رائحة البحر وصوته، والشعور برمال الشاطئ والهواء. ويمكن الاستعانة بموسيقى هادئة أو صوت أمواج البحر أثناء القيام بهذا التمرين والاستمرار على هذا النحو لبضع دقائق أو أكثر حسب الحاجة.
- التنويم المغناطيسي الذاتي: يعدّ التنويم المغناطيسي الذاتي أحد تمارين الاسترخاء للتوتر والقلق، فضلاً على أنه يخفف من الشعور بالألم، ويجري عن طريق التفكير في الدافع وراء إجراء التنويم المغناطيسي الذاتي، مثل الرغبة في تحقيق استرخاء عميق، الجلوس أو الاستلقاء في مكان هادئ وخالٍ من أي مشتتات لضمان عدم المقاطعة أثناء القيام بالتمرين، إغلاق العينين والتنفس بعمق، تكرار عبارة معينة في العقل تتعلق بهدف إجراء التمرين مثل (أنا مرتاح)، وتخيّل أنها تحققت بالفعل، مثل تخيّل النفس في مكان هادئ ومريح.
- ممارسة الرياضة: تساهم ممارسة التمارين الرياضية في تقليل التوتر والقلق والمساعدة على الاسترخاء، حيث يفرز الجسم مادة الإندورفين التي تعمل على تحسين المزاج ومنح الشعور بالراحة، بالإضافة إلى ذلك تُفيد ممارسة الرياضة مع شخص آخر وتبادل الحديث أيضاً في تقليل التوتر.
- تمرين الوعي اليقظ (اليقظة): وفقاً للتقاليد التأملية الشرقية تتحقق السعادة الدائمة من خلال فهم العقل وتدريبه. نمطنا المعتاد هو أن ننظر إلى العالم الخارجي للتحقق من الصحة والراحة التي تحدّد سعادتنا، لكن لا يمكننا التحكم في جميع الأحداث في حياتنا. بعض الأحداث تجعلنا نشعر بالسعادة والبعض الآخر يجعلنا بائسين. البعض يسبب الرفاهية والبعض الآخر يسبب التوتر. بشكل عام الأحداث والمواقف تحكم ما نشعر به، يعلمنا التأمل أنه حتى عندما تكون هناك تقلّبات في حياتنا يمكننا استخدام ممارسة اليقظة والوعي لتعميق فهمنا وتطوير الصفات الإيجابية والدائمة التي تؤدي إلى سعادة مستقرة. علاوة على ذلك نجد أيضاً أن هذه الرفاهية الشخصية لها تأثير مضاعف بشكل طبيعي يفيد الآخرين أيضاً.
فوائد تمارين التأمل والاسترخاء: الخلاصة
لا تقتصر فوائد تمارين التامّل والاسترخاء على التخفيف من الضغط النفسي والتوتر الناجم عن أعباء الحياة اليومية، بل تمتدّ لتشمل المساهمة في الوقاية وعلاج بعض المشاكل الصحية، مثل تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، المساهمة في علاج الأرق وصعوبة النوم عند ممارسة تمارين الاسترخاء قبل النوم، الحدّ من الشعور بالآلام المزمنة وكذلك الاكتئاب، تخفيف الشعور بالغثيان الناجم عن العلاج الكيميائي، المساهمة في تقليل طنين الأذن وآلام المفصل الصدغي وتخفيف آلام المخاض لدى النساء. كما تساهم تمارين الاسترخاء في الحدّ من التوتر والقلق اليومي، ولكن قد يستدعي إتقانها وملاحظة فاعليتها بعض الوقت والتدريب مع مدرّب متخصّص، لذا ينبغي عدم توقع الحصول على نتائج فورية.
من المفيد جداً الاطلاع إلى أفضل 5 أنظمة غذائية لدى شعوب العالم وِفق طبيبة.
*ملاحظة من "سيّدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج استشارة طبيب مختص.