نظراً لإيقاع الحياة السريع والضغوط اليومية، غالباً ما ننسى أبسط الأشياء التي تمنحنا التوازن والهدوء.
قد يبدو التنفس أمراً بديهياً لأننا نقوم به تلقائياً، لكن الحقيقة أن طريقة تنفسنا تؤثر بشكل مباشر وعميق على صحتنا النفسية والجسدية. ومن هنا تبرز أهمية تمارين التنفس، وبشكل خاص التنفس العميق.
اختصاصية علم النفس فانيسا حداد تُجيب قراء وقارئات "سيّدتي" على سؤال "ماذا يفعل التنفس العميق للجسم؟" من خلال الحوار الآتي:

ما هو التنفس العميق؟
التنفس العميق (أو التنفس البطني) هو نمط من التنفس يتم من خلال الحجاب الحاجز، حيث يُصار إلى سحب الهواء إلى الرئتين بشكل بطيء وعميق حتى يتمدد البطن، ثم يُصار إلى إخراج الهواء ببطء. وعلى عكس التنفس السطحي السريع، الذي يحدث غالباً في الجزء العلوي من الصدر، يتيح التنفس العميق استنشاق كمية أكبر من الأكسجين، مما ينعكس إيجابياً على الجسم والعقل.
ما هي الفوائد النفسية للتنفس العميق؟
- تقليل التوتر والقلق: عندما نشعر بالتوتر، يميل تنفسنا إلى أن يصبح سطحياً وسريعاً. هذا النمط من التنفس يُرسل إشارات إلى الدماغ بأننا في حالة خطر، مما يزيد من إفراز هرمونات التوتر مثل الكورتيزول. أما التنفس العميق، فهو يرسل إشارة معاكسة، تفيد بأن “كل شيء على ما يرام”، مما يساعد على تهدئة الجهاز العصبي وخفض مستويات القلق، وتحسين الصحة النفسية.
- تحسين التركيز والانتباه: يساعد التنفس العميق على توصيل الأكسجين بشكل أفضل إلى الدماغ، مما يعزز الوظائف المعرفية كالتركيز، والانتباه، واتخاذ القرار. ولهذا السبب يُستخدم في كثير من تقنيات التأمل واليقظة الذهنية (Mindfulness).
- مواجهة نوبات الهلع: الأشخاص الذين يعانون من نوبات هلع غالباً ما يشعرون بأنهم لا يستطيعون التنفس. من هنا فإن تعلم تقنيات التنفس العميق يمكن أن يساعدهم على استعادة السيطرة على أجسامهم وتهدئة الأعراض تدريجياً.
- دعم الاسترخاء والنوم: ممارسة التنفس العميق قبل النوم يساعد على تهدئة العقل، وتقليل الأفكار المزعجة، مما يُهيئ الجسم للدخول في حالة من الاسترخاء والاستعداد للنوم.
ماذا عن الفوائد الجسدية للتنفس العميق؟

- تحسين الدورة الدموية: التنفس العميق يعزز تدفق الدم عبر الجسم، ويساعد في توصيل الأكسجين بشكل أكثر كفاءة إلى الخلايا، مما يدعم الطاقة العامة ووظائف الأعضاء.
- تقوية الجهاز التنفسي: ممارسة التنفس العميق بانتظام يدرّب الرئتين على التوسع الكامل، ويحسّن من سعة الرئة وكفاءتها، وهو مفيد بشكل خاص للأشخاص الذين يعانون من الربو أو مشاكل تنفسية أخرى.
- دعم الجهاز المناعي: من خلال تقليل مستويات التوتر وتحسين وظائف الجسم، يساهم التنفس العميق في تعزيز مناعة الجسم ضد الأمراض.
- خفض ضغط الدم: التوتر هو أحد أسباب ارتفاع ضغط الدم. عبر التنفس العميق المنتظم، يمكن خفض التوتر وبالتالي المساعدة في الحفاظ على ضغط الدم ضمن المعدلات الطبيعية.
ما هي أفضل الطرق لممارسة تمارين التنفس العميق؟
إليك طريقة بسيطة يمكنك ممارستها في أي وقت:
- اجلسي أو استلقي في مكان هادئ ومريح.
- ضعي يداً على صدرك والأخرى على بطنك.
- خذي شهيقاً عميقاً من الأنف ببطء، حتى تشعري بأن بطنك يتمدد (وليس صدرك).
- احبسي النفس لثانيتين أو ثلاث.
- اخرجي الزفير ببطء من الأنف، واشعري بانكماش البطن.
- كرري هذه العملية من 5 إلى 10 مرات.
يمكن ممارسة هذا التمرين لعدة دقائق يومياً، أو في أي وقت تشعرين فيه بالضيق أو الحاجة لإعادة التوازن لنفسك.
تمارين التنفس
رغم بساطته، إلا أن التنفس العميق يُعتبر أداة قوية للغاية في مواجهة التوتر، وتعزيز الصحة النفسية والجسدية. في عالم يتسارع فيه كل شيء، يمكن لثوانٍ معدودة من التنفس الواعي أن تكون بمثابة استراحة عميقة تعيدك إلى لحظة الحاضر، وتذكّرك بأنك ما زلت هنا، وأنك بخير وعافية.
* ملاحظة من "سيّدتي" : قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج استشارة طبيب مختص.